الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن تكون منتفعاً بها، فلا يصح كون الأجرة لا ينتفع بها، إما لخستها كالحشرات، وإما لإيذائها كالحيوانات المفترسة، وإما لحرمة استعمالها شرعاً كآلات اللهو والأصنام والتماثيل.
وأن تكون مقدوراً على تسليمها، فلا يصح كون الأجرة طيراً في الهواء، ولا سمكاً في الماء، ولا شيئاً مغصوباً إلا للغاصب أو القادر على انتزاعها منه.
وأن تكون معلومة للعاقدين: فلاتصح إجارة سيارة بوقودها، ولا دابة بعلفها، لجهالة الأجرة، ولا تصح إجارة العامل على حصاد الزرع بجزء من المحصول، ولا يصح إعطاء جباة الأموال للجمعيات والمساجد ونحوها جزءاً مما يجبونه من الأموال، ولا إعطاء سماسرة الدور جزءاً من قيمة ما يبيعونه كاثنين في المئة، لجهالة الأجرة، كما أن ما يأخذه هؤلاء الجباة بحجة كونهم من العاملين على الصدقات يعد كسباً خبيثاً غير مشروع؛ لأن المتبرع إنما يتصدق للفقراء والمساكين أوللمساجد ونحوها، لا إلى جيوب هؤلاء العاملين، فإذا أخذوا غير تكاليف السفر وحدها عدّ ذلك ظلماً وزوراً.
المبحث الثالث ـ
صفة الإجارة
وحكمها
صفة الإجارة: الإجارة عند الحنفية عقد لازم، إلا أنه يجوز فسخه بعذر كما عرفنا، لقوله تعالى:{أوفوا بالعقود} [المائدة:1/ 5] والفسخ بحسب الأصل ليس من الإيفاء بالعقد (1).
وقال جمهور العلماء: الإجارة عقد لازم لا ينفسخ إلا بما تنفسخ به العقود اللازمة من وجود العيب بها أو ذهاب محل استيفاء المنفعة، لقوله تعالى: {أوفوا
(1) البدائع: 4 ص 201، المبسوط: 16 ص 2.
بالعقود} [المائدة:1/ 5] ولأن
الإجارة عقد على منافع، فأشبه النكاح، ولأنه عقد على معاوضة، فلم ينفسخ كالبيع (1).
ويترتب على هذا الخلاف أن الحنفية يقولون: تنفسخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين: المستأجر أو المؤجر، لأنه لو بقي العقد تصير المنفعة التي ملكها المستأجر بالعقد أو الأجرة التي ملكها المؤجر مستحقة لغير العاقد بالعقد وهو لا يجوز؛ لأن الانتقال من المورث إلى الوارث لا يتصور في المنفعة أو الأجرة المملوكة، إذ عقد الإجارة ينعقد ساعة فساعة على المنافع. فلو قلنا بالانتقال كان قولاً بانتقال ما لم يملك المورث إلى الوارث؛ لأن ملكية العين انتقلت إلى الورثة، والمنافع تحدث على ملك الوارث، فلا يستحقها المستأجر، لأنه لم يعقد العقد مع الوارث (2). وقال الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: لا تنفسخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين؛ لأن الإيجار عقد لازم، وعقد معاوضة، فلا ينفسخ بموت العاقد كالبيع (3).
الخيارات في عقد الإجارة: يثبت خيار العيب في العين المؤجرة في إجارة العين، كانقطاع ماء بئر الأرض الزراعية، وتعطل عجلات السيارة، ولا يثبت خيار العيب في إجارة الذمة، وعلى المؤجر إذا تعيبت العين المؤجرة إحضار بدلها. ولا يثبت خيار المجلس ولا خيار الشرط في عقد الإجارة؛ لأن الإجارة من عقود الغرر، والخيار أيضاً غرر، فلا يضم غرر إلى غرر.
(1) بداية المجتهد: 2 ص 227، مغني المحتاج: 2 ص 355، المغني لابن قدامة: 5 ص 409، 411، غاية المنتهى: 2 ص 209.
(2)
تكملة فتح القدير وشرح العناية وحاشية سعدي جلبي: 7 ص 220، البدائع: 4 ص 222، تبيين الحقائق: 5 ص 144، مختصر الطحاوي: ص 128، رد المحتار: 5 ص 57.
(3)
بداية المجتهد: 2ص 328، مغني المحتاج: 2 ص 356، المغني: 5 ص 428.