المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[طرف من تخبط المقلدين في الأخذ ببعض السنة وترك بعضها الآخر] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل [تناقض أهل القياس دليل فساده]

- ‌[أمثلة من تناقض القياسيين]

- ‌فصل [مَثلٌ مما جمع فيه القياسيون بين المتفرقات]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل [من تناقض القياسيين مراعاة بعض الشروط دون بعضها الآخر]

- ‌[هل يعتبر شرط الواقف مطلقًا]

- ‌[عَرْض شروط الواقفين على كتاب اللَّه]

- ‌[خطأ القول بأن شرط الواقف كنص الشارع]

- ‌فصل [هل في اللطمة والضربة قصاص

- ‌فصل [حكومة النَّبيَّين الكريمين داود وسليمان]

- ‌[ما يُفعل بالجاني على النفس]

- ‌[ضمان إتلاف المال]

- ‌[كيف يُجزى الجاني على العرض

- ‌فصل [قوة أدلة الفريقين تحتاج إلى نظر دقيق]

- ‌فصل [القول الوسط بين الفريقين]

- ‌[إحاطة الأوامر الشرعية بأفعال المكلفين]

- ‌فصل [اختلفوا هل تحيط النصوص بحكم جميع الحوادث

- ‌رأي الفرقة الأولى]

- ‌فصل الفرقة الثَّانية

- ‌فصل الفرقة الثالثة

- ‌[النصوص محيطة بأحكام جميع الحوادث]

- ‌فصل [الرد على الفرق الثلاث]

- ‌[الاستصحاب: معناه وأقسامه]

- ‌ استصحاب البراءة الأصلية

- ‌استصحاب الوصف المُثْبت للحكم

- ‌فصل [استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع]

- ‌فصل [الدليل على أنه حجة]

- ‌فصل [الأصلي في الشروط الصحة أو الفساد]

- ‌فصل [أجوبة المانعين]

- ‌فصل [رد الجمهور على أجوبة المانعين]

- ‌فصل [أخطاء القياسيين]

- ‌الفصل الأول [شمول النصوص وإغناؤها عن القياس]

- ‌[المسألة المشتركة في الفرائض]

- ‌[المسألة العمرية]

- ‌فصل [مسألة ميراث الأخوات مع البنات]

- ‌فصل [صحة قول الجمهور في مسألة ميراث الأخوات]

- ‌فصل [المراد بأولى رجل ذكر في المواريث]

- ‌فصل [ميراث البنات]

- ‌فصل

- ‌فصل [ميراث الجد مع الإخوة]

- ‌الفَصل الثَّاني [ليس في الشريعة شيء على خلاف القياس]

- ‌[لفظ القياس مجمل]

- ‌[شبهة من ظن خلاف القياس وردها]

- ‌[العمل المقصود به المال على ثلاثة أنواع]

- ‌فصل

- ‌[الأصل في جميع العقود العدل]

- ‌فصل [الحوالة موافقة للقياس]

- ‌فصل [القرض على وفق القياس]

- ‌فصل [إزالة النجاسة على وفق القياس]

- ‌فصل [طهارة الخمر بالاستحالة على وفق القياس]

- ‌فصل [الوضوء من لحوم الإبل على وفق القياس]

- ‌فصل [الفطر بالحجامة على وفق القياس]

- ‌فصل [الحكمة في كون التيمم على عضوين]

- ‌فصل [السلم جار على وفق القياس]

- ‌فصل [الكتابة تجري على وفق القياس]

- ‌فصل [بيان أن الإجارة على وفق القياس]

- ‌[ليس للعقود ألفاظ محدودة]

- ‌[عودة الى الرد على من زعم أنَّ الإجارة بيع معدوم]

- ‌[جوز الشارع المعاوضة على المعدوم]

- ‌[أقيسة أبطلها القرآن]

- ‌[القياس الفاسد أصل كل شر]

- ‌فصل [بيع المعدوم لا يجوز]

- ‌[جَوَّز الشرع بيع المعدوم في بعض المواضع]

- ‌[الصواب في المسألة]

