الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرق بين هذين النوعين عند الحنفية: أن العقد المعلق لا يعد موجوداً ولاينعقد سبباً في الحال، وإنما هو معلق على وجود الشرط، والشرط قد يوجد وقد لايوجد.
وأما العقد المضاف فهو عقد تام يترتب عليه حكمه وآثاره إلا أن هذه الآثار يتأخر سريانها إلى الوقت الذي عينه العاقدان لها.
حكمهما:
اتفق الفقهاء على عدم صحة البيع المعلق أو المضاف، لكن يسمى ذلك فاسداً في اصطلاح الحنفية، وعند غيرهم هو باطل.
وعلى هذا، فلا يصح تعليق البيع ولا إضافته إلى زمن في المستقبل؛ لأنه من عقود التمليكات للحال، وهي لا تقبل الإضافة للمستقبل، كما لا تعلق بالشرط لما فيه من المقامرة، أي التعليق بالخطر.
يظهر مما ذكر أن علة فساد هذين النوعين من البيوع: هو ما تشتمل عليه من الغرر، إذ لا يدري العاقدان في البيع المعلق هل يحصل الأمر المعلق عليه، أو لا يحصل، كما لا يدريان متى يحصل. وفي البيع المضاف لا يدري العاقدان كيف يكون المبيع في المستقبل، وكيف يكون رضاهما بالعقد ومصلحتهما فيه عند ترتب أثر البيع عليه (1).
3 - بيع العين الغائبة أو غير المرئية:
العين الغائبة: هي العين المملوكة للبائع الموجودة في الواقع، ولكنها غير مرئية.
(1) انظر رد المحتار والدر المختار: 244/ 4، الفروق للقرافي: 229/ 1، المجموع للنووي: 374/ 9، المهذب: 266/ 1، المغني: 599/ 5، الأموال ونظرية العقد للمرحوم محمد يوسف موسى: ص451 وما بعدها، الغرر وأثره في العقود للزميل صديق الأمين: ص 137 - 149.
قال الحنفية: يجوز بيع العين الغائبة من غير رؤية ولا وصف، فإذا رآها المشتري كان له الخيار: فإن شاء أنفذ البيع، وإن شاء رده. وكذلك المبيع على الصفة يثبت فيه خيار الرؤية، وإن جاء على الصفة التي عينها البائع كأن يشتري فرساً مجللاً «مغطى» أو متاعاً في صندوق أو مقداراً من الحنطة في هذا البيت.
ودليلهم على صحة البيع في الحالتين: أنه إذا كان للمشتري خيار الرؤية، فلا غرر عليه، فلا تؤدي الجهالة إلى النزاع مطلقاً، ما دام للمشتري الخيار (1).
واستدلوا أيضاً بحديث «من اشترى شيئاً لم يره، فهو بالخيار إذا رآه» (2).
وقال المالكية: يجوز بيع الغائب على الصفة إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير فيه صفته قبل القبض. فإذا جاء على الصفة المذكورة كان البيع لازماً، إذ أن هذا من الغرر اليسير، والصفة تنوب عن المعاينة بسبب غيبة المبيع، أو المشقة التي تحصل في إظهاره، وما قد يلحقه من الفساد بتكرار الظهور والنشر مثلاً، بل وإن لم يكن في فتحه فساد. فإن خالف الصفة المتفق عليها فللمشتري الخيار. وكذلك أجاز المالكية في المشهور عندهم بيع الغائب بلا وصف لنوعه وجنسه في حالة معينة (3)،
(1) البدائع: 163/ 5، فتح القدير: 137/ 5.
(2)
روي مسنداً ومرسلاً، فالمسند أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي هريرة. والمرسل رواه ابن أبي شيبة والدارقطني في سننيهما عن مكحول، نقل النووي اتفاق الحفاظ على تضعيفه (انظر نصب الراية: 9/ 4، المقاصد الحسنة: ص 403).
(3)
مواهب الجليل 294/ 4 ومابعدها، الشرح الكبير: 25/ 3 ومابعدها، الشرح الصغير: 41/ 3 - 44، القوانين الفقهية: ص 257. هذا وقد ذكر المالكية خمسة شروط للزوم البيع على الصفة: وهي ألا يكون المبيع بعيداً جداً كالأندلس وإفريقية أي بحيث يظن تغيره قبل قبضه، وألا يكون قريباً جداً كالحاضرفي البلد، (والراجح أن الحاضر في مجلس العقد يجوز بيعه على الصفة) وأن يصفه غير البائع عند بعضهم (والأصح أنه يصح بوصف البائع)، وأن يحصر بالأوصاف المقصودة كلها، وألا ينقد ثمنه بشرط إلا فيما يؤمن تغيره كالعقار، ويجوز النقد من غير شرط أي ألا يشترط البائع على المشتري
دفع الثمن عند العقد، ويدفعه المشتري له بناء على ذلك الشرط، أما إذا دفع له الثمن تطوعاً من غير شرط فيجوز. وهذا الشرط الأخير خاص بالعين غير المأمونة التغير، أما المأمونة التي لا يسرع إليها التغير كالعقار فيجوز اشتراط النقد فيها. والسبب في هذا الشرط هو ألا يكون العقد مشتملاً على الغرر بأن يتردد بين اعتباره سلماً أو بيعاً.