الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصيف والشتاء، ونحوها (1)، ودليلهم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إلى أجل معلوم» والتحديد بهذه الأوقات مثار النزاع، لأنه غير معلوم إذ أنه يتقدم ويتأخر، ويقرب ويبعد، ويؤيده ماروي عن ابن عباس أنه قال:«لاتتبايعوا إلى الحصاد والدياس (2) ولاتتبايعوا إلا إلى شهر معلوم» (3).
وقال المالكية: يجوز السلم إلى هذه الأوقات، ويعتبر ميقاتها: هو الوقت الذي يحصل فيه غالب ماذكر: وهو وسط الوقت المعد لها الذي يغلب فيه الوقوع. ودليلهم: أن هذا أجل يتعلق بوقت من الزمن يعرف في العادة، لايتفاوت فيه تفاوتاً كثيراً، فأشبه ما إذا قال إلى رأس السنة (4).
الثامن: أن يكون جنس المسلم فيه أي (المبيع) موجوداً في الأسواق
بنوعه وصفته من وقت العقد إلى وقت حلول أجل التسليم، ولايتوهم انقطاعه عن أيدي الناس، كالحبوب. فإن لم يكن موجوداً عند العقد أو وقت حلول الأجل، أو انقطع من أيدي الناس فيما بين ذلك كالثمار والفواكه واللبن ونحوها، لايجوز السلم؛ لأن القدرة على التسليم ثابتة للحال، وفي وجودها عند حلول الأجل شك، لاحتمال الهلاك، فإن بقي الشيء المسلم فيه في الأسواق إلى الوقت المؤجل، ثبتت القدرة على التسليم، وإن هلك قبله لاتثبت. وبعبارة أخرى: إن اشتراط هذا الشرط لضمان تنفيذ تسليم المسلم فيه.
(1) فتح القدير: 5 ص 222، 336.
(2)
هو دوس الحب بالقدم ونحوها لينقشر.
(3)
قال الحافظ الزيلعي: روى البيهقي في كتاب المعرفة من طريق الشافعي عن ابن عباس أنه قال: «لاتبيعوا إلى العطاء، ولا إلى الأندر (أي البيدر أو المكدس من القمح خاصة) ولا إلى الدياس» (راجع نصب الراية: 4 ص 21).
(4)
المنتقى على الموطأ: 4 ص 298، القوانين الفقهية: ص 269.
وعلى هذا: إذا كان المسلم فيه منسوباً إلى موضع معلوم: فإن كان ممايحتمل انقطاعه بالآفة كحنطة قرية كذا بعينها أو أرض كذا بعينها: لايجوز السلم، لعدم تحقق القدرة على التسليم، وهو غرر من غير حاجة، فمنع صحة العقد.
وإن كان مما لايحتمل الانقطاع، كأن يسلم في حنطة إقليم كالعراق أو خراسان، أو في حنطة بلدة كبيرة كسمرقند وبخارى ومحافظة حوران، فيجوز السلم، إذ لايتوهم الانقطاع؛ لأن الغالب في أحكام الشرع ملحق بالمتيقن.
وقال بعض مشايخ الحنفية: لايجوز السلم إذا كان المسلم فيه منسوباً إلى بلدة كبيرة. وعبارتهم: لايجوز إلا في طعام ولاية؛ لأن وهم الانقطاع فيما وراء ذلك ثابت. والصحيح هو ماذكر أولاً (1). هذا هو مذهب الحنفية.
وقال المالكية والشافعية والحنابلة: يشترط أن يكون المسلم فيه عام الوجود مأمون الانقطاع، وقت حلول الأجل فقط، سواء وجد عند العقد أم لم يوجد؛ لأن المهم هو القدرة على التسليم، فيعتبر وقت وجوب التسليم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنين، فقال:«من أسلف فليسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم» ولم يشترط وجود المسلم فيه حال عقد السلم، ولو كان شرطاً لذكره، ولنهاهم عن السلم سنتين، لأنه يلزم منه انقطاع المسلم فيه أوسط السنة (2).
إلا أن المالكية شرطوا أن يكون التزام المسلم فيه مطلقاً في الذمة، فلا يجوز
(1) المبسوط: 12 ص 134، فتح القدير: 5 ص 331، البدائع: 5 ص 211.
(2)
المنتقى على الموطأ: 4 ص 300، حاشية الدسوقي: 3 ص 211، مغني المحتاج: 2ص106، المهذب 1 ص 298، المغني: 4ص293ومابعدها، غاية المنتهى: 2ص79.