- ‌[منع أن موجب العقد التسليم عقيبه]

- ‌فصل [بيع المقاثي والمباطخ ونحوهما]

- ‌فصل [ضمان الحدائق والبساتين]

- ‌فصل [إجارة الظئر على وفق القياس الصحيح]

- ‌فصل [حمل العاقلة الدية عن الجاني طبق القياس]

- ‌فصل [بيان أن المُصرَّاة على وفق القياس]

- ‌[الرد على ذلك]

- ‌فصل [الخراج بالضمان]

- ‌[الحكمة في رد التمر بدل اللبن]

- ‌فصل [أمر الذي صلى فذًا بالإعادة]

- ‌فصل [الرهن مركوب ومحلوب وعلى من يركب ويحلب النفقة]

- ‌فصل [الحكم في رجل وقع على جارية امرأته موافق للقياس]

- ‌فصل [المتلفات تضمن بالجنس]

- ‌[مَنْ مثَّل بعبده عتق عليه]

- ‌فصل [استكراه السيد لجاريته وعبده]

- ‌[ما من نص صحيح إلا وهو موافق للعقل]

- ‌[التعزير]

- ‌[الكلام على حديث: "لا يضرب فوق عشرة أسواط

- ‌فصل [المضي في الحج الفاسد لا يخالف القياس]

- ‌فصل [العذر بالنسيان]

- ‌[طرد هذا القياس في أمور كثيرة]

- ‌[هل هناك فرق بين الناسي والمخطئ]

- ‌[مَنْ تَصَرَّف في حق غيره هل تصرفه مردود أو موقوف

- ‌[القول بوقف العقود عند الحاجة]

- ‌[ابن تيمية يقول: الصحابة أفقه الأمة وأعلمها ودليل قوله]

- ‌فصل [مسألة الزُّبية]

- ‌[حكم علي في القارصة [والقامصة] والواقصة]

- ‌فصل [الحكم في بصير يقول أعمى فيخرّان معًا وفق القياس]

- ‌فصل [حكم عليٍّ في جماعة وقعوا على امرأة وفق القياس]

- ‌[حكم الفقهاء في الحديث]

- ‌[لماذا جعل النسب للأب]

- ‌[من أحكام الولاء]

- ‌[المسبي تابع في الإِسلام لسابيه]

- ‌فصل [ليس في الشريعة ما يخالف العقل]

- ‌[شبهات لنفاة القياس وأمثلة لها]

- ‌[كيف يمكن القياس مع الفرق بين المتماثلات

- ‌[الجواب عن هذه الشبه]

- ‌[الجواب المجمل]

- ‌[جواب ابن الخطيب]

- ‌[جواب أبي بكر الرازي الحنفي]

- ‌[جواب القاضي أبي يعلى]

- ‌[جواب القاضي عبد الوهاب]

- ‌[جواب مفصل] [لماذا وجب الغسل من المني دون البول

- ‌فصل [الفرق بين الصبي والصبية]

- ‌فصل [الفرق بين الصلاة الرباعية وغيرها]

- ‌فصل [لماذا وجب على الحائض قضاء الصوم دون الصلاة

- ‌فصل [حكم النظر إلى الحرة وإلى الأمة]

- ‌فصل [الفرق بين السارق والمنتهب]

- ‌فصل [الفرق بين اليد في الدية وفي السرقة]

- ‌فصل [حكمة حد القذف بالزنا دون الكفر]

- ‌فصل [حكمة الاكتفاء في القتل بشاهدين دون الزنا]

- ‌فصل [الحكمة في جلد قاذف الحر دون العبد]

- ‌فصل [الحكمة في التفريق بين عدة الموت والطلاق]

- ‌[الحكم في شرع العدة]

- ‌[أجناس العِدد]

- ‌فصل [حكمة عدة الطلاق]

- ‌[ما يترتب على حقوق العدة]

- ‌[عدة المختلعة]

- ‌[أقسام النساء بالنسبة للعدة]

- ‌[حكمة عدة المطلقة ثلاثًا]

- ‌[عدة المخيرة وحكمتها]

