الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو تكون يد ضمان لغيره، كيد الرهن، بأن باع الراهن المرهون من المرتهن، فإنه لا يصير قابضاً، إلا أن يكون الرهن حاضراً في مجلس العقد، أو يذهب إلى حيث يوجد الرهن، ويتمكن من قبضه؛ لأن المرهون ليس بمضمون بنفسه، بل بغيره، وهو الدين، والمبيع مضمون بنفسه، فلم يتجانس القبضان ولم يتشابها، ولأن الرهن أمانة في الحقيقة، فكان قبضه قبض أمانة في عينه، وليس مضموناً بنفسه، وإنما يسقط الدين بهلاكه، لا لكونه مضموناً، وإنما لمعنى آخر، وهو الاستيثاق بالدين، فيهلك الرهن من مال المرتهن ويسقط الدين بقدر الرهن؛ لأن الرهن وثيقة بالدين.
وإذا كان قبض الرهن قبض أمانة، فقبض الأمانة لا ينوب عن قبض الضمان، كقبض العارية والوديعة.
ب ـ وإن كانت يد المشتري يد أمانة
، كيد المستعير أو الوديع، فلا يصير قابضاً، إلا أن يكون المبيع بحضرته، أو يذهب إليه، فيتمكن من قبضه بالتخلي؛ لأن يد الأمانة ليست من جنس يد الضمان، فلا يتناوبان؛ لأن قبض الأمانة أضعف من قبض الضمان (1).
المبحث الرابع ـ البيع الباطل والبيع الفاسد
تمهيد:
العقد من حيث حكمه أو وصفه الذي يعطيه الشارع له، بناء على مقدار استيفائه لأركانه وشروطه، ينقسم عند جمهور الفقهاء إلى صحيح وغير صحيح.
(1) البدائع: 5 ص 248، فتح القدير: 5 ص 200.
الصحيح: هو ما استوفى شروطه وأركانه. وغير الصحيح: هو ما اختل فيه ركن من أركانه أوشرط من شروطه، ولا يترتب عليه أي أثر، ويشمل الباطل والفاسد، وهما بمعنى واحد.
وأما الحنفية: فيقسمون العقد إلى صحيح وفاسد وباطل، فغير الصحيح عندهم، إما فاسد أو باطل.
ومنشأ الخلاف: هو في مفهوم نهي الشرع عن عقد ما .. هل النهي يقتضي الفساد أي عدم الاعتبار والوقوع في الإثم معاً، أو يقتصر على إيجاب الإثم وحده مع اعتباره أحياناً، ثم هل يستوي النهي عن ركن من أركان العقد مع النهي عن وصف عارض للعقد؟
قال جمهور الفقهاء: إن نهي الشارع عن عقد ما: يعني عدم اعتباره أصلاً، وإثم من يقدم عليه، ولا فرق بين النهي عن أركان العقد أو النهي لوصف عارض للعقد، لقوله عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، ومن أدخل في ديننا ما ليس فيه فهو رد» (1).
ومتى خالف العمل أمر الشارع وطلبه، وصف بالفساد أو البطلان، سواء أكانت المخالفة راجعة إلى حقيقة العمل أم وصفه، وسواء في ذلك العبادة والمعاملة.
وقال الحنفية: قد يكون نهي الشارع عن عقد: معناه إثم من يرتكبه فقط، لا إبطاله. ويفرق بين النهي عن أصل العقد أو أركانه، فيوجب بطلان العقد، وبين
(1) رواه مسلم عن عائشة، وفي رواية للبخاري ومسلم وأبي داود «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (راجع جامع الأصول: 1 ص 197).