الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باختياره في حدود نسبة مئوية كل سنة، ليحصل على تعويض إجمالي عند الإحالة على التقاعد أو المعاش، فكل هذه المدفوعات لا ينظر إليها نظرة ربوية، وإن أخذ الموظف أو العامل أكثر مما دفع؛ لأن المدفوع في الحقيقة يعد تبرعاً أو هبة مبتدأة وتعاوناً من قبل المشتركين في الصندوق التقاعدي أو التأمينات الاجتماعية، والتي هي إحدى مؤسسات الدولة.
4 - بيع النجس والمتنجس:
قال الحنفية: لا ينعقد بيع الخمر والخنزير والميتة والدم؛ لأنها ليست بمال أصلاً. ويكره بيع العَذِرة، ولا بأس ببيع السرقين أو السرجين: وهو (الزبل) وبيع البعر، لأنه منتفع به، لأنه يلقى في الأرض لاستكثار الريع، فكان مالاً، والمال محل للبيع بخلاف العذرة، لأنه لا ينتفع بها إلا مخلوطة، ويجوز بيع المخلوط كالزيت الذي خالطته النجاسة.
ويصح عندهم بيع كل ذي ناب من السباع، كالكلب والفهد والأسد والنمر والذئب والهر ونحوهما؛ لأن الكلب ونحوه مال، بدليل أنه منتفع به حقيقة، مباح الانتفاع به شرعاً على الإطلاق كالحراسة والاصطياد، فكان مالاً. ويصح بيع الحشرات والهوام كالحيات والعقارب إذا كان ينتفع به.
ويصح بيع المتنجس والانتفاع به في غير الأكل كالدبغ والدهان والاستضاءة به في غير المسجد، ما عدا دهن الميتة، فإنه لا يحل الانتفاع به.
والضابط عندهم: أن كل ما فيه منفعة تحل شرعاً، فإن بيعه يجوز (1)، لأن الأعيان خلقت لمنفعة الإنسان، بدليل قوله تعالى:{خلق لكم ما في الأرض جميعاً} [البقرة:29/ 2].
(1) البدائع: 5 ص 142 ومابعدها، فتح القدير: 5 ص 188، 8 ص 122، الفقه على المذاهب الأربعة: 2 ص 231 ومابعدها.
وقال المالكية: لا ينعقد بيع الخمر والخنزير والميتة لحديث جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ورسوله حرما بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه ـ أذابوه ـ ثم باعوه فأكلوا ثمنه» (1) وقال في الخمر: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها» (2).
ولا ينعقد بيع الكلب مع كونه طاهراً، سواء أكان كلب صيد أم حراسة، لأنه نهي عن بيعه، ففي الحديث:«نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن» (3). وقال سحنون: أبيعه وأحج بثمنه.
ولا ينعقد بيع المتنجس الذي لا يمكن تطهيره، كزيت وعسل وسمن وقعت فيه نجاسة. أما المتنجس الذي يمكن تطهيره، كثوب، فإنه يجوز بيعه.
ولا ينعقد أيضاً بيع ما نجاسته أصلية كزبل ما لا يؤكل لحمه، وكعذرة وعظم ميتة، وجلدها، ويصح بيع روث البقر وبعر الغنم والإبل ونحوها للحاجة إليها لتسميد الأرض وغيره من ضروب الانتفاع (4).
(1) رواه أصحاب الكتب الستة وأحمد والموطأ عن جابر بن عبد الله (انظر جامع الأصول: 1 ص 375، سبل السلام: 3 ص 5).
(2)
رواه مسلم والموطأ النسائي عن عبد الرحمن بن وعلة رحمه الله أن ابن عباس روى له هذا الحديث (انظر جامع الأصول: 1 ص 377).
(3)
رواه أصحاب الكتب الستة وأحمد عن أبي مسعود الأنصاري ـ عقبة بن عمرو (انظر نيل الأوطار: 5 ص 143، نصب الراية: 4 ص 52).
(4)
حاشية الدسوقي: 3 ص 10 ومابعدها، الحطاب على متن خليل: 4 ص 258 ومابعدها، بداية المجتهد: 2 ص 125 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص 246.
وقال الشافعية والحنابلة: لا يجوز بيع الخنزير والميتة والدم والخمر، وما أشبه ذلك من النجاسات، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إن الله ورسوله حرم (1) بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام» ولأنه يجب اجتناب النجس وعدم الاقتراب، والبيع وسيلة إلى الاقتراب (2).
ولا يجوز بيع الكلب ولو كان معلَّماً للنهي الوارد فيه في الحديث السابق: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب .. » .
ولا يصح بيع ما لا منفعة فيه كالحشرات وسباع البهائم التي لا تصلح للاصطياد، كالأسد والذئب، والطيور التي لا تؤكل، ولا تصطاد، كالرخمة والحدأة والغراب؛ لأن ما لا منفعة فيه لا قيمة له، فأخذ العوض عنه من أكل المال بالباطل، وبذل العوض فيه من السفه.
ولا يجوز بيع المتنجس الذي لا يمكن تطهيره من النجاسة كالخل والدبس، ولكن يصح بيع المتنجس الذي يمكن تطهيره كالثوب ونحوه.
ولا يجوز بيع السرجين ونحوه من النجاسات (3)، إلا أن الحنابلة أجازوا بيع السرجين الطاهر كروث الحمام وكل ما يؤكل لحمه.
والخلاصة: أن فقهاء الحنفية والظاهرية يجيزون بيع النجاسات للانتفاع بها إلا ما ورد النهي عن بيعه منها؛ لأن جواز البيع يتبع الانتفاع، فكل ما كان منتفعاً به
(1) رواية الصحيحين هكذا بإفراد الضمير، وفي بعض الطرق «إن الله حرم» وفي رواية سبق ذكرها «إن الله ورسوله حرما» .
(2)
وهناك طريقة عند الشافعية لمبادلة النجاسات المنتفع بها وهي طريقة (رفع اليد) بأن يقول البائع: رفعت يدي عن هذا الشيء بكذا.
(3)
المهذب: 1 ص 261، مغني المحتاج: 2 ص 11، المغني: 4 ص 251، 255 ومابعدها، غاية المنتهى: 2 ص 6 ومابعدها، أصول البيوع الممنوعة: ص 41.