- ‌[عدة الآيسة والصغيرة وحكمتها]

- ‌فصل [حكمة تحريم المرأة بعد الطلاق الثلاث]

- ‌[حكمة جعل العدة ثلاثة قروء]

- ‌فصل [الحكمة في غسل أعضاء الوضوء]

- ‌[ما يكفره الوضوء من الذنوب]

- ‌فصل [توبة المحارب]

- ‌فصل [قبول رواية العبد دون شهادته]

- ‌فصل [صدقة السائمة وإسقاطها عن العوامل]

- ‌فصل [حكمة اللَّه في الفرق بين الحرة والأمة في تحصين الرجال]

- ‌فصل [الحكمة في نقض الوضوء بمس ذكره دون غيره من الأعضاء]

- ‌فصل [الحكمة في إيجاب الحد بشرب قطرة من الخمر]

- ‌فصل [الحكمة في قصر الزوجات على أربع دون السريات]

- ‌فصل [الحكمة في إباحة التعدد للرجل دون المرأة]

- ‌[شهوة الرجل أقوى من شهوة المرأة]

- ‌فصل [الحكمة في جواز استمتاع السيد بأمته دون العبد بسيدته]

- ‌فصل [التفريق بين أحكام الطلقات]

- ‌فصل [التفريق بين لحم الإبل وغيرها في إيجاب الوضوء]

- ‌فصل [الحكمة في التفريق بين الكلب الأسود وغيره]

- ‌فصل [الحكمة في التفرقة بين الريح والجُشاء]

- ‌فصل [الحكمة في التفرقة بين الخيل والإبل في الزكاة]

- ‌فصل [الحكمة في التفريق بين بعض مقادير الزكاة]

- ‌فصل [حكمة قطع يد السارق دون لسان القاذف مثلًا]

- ‌[من حكمة اللَّه شرع الحدود]

- ‌[تفاوتت الجنايات فتفاوتت العقوبات]

- ‌[القتل وموجبه]

- ‌[القطع وموجبه]

- ‌[الجلد وموجبه]

- ‌فصل [تغريم المال وموجبه]

- ‌[التغريم نوعان: مضبوط، وغير مضبوط]

- ‌[التعزير ومواضعه]

- ‌فصل [من حكمة اللَّه اشتراط الحجة لإيقاع العقوبة]

- ‌[السر في أن العقوبات لم يطرد جعلها من جنس الذنوب]

- ‌[ردع المفسدين مستحسن في العقول]

- ‌[التسوية في العقوبات مع اختلاف الجرائم لا تليق بالحكمة]

- ‌[حكمة القصاص]

- ‌[مقابلة الإتلاف بمثله في كل الأحوال شريعة الظالمين]

- ‌[حكمة تخيير المجني عليه في بعض الأحوال دون بعض]

- ‌فصل [ليس من الحكمة إتلاف كل عضو وقعت به معصية]

- ‌[الحكمة في حد السرقة]

- ‌[الحكمة في حد الزنا وتنويعه]

- ‌[إتلاف النفس عقوبة أفظع أنواع الجرائم]

- ‌[ترتيب الحد تبعًا لترتيب الجرائم]

- ‌فصل [سوّى اللَّه بين العبد والحر في أحكام وفرق بينهما في أخرى]

- ‌فصل [حكمة شرع اللعان في حق الزوجة دون غيرها]

- ‌فصل [الحكمة في تخصيص المسافر بالرخص]

- ‌فصل [الفرق بين نذر الطاعة والحلف بها]

- ‌[الالتزام بالطاعة أربعة أقسام]

- ‌[الحلف بالطلاق والعتاق كنذر اللجاج والغضب]

- ‌فصل [الحكمة في التفرقة بين الضبع وغيره من ذي الناب]

- ‌[الرد على حديث إباحة أكل الضبع]

- ‌[رأي الذين صححوا الحديث]

- ‌فصل [سر تخصيص خزيمة بقبول شهادته وحده]

- ‌فصل [سر تخصيص أبي بردة بإجزاء تضحيته بعناق]

- ‌فصل [سر التفرقة في الوصف بين صلاة الليل وصلاة النهار]

