الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الإمام أحمد: ليس إسناده بجيد، والثابت عن الصحابة أنه يُفعل به كما فَعَل، فقد اتفق على ذلك الكتاب والسنّة والقياس وآثار الصحابة، واسم القصاص يقتضيه لأنه يستلزمُ المُماثَلة.
[ضمان إتلاف المال]
المسألة الثانية: إتلاف المال؛ فإن كان ممَّا له حُرمة كالحيوان والعبيد (1)
= قال: عن أبي بكرة إلا الحر بن مالك، وكان لا بأس به، وأحسبه أخطأ في هذا الحديث لأن الناس يروونه عن الحسن مرسلًا.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(2/ 88): هذا إسناد ضعيف لضعف مبارك بن فضالة وتدليسه.
أقول: والحسن البصري مدلس أيضًا.
ومما يدل على اضطراب المبارك بن فضالة أنه رواه أيضًا عن الحسن عن نعمان بن بشير.
رواه من طريق الدارقطني (3/ 106)، والبيهقي (8/ 62 - 63) من طريق الحسين بن عبد الرحمن الجرجرائي ثنا موسى بن داود عنه به.
ورواه أيضًا الوليد بن محمد عنه عن الحسن عن أبي بكرة، رواه الدارقطني (3/ 105 - 106)، وابن عدي (7/ 2543)، والبيهقي (8/ 63)، وقال ابن عدي عن الوليد هذا:"أحاديثه غير محفوظة"، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي. . . فقال: "هذا حديث منكر".
ومما يدل على ضعف رواية فضالة: أنه رواه ابن أبي شيبة (6/ 396 - دار الفكر) من طريق أشعث بن عبد الملك، وعمرو عن الحسن مرفوعًا مرسلًا، وأشعث وعمرو أوثق من فضالة بدرجات.
ثانيًا: حديث أبي هريرة: رواه ابن عدي (3/ 1102)، ومن طريقه البيهقي (8/ 63)، وابن الجوزي في "العلل"(2/ 792)، والدارقطني (3/ 87)، والبيهقي (8/ 63)، وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك.
ثالثًا: حديث ابن مسعود: رواه الطبراني في "الكبير"، وابن عدي (5/ 1978)، والبيهقي (8/ 62)، وفيه سليمان بن أرقم وعبد الكريم بن أبي المخارق، وهما ضعيفان جدًا.
رابعًا: حديث علي بن أبي طالب: رواه الدارقطني (3/ 87 - 88)، وقال: معلى بن هلال متروك.
والحديث طرقه كلها ضعيفة، كما قال عبد الحق في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 181 - 185 رقم 2411)، ونقله عنه ابن حجر كما في "التلخيص الحبير"(4/ 19)، وأقره، وقال البيهقي: لم يثبت له إسناد.
(1)
في (ق): "كالعبيد والحيوان".
فليس له أن يُتلف ماله كما أَتلف مَالَه، وإن لم تكن له حُرمة كالثوب يشقُّه والإناء يكسره فالمشهور أنه ليس له أَن يُتلف عليه نظير ما أتلفه، بل له القيمة في (1) المثل كما تقدم، والقياس يقتضي أن له أن يفعل بنظير ما أتلفه عليه كما فعله الجاني [به](2)؛ فيشق ثوبه كما شق ثوبه، ويكسر عصاه كما كسر عصاه إذا كانا متساويين، وهذا من العدل، وليس مع من منعه نص ولا قياس ولا إجماع! فإن هذا ليس بحرام لِحقِّ اللَّه، وليست حرمة المال أعظم من حرمة النفوس والأطراف، وإذا مَكَّنه الشارع أن يُتلف طَرَفَه بِطرفه فتمكينه من إتلاف ماله في مقابلة ماله (3) هو أولى وأحرى، وإن حكمةَ القصاص من التَّشَفِّي ودرك الغَيْظ (4) لا تحصل إلا بذلك، ولأنه قد يكون له غرض في أذاه وإتلافِ ثيابه ويعطيه قيمتها، ولا يشق ذلك عليه لكثرة ماله، فيَشفي نفسَه منه (5) بذلك، وَيبقى المجني عليه بُغبنهِ وغيظِه، [فكيف يقع إعطاؤه القيمة من شفاء غيظه ودَرْك ثأره] (6) وبَرْد قلبه وإذاقة الجاني من الأذى ما ذاق هو (7)؟ فحكمة هذه الشريعة الكاملة الباهرة وقياسها [معًا] (2) يأبى ذل وقوله:{فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، وقوله:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، [وقوله] (2):{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] يقتضي جواز ذلك، وقد صَرَّح الفُقهاء بجواز إحراق زروع (8) الكفار وقطع أشجارهم إذا كانوا يفعلون ذلك بنا، وهذا عين المسألة، وقد أقرّ اللَّه [سبحانه](2) الصحابة على قطع نخل اليهود لما فيه من خِزْيِهِم (9)، وهذا يدل على أنه (10) سبحانه يُحبُّ خزي الجاني الظالم ويشرعُه، وإذا جَازَ تحريق متاع الغَالّ (11) لكونه تعديَّ على المسلمين في خيانتهم في شيء
(1) في المطبوع: "القيمة أو المثل".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
في (ق): "في مقابلة ما أتلفه هو" وفي (ك): "في مقابلة أنه هو".
(4)
في (ق) و (ك): "الغيض".
(5)
في (ق): "فيشتفي منه".
(6)
بدل ما بين المعقوفتين في (ك) و (ق): "فكيف يعطي عطاؤه القيمة من شفى غيظه وأدرك ثأره" وفي (ق) قبلها: "فيشتفي بذلك ويبقى المجني عليه بقيته وغيظه".
(7)
في (ق): "وبرد قلبه وأذاق الجاني من الأذى من ذاق هو؟ فحكم هذه الشريعة".
(8)
في (ق): "زرع".
(9)
انظر: سورة الحشر، آية (5).
(10)
في (ق): "أن اللَّه".
(11)
أخرج أبو داود في "سننه"(رقم 2714) عن صالح بن محمد قال: غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد اللَّه بن عمر وعمر بن عبد العزيز، فغل رجل متاعًا، فأمر الوليد بمتاعه، فأُحرق وطيف به، ولم يعطه سهمه. =