الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال
زفر والشافعية والظاهرية والزيدية والإمامية:
يشترط خلط المالين بحيث لا يتميز أحدهما عن الآخر، ولا بد من كون الخلط قبل العقد، فإن وقع بعده لم يكف في الأصح؛ لأن الشركة تعني الاختلاط، والاختلاط لا يتحقق مع تميز المالين، فلا يتحقق معنى الشركة، ولأن من أحكام الشركة أن الهلاك يكون من المالين، وإذا هلك أحد المالين قبل الخلط يهلك على صاحبه وحده، وهذا ليس من مقتضى الشركة (1).
ويترتب على هذا الخلاف: أن الشركة تصح عند الجمهور إذا كان المالان من جنسين مختلفين كدراهم ودنانير، أو من جنس واحد لكن بصفتين مختلفتين كحنطة جديدة وحنطة عتيقة، أو بيضاء وسوداء، أو بيضاء وحمراء، إذ لا يشترط عندهم خلط المالين.
ولا يصح ذلك عند الشافعية وزفر، لإمكان التمييز وإن كان فيه عسر، لأنه يشترط خلط المالين خلطاً تاماً بحيث يتعذر التمييز بين المالين، وهو لا يتحقق في مختلفي الجنس أو الصفة.
قال ابن رشد المالكي: «والفقه أن بالاختلاط يكون عمل الشريكين أفضل وأتم؛ لأن النصح يوجد منه لشريكه كما يوجد لنفسه» (2).
2 - أن يكون رأس مال الشركة أثماناً مطلقة
(3) أي نقوداً وهي الدراهم والدنانير في الماضي، والنقود المتداولة الآن. وهذا الشرط عند جمهور العلماء (4)
(1) مغني المحتاج: 213/ 2،المهذب: 345/ 1، المنتزع المختار: 354/ 3.
(2)
بداية المجتهد: 250/ 2.
(3)
وهي التي لا تتعين بالتعيين.
(4)
البدائع: 59/ 6، فتح القدير: 14/ 5، تبيين الحقائق: 316/ 3، مختصر الطحاوي: 107، المبسوط: 159/ 11 ومابعدها، مغني المحتاج: 213/ 2، المغني: 13/ 5ومابعدها، المهذب: 345/ 1، رد المحتار: 372/ 3، الخرشي: 40/ 6، ط ثانية.
فلا تجوز الشركة في العروض (1) من عقار أو منقول، لأنها ليست من ذوات الأمثال، وإنما هي من ذوات القيمة التي تختلف باختلاف أعيانها، والشركة فيها تؤدي إلى جهالة الربح عند قسمة مال الشركة؛ لأن رأس المال يتكون من قيمة العروض لا عينها، والقيمة مجهولة؛ لأنها تعرف بالحزر والظن، وهو يختلف باختلاف التقويم، فيصير الربح مجهولاً؛ فيؤدي إلى المنازعة عند القسمة. ثم إن الشركة تتضمن الوكالة، والوكالة لا تصح في العروض، فلو قال شخص لغيره: بع عرضك (أي متاعك أو دارك) على أن يكون ثمنه بيننا، لا يجوز إذ الولاية عليه له وحده دون غيره، أما لو قال: اشتر بألف درهم من مالك على أن ما اشتريته يكون بيننا، وأنا أشتري بألف درهم من مالي على أن ما أشتري يكون بيننا، جاز؛ لأن الشركة تكون في النقود.
وقال الإمام مالك: لا يشترط كون رأس مال الشركة نقداً، وإنما تصح الشركة في الدراهم والدنانير، كما تصح في العروض سواء اتفقا جنساً أو اختلفا، وتكون الشركة في العروض مقدرة بقيمتها، ودليله أن الشركة عقدت رأس مال معلوم، فأشبه النقود (2).
ويترتب على هذا الشرط عند الحنفية في الرواية الراجحة، وعند الحنابلة: أنه لا تصح الشركة في التبر (أي ما لم يضرب من الذهب والفضة) والنُقرة (أي القطعة المذابة من الذهب أو الفضة) بناء على أنه كالعروض.
أما في الرواية الأخرى عند الحنفية فتجوز الشركة فيه؛ لأنه كالأثمان المطلقة، والمدار على تعامل الناس به، فإذا تعاملوا به فحكمه حكم النقود، وإن لم يتعاملوا
(1) قال في القاموس: العرض (أي بسكون الراء): المتاع، ويحرك أي يفتح الراء.
(2)
الشرح الكبير: 349/ 3، بداية المجتهد: 249/ 2.