- ‌فصل [السر في تقديم العصبة البعداء على ذوي الأرحام وإن قربوا]

- ‌فصل [الفرق بين الشفعة وأخذ مال الغير]

- ‌[ورود الشرع بالشفعة دليل على الحكمة]

- ‌[فيم تكون الشفعة]

- ‌[رأي المثبتين للشفعة]

- ‌فصل [رأي القائلين بشفعة الجوار]

- ‌[حق الجار]

- ‌[ثبوت الحكم بالشفعة في الشركة وللجار]

- ‌[حديث العرزمي في الشفعة والكلام عليه]

- ‌[تصحيح الحديث]

- ‌[أحاديث أخرى]

- ‌[رد المبطلين لشفعة الجوار]

- ‌[الفرق بين الشريك والجار]

- ‌[القول الوسط في حق الشفعة]

- ‌[رأي البصريين]

- ‌[رأي الكوفيين وأهل المدينة]

- ‌[رأي ابن القيم في حديث العرزمي]

- ‌[القياس الصحيح يؤيد مفهوم حديث العرزمي]

- ‌[اعتراض]

- ‌[الجواب عن الاعتراض]

- ‌فصل [الحكمة في الفرق بين بعض الأيام وبعضها الآخر]

- ‌فصل [الحكمة في الفرق بين بنت الأخ وبنت العم ونحوها]

- ‌فصل [حمل العاقلة دية الخطأ]

- ‌فصل [الحكمة في الفرق بين المستحاضة والحائض]

- ‌فصل [الحكمة في الفرق بين اتحاد الجنس واختلافه في تحريم الربا]

- ‌[الربا نوعان: جليّ وخفي، والجلي النسيئة]

- ‌[الأجناس التي يحرم فيها ربا الفضل وآراء العلماء في ذلك]

- ‌[علة تحريم ربا الفضل في الدراهم والدنانير]

- ‌[السر في أنه ليس للصفات في البيوع مقابل]

- ‌[الخلاف في بيع اللحم بالحيوان]

- ‌فصل [الحكمة في وجوب إحداد المرأة على زوجها أكثر مما تحد على أبيها]

- ‌فصل [الحكمة في مساواة المرأة للرجل في بعض الأحكام دون بعض]

- ‌فصل [الحكمة في التفرقة بين زمان وزمان ومكان ومكان]

- ‌فصل [الحكمة في الجمع بين المختلفات في الحكم متى اتفقت في موجبه]

- ‌فصل [الحكمة في أن الفأرة كالهرة في الطهارة]

- ‌فصل [الحكمة في جعل ذبيحة غير الكتابي مثل الميتة]

- ‌فصل [الحكمة في الجمع بين الماء والتراب في حكم التطهير]

- ‌فصل [معرفة الأشباه]

- ‌[ذم الغضب]

- ‌[الصبر على الحق]

- ‌[للَّه على كل أحد عبودية بحسب مرتبته]

- ‌[تعطيل العبودية الخاصة تجعل الإنسان من أقل الناس دينًا]

- ‌[أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينًا]

- ‌فصل [إخلاص النية للَّه تعالى]

- ‌[الواجب على من عزم على فعل أمر]

- ‌[أهل النصيب من إياك نعبد وإياك نستعين]

- ‌فصل [المتزين بما ليس فيه وعقوبته]

- ‌[النفاق وخشوعه]

- ‌فصل [أعمال العباد أربعة أنواع، المقبول منها نوع واحد]

- ‌فصل [جزاء المخلص]

- ‌[لكل من عمل خيرًا أجران]

- ‌ذكر تحريم الإفتاء في دين اللَّه بغير علم وذكر الإجماع على ذلك

- ‌[إثم القول على اللَّه بغير علم]

- ‌[على من لا يعلم أن يقول: لا أدري]

- ‌[طريقة السلف الصالح]

- ‌[فوائد تكرير السؤال]

- ‌ذكر تفصيل القول في التقليد وانقسامه إلى ما يحرم القول فيه والإفتاء به، وإلى ما يجب المصير إليه، وإلى ما يسوغ من غير إيجاب

