الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتعارفوا إلحاق هذه المؤن برأس المال، وقد ورد:«ما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح» (1).
المطلب الثالث ـ ما يجب بيانه في المرابحة وما لا يجب
إن بيع المرابحة والتولية بيع أمانة؛ لأن المشتري ائتمن البائع في إخباره عن الثمن الأول من غير بينة، ولا استحلاف، فيجب صيانتهما عن الخيانة، وعن سبب الخيانة والتهمة، قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} [الأنفال:27/ 8].
وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من غشنا» (2).
وبناء على هذا: إذا حدث بالسلعة عيب في يد البائع أوفي يد المشتري فأراد أن يبيعها للمشتري مرابحة ينظر:
إن حدث العيب بآفة سماوية: له أن يبيعها مرابحة بجميع الثمن من غير بيان العيب عند جمهور الحنفية؛ لأن الجزء المتعيب لا يقابله شيء من الثمن، فكأنه دفع الثمن مقابل المبيع على حالته التي آل إليها، فكان بيان العيب والسكوت عنه على حد سواء (3).
وقال زفر وجمهور العلماء: لا يبيع الشيء المعيب مرابحة حتى يبين العيب الحادث منعاً من شبهة الخيانة؛ لأن غرض الناس يختلف بذلك العيب، ولأن العيب الحادث ينقص به المبيع (4).
(1) فتح القدير: 5 ص 255، البدائع: 5 ص 223، الدر المختار: 4 ص 161.
(2)
سبق تخريج هذا الحديث وله ألفاظ منها هذا: ومنها: «من غشنا فليس منا» ومنها: «ليس منا من غش» (راجع مجمع الزوائد: 4 ص 78).
(3)
البدائع: 5 ص 223.
(4)
الشرح الكبير للدردير: 3 ص 164، المهذب: 1 ص 289، مغني المحتاج: 2 ص 79، المغني: 4 ص 182.
وإن حدث العيب بفعل المشتري الأول أوبفعل أجنبي، لم يجز بيعه مرابحة حتى يبين العيب بالاتفاق.
ولو حدث في المبيع زيادة كالولد، والثمرة، والصوف، واللبن: لم يبعه مرابحة حتى يبين؛ لأن
الزيادة المتولدة مبيعة عند الحنفية، ولا يحط ذلك من الثمن، وإنما يخبر عادة بالثمن من غير زيادة (1).
ولو استغل الأرض جاز أن يبيعها من غير بيان؛ لأن الزيادة التي ليست بمتولدة من المبيع لا تكون مبيعة بالاتفاق.
ولو اشترى شيئاً نسيئة كثوب بعشرة دراهم: لم يبعه مرابحة حتى يبين ذلك، لأن الأجل سبب في زيادة الثمن عادة، فإن ثمن المبيع يختلف بين النسيئة والنقد.
ولو اشترى من إنسان شيئاً بدين له عليه: فله أن يبيعه مرابحة من غير بيان، لأنه اشترى بمثمن في ذمته، لأن الدين لا يتعين ثمناً.
وإن أخذ شيئاً صلحاً من دين له على إنسان: فليس له أن يبيعه مرابحة على ذلك الدين؛ لأن مبنى الصلح على الحط والتساهل، فلا بد من البيان ليعلم المشتري أنه سامح أم لا، فيحترز عن التهمة
…
بخلاف الشراء في الحالة الأولى؛ لأن مبنى الشراء على المماكسة (2)، فلا حاجة إلى البيان.
ولو اشترى ثوباً بعشرة دراهم ثم رقمه (3) بأكثر من الثمن إذا كانت قيمته أكثر من عشرة، ثم باعه مرابحة على الرقم من غير بيان جاز، ولا يكون خيانة، لأنه صادق حيث ذكر الرقم، ولكن لا يقول: اشتريته بكذا، لأنه يكون كاذباً فيه. هذا
(1) المراجع السابقة.
(2)
ماكسه مماكسة: استحطه الثمن واستنقصه إياه.
(3)
سبق تفسير الرقم في البيوع الفاسدة.