الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريض المرء نفسه أو ماله للهلاك من غير أن يعرف.
وبيع الغرر: هو بمعنى مغرور اسم مفعول، فهو من إضافة المصدر إلى اسم المفعول. ورجح بعضهم (1) أن الإضافة هنا من إضافة الموصوف إلى صفته، أو من إضافة المصدر إلى نوعه، ولايصح جعل الإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله، كما يقول ابن تيمية، لأنه يترتب على هذا كون الغرر خاصاً بمحل العقد، وليس كذلك، فإن من الغرر المنهي عنه باتفاق الفقهاء مايرجع إلى الصفة التي وقع عليها العقد، كبيع الحصاة. أما إذا جعلنا الإضافة إلى الصفة أو نوع المصدر، فإن النهي يعم كل بيوع الغرر، سواء أكان الغرر في محل العقد كبيع الطير في الهواء، وشاة من قطيع، أم في صيغته كالبيعتين في بيعة، والشرطين في بيع وبيع العربان، وبيع الحصاة ونحوها. والغرر لغة: معناه الخداع الذي هو مظنة ألا رضا به عند تحققه، فيكون من أكل المال بالباطل (2). والغرر فقهاً يتناول الغش والخداع والجهالة بالمعقود عليه، وعدم القدرة على التسليم. قال الصنعاني: يتحقق بيع الغرر في صور: إما بعدم القدر ة على التسليم كبيع الفرس النافر والجمل الشارد، أو بكونه معدوماً أو مجهولاً، أو لا يتم ملك البائع له، كالسمك في الماء الكثير، وغيرها من الصور (3).
الغرر في اصطلاح الفقهاء:
ذكر فقهاء المذاهب تعريفات للغرر متقاربة نسبياً، منها:
قال السرخسي الحنفية: الغرر: ما يكون مستور العاقبة (4).
(1) انظر رسالة الزميل الدكتور الصدّيق الأمين «الغرر وأثره في العقود» ص 62.
(2)
سبل السلام: 3 ص 15.
(3)
المرجع السابق، القوانين الفقهية: ص 256.
(4)
المبسوط: 12 ص 194.
وقال القرافي من المالكية: أصل الغرر: هو الذي لا يدرى هل يحصل أم لا كالطير في الهواء والسمك في الماء (1).
وقال الشيرازي الشافعي: الغرر: ما انطوى عنه أمره وخفي عليه عاقبته (2).
وقال الإسنوي الشافعي: الغرر: هو ما تردد بين شيئين أغلبهما أخوفهما (3).
وقال ابن تيمية: الغرر هو المجهول العاقبة. وقال ابن القيم: هو ما لا يقدر على تسليمه، سواء أكان موجوداً أو معدوماً كبيع العبد الآبق، والبعير الشارد، وإن كان موجوداً (4).
وقال ابن حزم: ما لا يدري المشتري ما اشترى، أو البائع ما باع (5).
والخلاصة: أن بيع الغرر: هو البيع الذي يتضمن خطراً يلحق أحد المتعاقدين، فيؤدي إلى ضياع ماله (6). وعرفه الأستاذ الزرقاء فقال: هو بيع الأشياء الاحتمالية غير المحققة الوجود أو الحدود، لما فيه من مغامرة وتغريريجعله أشبه بالقمار. والغرر الذي يبطل البيع: هو غرر الوجود: وهوكل ما كان المبيع فيه محتملاً للوجود والعدم. أما غرر الوصف فمفسد للبيع (7)، كما عرفنا في شرائط الصحة.
الغرر إذن: هو الخطر بمعنى أن وجوده غير متحقق، فقد يوجد وقد لا
(1) الفروق: 3 ص 265.
(2)
المهذب: 1 ص 262.
(3)
نهاية السول شرح منهاج الأصول: 2 ص 89.
(4)
أعلام الموقعين: 2 ص 9، الفتاوى لابن تيمية: 3 ص 275.
(5)
المحلى: 396/ 8.
(6)
أصول البيوع الممنوعة: ص 130.
(7)
المدخل الفقهي العام له: 1 ص 97، عقد البيع له أيضاً، حاشية ص 20.