- ‌[أنواع ما يحرم القول به]

- ‌[الفرق بين الاتباع والتقليد]

- ‌[مضار زلة العالم]

- ‌[كلام علي لكُميل بن زياد]

- ‌[نهي الصحابة عن الاستنان بالرجال]

- ‌[الاحتجاج على من أجاز التقليد بحجج نظرية]

- ‌[التقليد والاتباع]

- ‌فصل [نهي الأئمة الأربعة عن تقليدهم]

- ‌فصل [مناظرة بين مقلِّد وصاحب حُجَّة]

- ‌[الرد على حجج القائلين بالتقليد]

- ‌[نقول عن الأئمة في النهي عن تقليدهم]

- ‌[عودة إلى محاجة دعاة التقليد]

- ‌[موقف المقلدين من الحديث وأمثلة عليه]

- ‌[طرف من تخبط المقلدين في الأخذ ببعض السنة وترك بعضها الآخر]

- ‌[خالف المقلدون أمر اللَّه ورسوله وأئمتهم]

- ‌[الخلف قلبوا أوضاع الدين]

- ‌[ذم اللَّه الذين فرقوا دينهم]

- ‌[ذم اللَّه الذين تقطعوا أمرهم زبرًا]

- ‌[ذم اللَّه من أعرض عن التحاكم إليه]

- ‌[الحق في واحد من الأقوال]

- ‌[دعوة رسول اللَّه عامة]

- ‌[الأقوال لا تنحصر وقائلوها غير معصومين]

- ‌[العِلْمُ يَقِلُّ]

- ‌[ما علة إيثار قول على قول

- ‌[حديث الكلالة بين الصدِّيق والفاروق]

- ‌[لم يكن عمر يقلد أبا بكر]

- ‌[ما خالف فيه عمر أبا بكر]

- ‌[عودة إلى الرد على المقلدة بعمل عمر]

- ‌[حجج إبطال التقليد]

- ‌[لم يكن ابن مسعود يقلد عمر]

- ‌[مكانة ابن مسعود بين الصحابة في علمه]

- ‌[لم يكن الصحابة يقلد بعضهم بعضًا]

- ‌[معنى أمر رسول اللَّه باتباع معاذ]

- ‌[طاعة أولي الأمر]

- ‌[الثناء على التابعين ومعنى كونهم تابعين]

- ‌[من هم أتباع الأئمة]

- ‌[الكلام على حديث أصحابي كالنجوم]

- ‌[الصحابة هم الذين أمرنا بالاستنان بهم]

- ‌[الخلف لا يأخذون بسنة ولا يقتدون بصحابي]

- ‌[أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيحدث اختلاف كثير]

- ‌[أمر عمر شريحًا بتقديم الكتاب ثم السنة]

- ‌[طريق المتأخرين في أخذ الأحكام]

- ‌[أئمة الإسلام يقدمون الكتاب والسنة]

- ‌[طريقة أهل العلم وأئمة الدين]

- ‌[طريق الخلف المقلدين]

- ‌[هل قَلَّد الصحابة عمر

- ‌[قول عمر: لو فعلتُ صارتْ سنةً]

- ‌[ما استبان فاعمل به وما اشتبه فكله لعالمه]

- ‌[فتوى الصحابة والرسول حي تبليغ عنه]

- ‌[المراد من إيجاب اللَّه قبول إنذار من نفر للفقه في الدين]

- ‌[أخذ ابن الزبير بقول الصديق في الجد]

- ‌[ليس قبول شهادة الشاهد تقليدًا له]

- ‌[ليس من التقليد قبول قول القائف ونحوه]

- ‌[شراء الأطعمة من غير سؤال عن أسباب حِلِّها]

- ‌[هل كُلِّف الناس كلهم الاجتهاد

- ‌[عدد الأحاديث التي تدور عليها أصول الأحكام وتفاصيلها]

- ‌[مسألة عقبة بن الحارث ليست دليلًا للمقلدة]

- ‌[الرد على دعوى أن الأئمة قالوا بجواز التقليد]

