الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظلفها، وهو في الأصل خف البعير، فاستعير للشاة، وقوله أيضاً:«العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه» (1).
والسنة: المكافأة على الهبة حينما يتيسر ذلك للموهوب له، لما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ويثيب عليها» .
وانعقد الإجماع على استحباب الهبة بجميع أنواعها، قال الله تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة:2/ 5]. وهي للأقارب أفضل؛ لأن فيها صلة الرحم (2)، ولقوله تعالى:{واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} [النساء:1/ 4] ولما أخرجه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن يُبْسَط له في رزقه، ويُنْسأ له في أثره، فليصل رحمه» وبسط الرزق: التوسعة فيه والمباركة له فيه. وينسأ له في أثره: يطيل الله عمره ويؤخر له فيه.
واتفق الأئمة على أن الهبة تصح بالإيجاب والقبول والقبض، وأجمعوا على أن الوفاء بالوعد في الخير مطلوب، وعلى أن تخصيص بعض الأولاد بالهبة مكروه، وكذا تفضيل بعضهم على بعض (3).
المبحث الثاني ـ ركن الهبة:
ركن الهبة عند الحنفية: هو الإيجاب والقبول قياساً؛ لأنه عقد كالبيع، وكذا
(1) أخرجه أصحاب الكتب الستة عن ابن عباس ولفظه: «ليس لنا مثل السوء: الذي يعود في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه» وفي رواية: «كالكلب يقيء، ثم يعود فيه فيأكله» وفي رواية أبي داود: «العائد في هبته كالعائد في قيئه» قال قتادة: «ولا نعلم القيء إلا حراماً» (راجع جامع الأصول: 265/ 12، نصب الراية: 126/ 4).
(2)
المبسوط: 47/ 12 ومابعدها، والمراجع السابقة قبل تخريج هذه الأحاديث.
(3)
الميزان للشعراني: 99/ 2، فتح القدير، المرجع السابق.
القبض ركن كما في المبسوط؛ لأنه لا بد منه لثبوت الملك، بخلاف البيع. واستحساناً عند الكاساني وبعض الحنفية: ليس القبول من الموهوب له ركناً، وإنما الركن فقط هو الإيجاب من الواهب؛ لأن الهبة في اللغة عبارة عن مجرد إيجاب المالك من غير شرط القبول، وإنما القبول لثبوت حكمها أي الأثر المترتب عليها، وهو نقل الملكية. وفائدة الاختلاف تظهر فيمن حلف: لا يهب هذا الشيء لفلان، فوهبه منه، فلم يقبل: يحنث استحساناً، ولا يحنث قياساً، وأكثر شراح الحنفية (1) على أن الهبة تتم بالإيجاب وحده في حق الواهب، وبالإيجاب والقبول في حق الموهوب له؛ لأن الهبة عقد تبرع، فيتم بالمتبرع كالإقرار والوصية، لكن لا يملكه الموهوب له إلا بالقبول والقبض، لكن نصت المادة 837 من المجلة على أنه «تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول، وتتم بالقبض» . وأركان الهبة عند الجمهور (2) أربعة: هي الواهب، والموهوب له، والموهوب، والصيغة.
أما الواهب: فهو المالك إذا كان صحيحاً مالكاً أمر نفسه. فإن وهب المريض ثم مات، كانت هبته في ثلث تركته عند الجمهور. وأما الموهوب له: فهو كل إنسان ويجوز أن يهب الإنسان ماله كله لأجنبي اتفاقاً. وأما هبة جميع ماله لبعض ولده دون بعض أو تفضيل بعضهم على بعض في الهبة، فمكروه عند الجمهور، وإن وقع جاز.
وأما الموهوب: فكل مملوك.
وأما الصيغة: فكل ما يقتضي الإيجاب والقبول من قول وفعل كلفظ الهدية والهبة والعطية والنحلة، وشبه ذلك.
(1) المبسوط: 57/ 12، البدائع: 115/ 6، العناية على تكملة فتح القدير معها: 113/ 7 ومابعدها، حاشية ابن عابدين: 531/ 4، تكملة ابن عابدين: 329/ 2.
(2)
القوانين الفقهية: ص 366، الدسوقي: 97/ 4 ومابعدها.