الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبدأ وحدة
الصفقة
وتفرقها:
الصفقة: ضرب اليد على اليد في البيع، والبيعة للإمام، ثم جعلت عبارة عن العقد نفسه (1). قال النووي: الصفقة: هي عقد البيع، لأنه كان من عادتهم أن يضرب كل واحد من المتعاقدين يده على يد صاحبه عند تمام العقد (2).
والعقد يحتاج في تكوينه كما هو معلوم إلى مبيع، وثمن، وبائع، ومشتر، وبيع وشراء. وباتحاد بعض هذه الأشياء مع بعض وتفرقها، يحصل اتحاد الصفقة، وتفريقها (3).
وقد اتفق العلماء على ضرورة اتحاد الصفقة من حيث المبدأ، لأن من شرائط انعقاد البيع الشرط المذكور قريباً: وهو أن يكون القبول موافقاً للإيجاب، إلا أن هناك اختلافات جزئية في تحقيق هذا المبدأ أو عدم تحقيقه أي تفريق الصفقة.
فقال
الحنفية
(4): لا بد من معرفة ما يوجب اتحاد الصفقة وتفريقها، وذلك إما بسبب العاقدين أو بسبب المبيع.
أـ أما بالنسبة للعاقدين: فإن اتحد شخص الموجب سواء أكان بائعاً، أم مشترياً، وتعدد القابل المخاطب، لم يجز للقابلين تفريق الصفقة بأن يقبل أحدهما البيع دون الآخر. وإن انعكس الأمر فتعدد الموجب واتحد القابل، لم يجز للقابل القبول في حصة أحد الموجبين دون الآخر. مثل الحالة الأولى: أن يقول البائع لمشتريين: بعتكما هذه السلعة بألف ليرة، فقال أحدهما: اشتريت، ولم يقبل
(1) العناية بهامش فتح القدير: 5 ص 80.
(2)
المجموع للنووي: 9 ص 425.
(3)
العناية، المكان السابق، المجموع: 9 ص 432 ومابعدها.
(4)
فتح القدير: 80/ 5، البدائع: 136/ 5 ومابعدها، رد المحتار لابن عابدين: 20/ 4.
الآخر، كانت الصفقة متعددة، فلم ينعقد العقد إلا باتفاق جديد. ومثل الحالة الثانية: أن يقول شخص لمالكي سلعة: اشتريت منكما هذه السلعة بألف ليرة مثلاً، فباعه أحدهما دون الآخر، فإن الصفقة تتعدد في هذه الحالة، فلا ينعقد العقد.
ب ـ وأما بالنسبة للمبيع: فإن اتحد العاقدان، وقبل أحدهما في بعض المبيع دون بعض، لم يصح العقد، لتفرق الصفقة.
وإن اتحد العاقدان، وتعدد المبيع، فإما أن يكون المبيع مثليين أو مثليا وقيمياً وفي كلتا الحالتين لايجوز للمشتري أن يقبل في أحد المبيعين، ويرفض الآخر، فإن فعل، تعددت الصفقة، وحينئذ لا يتم البيع إلا برضا جديد من البائع بما قبل به المشتري، فيصبح القبول إيجاباً، والرضا قبولاً، ويبطل الإيجاب الأول.
غير أن هناك فرقاً بين الحالتين: وذلك في قسمة الثمن على أجزاء المبيع وفي وحدة الصفقة وتعددها. فإذا كان المبيع مثليين كقفيزين من أرز أو كمدين من حنطة أو رطلين من حديد، وقبل المشتري في أحدهما، انقسم الثمن بنسبة أجزاء المبيع، فيكون ثمن الجزء الذي تم فيه المبيع في هذا المثال نصف الثمن الأصلي المذكور لجزئي المبيع؛ لأن الثمن في المثليات ينقسم على المبيع باعتبار الأجزاء، فكانت حصة كل جزء من الثمن معلوماً. وتكون الصفقة عندئذ واحدة. ويشبه المثليات (المكيل والموزون) في قسمة الثمن عليه بالأجزاء ما إذا كان المبيع شيئاً واحداً كحيوان واحد.
وإذا كان المبيع من غير المثليات أي القيميات كثوبين ودابتين، لا ينقسم الثمن على المبيع باعتبار الأجزاء، لعدم تماثل الأجزاء، وإذا لم ينقسم الثمن في هذه الحالة، بقيت حصة كل واحد من جزئي المبيع من الثمن مجهولة، وجهالة الثمن
تمنع صحة البيع. فإن أريد تصحيح الصفقة فلا بد من أحد أمرين:
إما أن يكرر البائع لفظ البيع بأن يقول: بعتك هذين الثوبين، بعتك هذا بألف، وبعتك هذا بألف، أو اشتريت منك هذين المتاعين، اشتريت هذا بمئة، واشتريت هذا بمئة، فيصح العقد، ويصبح هنا صفقتان.
وإما أن يفرق الثمن على أجزاء المبيع، بأن يقول البائع: بعتك هذين الكتابين، هذا بمئة، وهذا بخمسين، فقبل المشتري في أحدهما، جاز البيع لانعدام تفريق الصفقة الواحدة من المشتري، بل البائع هو الذي فرق الصفقة، حيث سمى لكل واحد من المبيعين ثمناً على حدة، فكانت هذه الحالة صفقات معنى، وإلا لو كان غرض البائع ألا يبيع المبيعين للمشتري إلا جملة واحدة، لم تكن هناك فائدة لتعيين ثمن كل منهما على انفراد.
وإذا تطابق الإيجاب والقبول، لزم البيع، ولا خيار لواحد من العاقدين إلا بسبب وجود عيب أو عدم رؤية للمبيع. نصت المادة (351) من المجلة على ما يأتي:«ما بيع صفقة واحدة إذا ظهر بعضه معيباً: فإن كان قبل القبض، كان المشتري مخيراً: إن شاء رد مجموعه، وإن شاء قبله بجميع الثمن، وليس له أن يرد المعيب وحده، ويمسك الباقي. وإ ن كان بعد القبض: فإذا لم يكن في التفريق ضرر، كان له أن يرد المعيب بحصته من الثمن سالماً، وليس له أن يرد الجميع حينئذ مالم يرضَ البائع. وأما إذا كان في تفريقه ضرر، رد الجميع، أو قبل الجميع بكل الثمن، مثلاً: لو اشترى قلنسوتين بأربعين قرشاً، فظهرت إحداهما معيبة قبل القبض، يردهما معاً، وإن كان بعد القبض يرد المعيبة وحدها بحصتها من الثمن سالمة، ويمسك الثانية بما بقي من الثمن. أما لو اشترى زوجي خف، فظهر أحدهما معيباً بعد القبض، كان له ردهما معاً للبائع، وأخذ ثمنهما منه» .