الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحصة في الملك، ولا يجوز أن يزيد أحدهما على ربح حصته شيئاً؛ لأن الربح في هذه الشركة يستحق بقدر ضمان ثمن السلع المشتراة (1) بالمال والعمل، والضمان يكون بقدر الحصة في الملك، فيكون الربح بقدر ذلك، فإن زاد الربح على مقدار الضمان، زاد بلا مقابل وهو لا يجوز.
وأما الخسارة: فهي على قدر ضمان كل من الشركاء اتفاقاً.
ثالثاً ـ تعريف شركة الأعمال أو الأبدان:
وهي أن يشترك اثنان على أن يتقبلا في ذمتهما عملاً من الأعمال، ويكون الكسب بينهما كالخياطة والحدادة والصباغة ونحوها، فيقولا: اشتركنا على أن نعمل فيه على ما رزق الله عز وجل من أجرة، فهو بيننا على شرط كذا، وهي المعروفة بشركة الحمالين وسائر المحترفة كالخياطين والنجارين والدلاّلين
(السماسرة)
ليكون بينهما كسبهما متساوياً أو متفاوتاً، سواء اتحدت حرفتهما كنجار ونجار، أو اختلفت كخياط ونجار. وتسمى شركة الصنايع وشركة التقبل وشركة الأبدان وشركة الأعمال. وهي اليوم شائعة في ورشة الحدادة أو النجارة ونحوهما، وتعتبر شركة التنقيب عن النفط وشركة التفريغ والشحن ونحوها من شركات الأعمال.
وهي جائزة عند المالكية والحنفية والحنابلة والزيدية؛ لأن المقصود منها تحصيل الربح، وهو ممكن بالتوكيل، وقد تعامل الناس بها ولأن الشركة تكون بالمال، أو بالعمل كما في المضاربة، وهذا هنا عمل من الأعمال (2). وقال ابن مسعود:
(1) أي أن كل شريك يعد ضامناً لحصة من الثمن بقدر مايخصه من الملك.
(2)
البدائع: 57/ 6، 76، فتح القدير: 28/ 5، مختصر الطحاوي: 107، المبسوط: 154/ 11 ومابعدها، مجمع الضمانات: 303، رد المحتار: 380/ 3، بداية المجتهد: 252/ 2، المغني: 3/ 5، 11، الخرشي: 38/ 6، 51 - 53، الشركات للأستاذ الخفيف: 99، القوانين الفقهية: 284، غاية المنتهى: 180/ 2.
«اشتركت أنا وعمار وسعد يوم بدر، فأصاب سعد أسيرين. ولم أصب أنا وعمار شيئاً، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم علينا» (1). فهذه شركة فيما يصيبون من سلَب في الحرب.
إلا أن المالكية يشترطون لصحة هذه الشركة اتحاد الصنعة وإن كان العمل بمكانين، فتجوز بين محترفي صنعة واحدة، ولا تجوز بين مختلفي الصنائع إلا إذا كان عَمَلا الشريكين متلازمين، بأن يتوقف وجود عمل أحدهما على وجود عمل الآخر كنساج وغزال. ويشترطون أيضاً لها الاتفاق في العقد على اقتسام الربح بقدر عمل كل من الشريكين، ولا يضر التبرع بعد ذلك، وتفسد الشركة إن شرطا التفاوت في الربح، ويكفي فيه التقارب عرفاً بين الربح والعمل، ولا يضر التفاوت اليسير في العمل مع كون الربح بينهما بالسوية.
ويرى الحنابلة جواز هذه الشركة حتى في المباحات كالحطب والحشيش ونحوهما، فتجوز عندهم فيما يشترك فيه الشريكان بأبدانهما من مباح كالاحتشاش والاصطياد والتلصص على دار الحرب، وأخذ سلَب قتلى الحرب، إلا أنهم قالوا: لا تصح شركة الدلالين.
وقال الشافعية والإمامية وزفر من الحنفية: هي شركة باطلة؛ لأن الشركة تختص عندهم بالأموال لا بالأعمال (2)؛ لأن العمل لا ينضبط، فكان فيه غرر
(1) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي عبيدة عن عبد الله، قال ابن تيمية في «منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار» عن هذا الحديث:«وهو حجة في شركة الأبدان وتملك المباحات» (راجع جامع الأصول: 108/ 6، نيل الأوطار: 265/ 5).
(2)
أبطل القانون المدني هذه الشركات لأنها لا تقوم على رأس مال، فلا يجوز أن يكون رأس مال الشركة عبارة عن مجرد أعمال الشركاء، وإنما يجب أن يتضمن جزءاً ما دياً.