- ‌[بم لقب الأئمة المقلد

الفصل: ‌[طرف من تخبط المقلدين في الأخذ ببعض السنة وترك بعضها الآخر]

[طرف من تخبط المقلدين في الأخذ ببعض السنة وترك بعضها الآخر]

فاحتج طائفة منهم على (1) سَلْب طَهُورِية الماء المستعمل في رفع الحدث بأن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى أن يتوضأ الرجل بفَضْل وَضُوء المرأة والمرأة بفضل وضوء الرجل"(2) وقالوا: الماء المنفصل عن أعضائهما هو فضل وضوئهما. وخالفوا نفس الحديث؛ فجوّزوا لكل منهما أن يتوضأ بفضل طهور الآخر، وهو المقصود بالحديث، فإنه نهى أن يتوضأ الرجل بفَضْل وَضُوء المرأة إذا خَلَتْ بالماء، وليس عندهم للخلوة أثر، ولا لكون الفضلة فضلة امرأة (3) أثر، فخالفوا نفس الحديث الذي احتجوا به، وحملوا الحديث على غير محملِهِ؛ إذ فضل الوضوء بيقين هو الماء الذي فَضَلَ منه، ليس هو الماء المتوضأ به، فإن ذاك لا يقال له فضل الوضوء، فاحتجوا به فيما لم يُرَدْ به، وأبطلوا الاحتجاج به فيما أريد به (4).

(1) في المطبوع: "في".

(2)

رواه أبو داود الطيالسي (1252)، ومن طريقه أحمد (5/ 66) وأبو داود (82) في الطهارة: باب النهي عن ذلك، والترمذي (64) في الطهارة: باب ما جاء في كراهية فضل وضوء المرأة، وابن ماجه (373) في الطهارة: باب النهي عن ذلك، وابن حبان (1260)، والطبراني (3156)، والدارقطني (1/ 53) والبيهقي (1/ 191) من حديث الحكم بن عمرو الغفاري ولفظه:"إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ بفضل وضوء المرأة".

ولتمام تخريجه، انظر:"الطهور"(193 - بتحقيقي) لأبي عبيد. أما نهي المرأة عن الوضوء بفضل الرجل، فيدل عليه ما رواه أحمد (4/ 111، 5/ 369)، وأبو داود (81): في الطهارة: باب النهي عن ذلك، والنسائي (1/ 130) في الطهارة: باب ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 24)، وعبد الرزاق (1/ 106)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(51)، والبيهقي (1/ 190) عن حميد الحميري قال: لقيتُ رجلًا صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحب أبو هريرة، قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل: ويغتسل الرجل بفضل المرأة" وهذا الرجل هو عبد اللَّه بن سرجس، كما بينته في تعليقي على "الطهور" (ص 259) لأبي عبيد. وقد وقع التصريح بأنه هو في رواية فيه (رقم 194).

وحديث حميد هذا، رجاله ثقات، قاله ابن حجر في "الفتح" (1/ 300) وزاد:"ولم أقف لمن أعله على حجّة قوية" قلت: وقد صححه جماعة من المحدثين، منهم ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(1/ 997)، وانظر تفصيل ذلك في التعليق على "الطهور"(ص 258 - 259) واللَّه الموفق.

(3)

في (ق): "الفضلة لامرأة".

(4)

انظر: "تهذيب السنن"(80 - 82) فإنه مهم، و"بدائع الفوائد"(5714).

ص: 492

ومن ذلك احتجاجُهم على نجاسة الماء بالمُلَاقاة وإن لم يتغير بنهيه صلى الله عليه وسلم أن يُبَال في الماء الدائم (1)، ثم قالوا: لو (2) بال في الماء الدائم لم ينجس حتى ينقص عن قلتين.

واحتجوا على نجاسته أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحَدُكم من نومه فلا يغمس يَدَه في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا"(3) ثم قالوا: لو غمسها قبل غسلها لم ينجس الماء، ولا يجب عليه غسلها، وإن شاء أن يغمسها قبل الغسل فعل (4).

