الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو شرط في المضاربة كون جميع الربح للمضارب، فالعقد قرض عند الحنفية والحنابلة، وهو مضاربة فاسدة عند الشافعية، وحينئذ يكون للعامل أجرة مثل عمله؛ لأن مقتضى المضاربة الاشتراك في الربح، فإذا شرط استئثار العامل بالربح، كان الشرط فاسداً.
ويجوز عند الحنفية أن يشترط لأحد العاقدين دراهم معدودة معلومة إن زاد الربح على مقدار كذا من الدراهم، فذلك شرط صحيح لا يؤثر في صحة المضاربة؛ لأنه لا يؤدي إلى جهالة الربح (1).
وقال المالكية: يجوز أن يشترط العامل الربح كله له (2)، وعبارتهم: يجوز اشتراط الربح كله في القراض لرب المال أو للعامل أو لغيرهما؛ لأنه من باب التبرع، وإطلاق القراض عليه حينئذ مجاز، وليس هو بقراض حقيقة، أي أن العامل يضمن المال إذا أخذه على أن الربح كله له، لأنه حينئذ يشبه السلف.
ووجه قول الحنفية والحنابلة: أنه إذا لم يمكن تصحيح العقد مضاربة يجعل قرضاً؛ لأنه أتى بمعنى القرض، والعبرة في العقود لمعانيها (3). ويترتب على هذا أنه إذا شرط جميع الربح لرب المال فهو مباضعة عندهم، لوجود معنى الإبضاع (4) كما تقدم.
ثانياً ـ أن يكون الربح جزءاً مشاعاً:
أي نسبة عشرية أو سهماً من الربح، كأن يتفقا على ثلث أو ربع أو نصف، وهذا مستثنى من حكم الإجارة المجهولة؛
(1) الشركات للأستاذ الخفيف: ص 71.
(2)
بداية المجتهد: 335/ 2، الخرشي: 203/ 6، 209، ط ثانية، بولاق.
(3)
البدائع: المصدر السابق، مغني المحتاج: 312/ 2، المهذب: 385/ 1، المغني:30/ 5.
(4)
الإبضاع هنا: أي التوكيل بلا جعل أو أجر. وبعبارة أخرى: هو استعمال شخص في المال بغير عوض (البدائع: 87/ 6).
لأن جواز عقد المضاربة كان للرفق بالناس، فإذا عين المتعاقدان مقداراً مقطوعاً محدداً، بأن شرطا مثلاً أن يكون لأحدهما مئة دينار أو أقل أو أكثر، والباقي للآخر، فلا يصح هذا الشرط، والمضاربة فاسدة؛ لأن المضاربة تقتضي الاشتراك في الربح، وهذا الشرط يمنع الاشتراك في الربح، لاحتمال ألا يربح المضارب إلا هذا القدر المذكور، فيكون الربح لأحدهما دون الآخر، فلا تتحقق الشركة، وبالتالي لا يكون التصرف مضاربة.
ولا تجوز المضاربة إذا جعل للعامل جزء من ربح غير المال المتجر فيه، وصرح المالكية أنه يجوز أن يتراضى العاقدان بعد العمل على جزء قليل أو كثير.
وكذلك تفسد المضاربة إذا شرط زيادة ربح كعشرة مثلاً لأحد الشريكين، لاحتمال ألا يربح العامل إلا هذا القدر، فلا تتحقق الشركة في الربح. وحينئذ يلزم للعامل أجر المثل كما في سائر أنواع المضاربة الفاسدة (1).
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة.
وبناء عليه: لا تصح المضاربة بربح محدد كالفائدة التي تقدمها المصارف على الودائع؛ لأن المضاربة تقتضي الاشتراك في الربح بدون تحديد نسبة مقطوعة كسبعة في المئة مثلاً. ولا تصح المضاربة على أن يأخذ العامل راتباً شهرياً معيناً، ونسبة من الأرباح عند تصفية الشركة أو الجرد السنوي وغيره.
(1) انظر المبسوط: 27/ 22، تبيين الحقائق: 54/ 5، البدائع: 85/ 6 ومابعدها، تكملة فتح القدير: 60/ 7، مجمع الضمانات: ص 303، الشرح الكبير للدردير: 517/ 3، مغني المحتاج: 313/ 2، بداية المجتهد: 234/ 2، المغني: 34/ 5، نهاية المحتاج: 165/ 4.