الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين، والصديقين، والشهداء» قال الترمذي: «هذا حديث حسن» .
وأجمع المسلمون على جواز البيع، والحكمة تقتضيه؛ لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه، وصاحبه لا يبذله بغير عوض، ففي تشريع البيع طريق إلى تحقيق كل واحد غرضه ودفع حاجته، والإنسان مدني بالطبع، لايستطيع العيش بدون التعاون مع الآخرين.
والأصل في البيوع الإباحة، قال الإمام الشافعي:«فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بماوصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى» أي في قوله سبحانه: {وأحل الله البيع} [البقرة:275/ 2] وقوله: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء:29/ 4].
آداب البيع:
للبيع آداب كثيرة منها:
1 -
عدم المغالاة في الربح: إن الغبن الفاحش في الدنيا ممنوع بإجماع الشرائع، إذ هو من باب الخداع المحرَّم شرعاً في كل ملة، لكن اليسير منه الذي لا يمكن الاحتراز عنه لأحد أمر جائز، إذ لو حكمنا برده ما نفذ بيع أبداً، لأنه لا يخلو منه بيع عادة. فإن كان الغبن كثيراً أمكن الاحتراز منه، فوجب رد البيع به. وقدر علماء المالكية الغبن الكثير بالثلث فأكثر؛ لأنه المشروع في الوصية وغيرها (1)، فيكون الربح الطيب المبارك فيه ما كان بقدر الثلث فأكثر.
(1) أحكام القرآن لابن العربي 1804/ 4.
2 -
صدق المعاملة: بأن يصف البضاعة بوصفها الحقيقي، دون كذب في الإخبار عن نوعها وجنسها ومصدرها وتكاليفها، أخرج الترمذي عن رفاعة حديثاً:«إن التجار يبعثون يوم القيامة فجّاراً إلا من اتقى الله وبرَّ وصَدَق» والبر: الإحسان في المعاملة. وأخرج الترمذي الحديث السابق عن الخدري: «التاجر الصدوق .. » .
3 -
السماحة في المعاملة: بأن يتساهل البائع في الثمن فينقص منه، والمشتري في المبيع فلا يتشدد في شروط البيع ويزيد في الثمن، أخرج البخاري عن جابر حديثاً:«رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى بدينه» أي طالب به.
4 -
اجتناب الحلف ولو كان التاجرصادقاً: يندب الامتناع عن الحلف بالله مطلقاً في البيع، لأنه امتحان لا سم الله تعالى، قال سبحانه:«ولا تجعلوا عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس» وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة حديثاً: «الحلف مَنْفَقة للسلعة، مَمْحَقة للبركة» .
5 -
كثرة الصدقات: يندب للتاجر كثرة التصدق تكفيراً لما يقع فيه من حلف أوغش أو كتمان عيب أو غبن في السعر أو سوء خلق ونحو ذلك، أخرج الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن قيس بن أبي غرزة حديثاً:«يا معشر التجار، إن الشيطان والإثم يحضران البيع، فشوبوا بيعكم بالصدقة» .
6 -
كتابة الدين والإشهاد عليه: تستحب كتابة العقد ومقدار الدين المؤجل، ويندب الإشهاد على البيع نسيئةً (لأجل) وعلى كتابة الدين، لقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} .. {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} [البقرة:2/ 282].