الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَصْلُ الثَّامن: الإِعَارة
خطة الموضوع:
الكلام في عقد الإعارة يشتمل على المباحث الستة التالية:
المبحث الأول ـ تعريف الإعارة ومشروعيتها
.
المبحث الثاني ـ ركن الإعارة وشرائطها.
المبحث الثالث ـ حكم عقد الإعارة.
المبحث الرابع ـ حال
العارية
، هل هي مضمونة أو أمانة؟.
المبحث الخامس ـ الاختلاف بين المعير والمستعير.
المبحث السادس ـ انتهاء الإعارة.
المبحث الأول ـ تعريف الإعارة ومشروعيتها:
العارية: بتشديد الياء، وقد تخفف، والأول أفصح وأشهر. وهي اسم لما يعار، أو لعقد العارية: مأخوذة من عار إذا ذهب وجاء، وقيل: من التعاور أي التداول أو التناوب. وقال الجوهري: كأنها منسوبة إلى العار؛ لأن طلبها عار
وعيب، واعترض عليه بأنه صلى الله عليه وسلم فعلها، ولو كانت عاراً وعيباً ما فعلها (1).
وعرف السرخسي والمالكية الإعارة بأنها: تمليك المنفعة بغير عوض. سميت إعارة: لتعريها عن العوض (2). وعرفها الشافعية والحنابلة (3) بأنها إباحة المنفعة بلا عوض. فهي تختلف عن الهبة بأنها واردة على المنافع، أما الهبة فترد على عين المال، والفرق بين التعريفين أن الأول يفيد التمليك، فللمستعير إعارة الشيء لغيره، والثاني يفيد الإباحة، فليس له إعارة الشيء لغيره، أو إجارته.
والإعارة قربة مندوبة إليها، لقوله تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة:2/ 5] وفسر جمهور المفسرين قوله تعالى: {ويمنعون الماعون} [الماعون:7/ 107] بما يستعيره الجيران بعضهم من بعض، كالدلو والفأس والإبرة، ونحوها (4). وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم استعار فرساً من أبي طلحة فركبه (5). وفي رواية لأبي داود بإسناد جيد أنه صلى الله عليه وسلم استعار درعاً من صفوان بن أمية يوم حنين، فقال: أغصباً يا محمد؟ فقال: بل عارية مضمونة (6).
(1) مغني المحتاج: 263/ 2، تكملة فتح القدير: 99/ 7 ومابعدها، حاشية ابن عابدين: 524/ 4.
(2)
المبسوط: 133/ 11، القوانين الفقهية: /373.
(3)
مغني المحتاج: 264/ 2، كشاف القناع: 67/ 4.
(4)
مغني المحتاج، المرجع السابق، المهذب: 392/ 1 ومابعدها، المغني: 203/ 5.
(5)
رواه أحمد والشيخان عن أنس بن مالك. قال: «كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرساً من أبي طلحة يقال له: المندوب فركبه، فلما رجع قال: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحراً» أي ما وجدناه إلا بحراً أي واسع الجري (راجع نيل الأوطار: 299/ 5).
(6)
أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الحاكم عن صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدرعاً، فقال أغصباً يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة، قال: فضاع بعضها، فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم في الإسلام أرغب. وله شاهد صحيح عن ابن عباس ولفظه: «بل عارية مؤداة» وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن إسحاق بن عبد الواحد وهو متروك الحديث، وأخرجه الحاكم أيضاً من حديث جابر، وذكر أنها مئة درع ومايصلحها. وفي رواية أبي داود أن الأدراع كانت مابين الثلاثين إلى الأربعين. وللحديث طريق أخرى مرسلة في السنن عند أبي داود والنسائي (راجع جامع الأصول: 109/ 9، نصب الراية: 116/ 4، التلخيص الحبير: ص 252، نيل الأوطار: 299/ 5، سبل السلام: 69/ 3) والفرق بين لفظي «مضمونة» و «مؤداة» هو أن المضمونة: هي التي تضمن إن تلفت بالقيمة، والمؤداة: هي التي تجب تأديتها مع بقاء عينها فإن تلفت لم تضمن بالقيمة.