الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال المالكية والحنابلة أيضاً بهذا الرأي (1).
كون الأجرة جزءاً من المعقود عليه:
قال الجمهور: تفسد الإجارة ولو استأجر السلاّخ بالجلد، والطحان بالنخالة أو بصاع من الدقيق؛ لأنه لا يعلم هل يخرج الجلد سليماً أو لا، وهل هو ثخين أو رقيق، وما مقدار الطحين، فقد تكون الحبوب مسوسة، فلا تصح الإجارة لجهالة العوض (2)، ولأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن عَسْب الفحل وعن قفيز الطحان (3)، وأجازه المالكية (4) لأنه استأجره على جزء من الطعام معلوم، وأجرة الطحان ذلك الجزء وهو معلوم أيضاً، وأجابوا عن الحديث بأن مقدار القفيز مجهول. ووافق الهادوية والإمام يحيى من الزيدية والمزني والحنابلة على هذا الرأي إذا كانت الأجرة بقدر من الدقيق معلوم. والمشهور لدى المالكية: أن الإجارة فاسدة في حالة استئجار السلاّخ بالجلد؛ لأنه لا يستحق جلد الشاة إلا بعد السلخ، ولا يدري هل يخرج سليماً أو مقطعاً؟ وهي فاسدة أيضاً باستئجار الطحان بنُخالة، لجهالة قدرها، فلو استأجره بقدر معلوم جاز، كما لو استأجر شخصاً بجلد مسلوخ معلوم على أن يسلخ له شاة.
مقابل الخلو:
إن ما يؤخذ اليوم مما يسمى (بالفروغ أو خلو الرجل أو اليد) لا مانع منه شرعاً في تقديري، فللمالك المؤجر أن يأخذ من المستأجر مقداراً مقطوعاً من المال مقابل الخلو أو الفروغ. ويعد المأخوذ جزءاً معجلاً من الأجرة المشروطة في العقد. وأما ما يدفع في المستقبل شهرياً أو سنوياً فهو بالإضافة إلى ما تم تعجيله يعد جزءاً آخر مكملاً من الأجرة مؤجل الوفاء.
(1) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه: 4 ص 13، الفروق للقرافي: 4 ص 4، مغني المحتاج: 2 ص 335، غاية المنتهى: 2 ص 192، المغني لابن قدامة: 5 ص 450، 453.
(2)
المغني: 405/ 5.
(3)
رواه الدارقطني والبيهقي عن أبي سعيد لكن في إسناده منكر الحديث (نيل الأوطار: 292/ 5).
(4)
بداية المجتهد: 222/ 2 ومابعدها، الشرح الصغير: 18/ 4 ومابعدها.
وأما ما يأخذه المستأجر من الفروغ مقابل تنازله عن اختصاصه بمنفعة العقار المأجور لشخص آخر يحل محله فهو جائز أيضاً إذا كانت مدة الإجارة باقية، وإلا كان غصباً حراماً، فقد صرح الشافعية أثناء كلامهم عن صيغة عقد البيع بما يقارب هذا المعنى فقالوا:«لا يبعد اشتراط الصيغة في نقل اليد في الاختصاص ـ أي عند التنازل عن حيازة النجاسات لتسميد الأرض ـ كأن يقول: رفعت يدي عن هذا الاختصاص، ولا يبعد جواز أخذ العوض عن نقل اليد، كما في النزول عن الوظائف» (1) إلا أن ذلك كله مقيد شرعاً ضمن مدة الإيجار المتفق عليها. وتنازل المستأجر لغيره بعوض بعد انتهاء المدة مرهون برضا المالك. وبالرغم من أن أصل المذهب الحنفي لا يجيز الاعتياض عن الحقوق المجردة كحق الشفعة، وكذا لا يجيز بيع الحق، فإن كثيراً من الحنفية أفتى بجواز النزول عن الوظائف بمال كالإمامة والخطابة والأذان ونحوها، وتستند هذه الفتوى إلى الضرورة وتعارف الناس وبالقياس على ترك المرأة قَسْمها لصاحبتها؛ لأن كلاً منهما مجرد إسقاط للحق، وقياساً على أنه يجوز لمتولي النظر على الأوقاف عزل نفسه عند القاضي، ومن العزل: الفراغ لغيره عن وظيفة النظر أو غيره، وقد جرى العرف بالفراغ بعوض (2).
هذا وقد وجدت رسالة للمتأخرين من علماء المالكية بعنوان (جملة تقارير وفتاوى في الخلوات والإنزالات (3) عند التونسيين) لمفتي المالكية إبراهيم الرياحي
(1) حاشية البجيرمي على شرح الخطيب «الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع» : 3 ص 3، مطبعة البابي الحلبي.
(2)
الدر المختار ورد المحتار: 4 ص 15.
(3)
الخلو والإنزال والجلسة بمعنى واحد: وهو المنفعة التي يملكها دافع الدراهم لمالك الأصل مع بقاء ملكه للرقبة. فإن كانت الرقبة التي هي الأصل أرضاً عبر عن تلك المنفعة بالإنزال في اصطلاح بعض الناس. وإن كانت في حوانيت أو دور عبر عنها بالخلو في غير اصطلاح أهل فاس، وفي اصطلاحهم يعبر عنها في الحوانيت بالجلسة.