الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا كان الأجير مشتركاً فلابد من بيان المعمول فيه إما بالإشارة والتعيين، أو ببيان الجنس والنوع والقدر والصفة، فلو استأجر شخص حفاراً لحفر بئر فلا بد من بيان مكان الحفر وعمق البئر ونوعها وعرضها؛ لأن عمل الحفر يختلف باختلاف هذه الأوضاع (1).
تعيين المدة والعمل:
إذا كان لا بد من تعيين المدة في إجارة المنافع كإجارة المنازل ونحوها، وتعيين نوع العمل في الإجارة على الأعمال كالخياطة ونحوها، فهل يجوز الجمع بين اشتراط المدة والعمل معاً؟
قال الحنفية: لا يشترط في إجارة المنافع تعيين العمل، فلو استأجر رجل داراً أو حانوتاً، ولم يسم ما يعمل فيه، جازت الإجارة، وله أن يسكن فيه بنفسه مع غيره، وله أن يسكن فيه غيره بالإجارة والإعارة، وله أن يضع فيه متاعاً وغيره، غير أنه لا يستعمل البناء بما يضره ويوهنه ولا يجعل فيه حداداً ولا قصاراً ولا طحاناً؛ لأن العقد المطلق عن الشرط مقيد بالعرف المألوف.
وأما في الإجارة على الأعمال، فيشترط بيان المدة في استئجار الراعي المشترك لأن قدر المعقود عليه لا يصير معلوماً بدونه. وأما في استئجار القصار المشترك والخياط المشترك، فلا يشترط بيان المدة؛ لأن المعقود عليه يصير معلوماً بدونه. وأما الأجير الخاص، فلا يشترط في العقد معه بيان جنس المعمول فيه ونوعه وقدره وصفته، وإنما يشترط بيان المدة فقط. وكذلك يشترط بيان المدة في استئجار الظئر.
واختلف أبو حنيفة مع صاحبيه في اجتماع المدة مع العمل (2)، فقال
(1) البدائع: 4 ص 184، المبسوط: 16 ص 47.
(2)
راجع البدائع: 4 ص 184 ومابعدها.
أبو حنيفة: متى تعينت المدة لم يجز تقدير العمل. وقال الصاحبان: يجوز التقدير بهما معاً. وعلى هذا: إذا قال رجل لآخر: استأجرتك لتخيط هذا الثوب اليوم، أو لتقصر هذا الثوب اليوم، أو لتخبز قفيز دقيق اليوم، فالإجارة فاسدة عند أبي حنيفة. وجائزة عند الصاحبين.
وإذا استأجر شخص دابة إلى بلد أياماً معينة، فالإجارة فاسدة عند الإمام. وعند صاحبيه جائزة.
وجه قول الصاحبين: أن المعقود عليه هو العمل لأنه هو المقصود، والعمل معلوم، والقصد من ذكر المدة هو التعجيل، فلم تكن المدة معقوداً عليها، فلا يمنع ذكرها جواز العقد. وإذا وقعت الإجارة على العمل: فإن فرغ الأجير منه قبل تمام المدة فله كمال الأجر، وإن لم يفرغ منه في اليوم، فعليه أن يعمله في الغد.
ووجه قول أبي حنيفة: أن المعقود عليه مجهول، لأن العاقد ذكر أمرين: هما العمل والمدة، وكل واحد منهما يجوز أن يكون معقوداً عليه، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد. هذا مع العلم بأنه لا يمكن الجمع بين العمل والمدة في كون كل واحد منهما معقوداً عليه؛ لأن حكمهما مختلف؛ إذ أن العقد على المدة يقتضي وجوب الأجر من غير عمل؛ لأن الأجير يصبح أجيراً خاصاً؛ والعقد على العمل يقتضي وجوب الأجر بالعمل؛ لأن الأجير يصبح أجيراً مشتركاً، فكان المعقود عليه أحدهما، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فكان المعقود عليه مجهولاً.
وقال الحنابلة: إذا عقدت الإجارة على عمل كبناء حائط، وخياطة قميص، وحمل إلى موضع معين، فإذا كان المأجور مما له عمل ينضبط كالحيوان، جاز تقدير إجارته بمدة وعمل؛ لأن المأجور له عمل تتقدر منافعه به. وإن لم يكن المأجور له عملاً كالدار والأرض، لم تجز إجارته إلا على مدة، ومتى تقدرت المدة، لم يجز