واحتجوا في هذه المسألة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحَفْر الأرض التي بال فيها البائل وإخراج ترابها (5)، ثم قالوا: لا يجب حَفْرُها، بل لو تركت حتى يبست بالشمس والريح طهرت.

(1) رواه البخاري (238) في الوضوء: باب البول في الماء الدائم، ومسلم (282) من حديث أبي هريرة ولفظه:"لا يبولنّ أحدكم في الماء الدائم".

وروى مسلم (281) في الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يُبال في الماء الراكد.

(2)

في (ك): "إن".

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(كتاب الوضوء، باب الاستجمار وترًا، 1/ 263/ رقم 162)، ومسلم في "الصحيح"(كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثًا، 1/ 233/ رقم 278)، والمذكور لفظه عن أبي هريرة، وقد أسهبتُ في تخريجه في تعليقي على كتاب "الطهور"(رقم 279).

(4)

انظر: ذِكْرَ ابن القيم رحمه الله لعلة النهي في "تهذيب السنن"(1/ 69 - 70)، و"بدائع الفوائد"(4/ 87).

(5)

ورد من حديث ابن مسعود رواه الدارقطني في "سننه"(1/ 132) من طريق أبي بكر بن عياش حدثنا سمعان بن مالك عن أبي وائل عنه، وقال: سمعان مجهول. وقال أبو زرعة -كما في "العلل"(1/ 24): ليس بقوي. ونقل الزيلعي عبارة أبي زرعة هذه: منكر ليس بالقوي.

ومن حديث أنس، علقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(545) -وعزاه الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 212) وابن حجر في "التلخيص"(1/ 37) للدارقطني، ولم أجده فيه- من طريق عبد الجبار بن العلاء عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أنس، وقال الدارقطني: ووهم عبد الجبار على ابن عيينة لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عنه عن يحيى بن سعيد، فلم يذكر أحد منهم الحفر، وإنما روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس أن النبي صلى الله عليه وسلم. قال:"احفروا مكانه" مرسلًا.

ورُوي مرسلًا، أحدها هذا الذي أشار إليه الدارقطني وهو مرسل طاوس، رواه عبد الرزاق (1/ 424) وله مرسل آخر رواه أبو داود في "المراسيل"(11)، وفي "السنن"(381)، والدارقطني (1/ 132) والبيهقي (2/ 428) من طريق عبد الملك بن عمير عن عبد اللَّه بن معقل بن مُقَرِّن قال. . . قال أبو داود: هو مرسل، ابن معقل لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم. ورجاله ثقات. =

ص: 493

واحتجوا على منع الوضوء بالماء المستعمل بقوله صلى الله عليه وسلم: "يا بني عبد المطلب إن اللَّه كره لكم غُسَالة أيدي الناس"(1) يعني الزكاة. ثم قالوا: لا تحرم الزكاة علي بني [عبد](2) المطلب.

واحتجوا على أن السمك الطافي إذا وقع في الماء لا ينجسه بخلاف غيره من ميتة البر فإنه ينجس الماء بقوله صلى الله عليه وسلم في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"(3) ثم

= وحاول ابن حجر في التلخيص تقويته، مرسلًا وموصولا والذي يظهر عدمه لمخالفته لما صح في الأحاديث المشهورة.

(1)

سبق تخريجه.

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

(3)

أخرجه مالك في "الموطأ"(كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء، 1/ 22/ رقم 12) -ومن طريقه الشافعي في "الأم"(1/ 16)، و"المسند"(8/ 335 - مع الأم)، وأبو عبيد في "الطهور"(رقم 231)، ومحمد بن الحسن في "الموطأ"(رقم 46) -، وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 131) و"المسند" كما في "نصب الراية"(1/ 96)، وأحمد في "المسند"(2/ 237 و 361 و 393)، والنسائي في "المجتبى"(كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، 1/ 176، وكتاب الصيد والذبائح، باب ميتة البحر، 7/ 207)، و"السنن الكبرى"(رقم 67)، والترمذي في "الجامع"(أبواب الطهارة، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، 1/ 100 - 101/ رقم 69)، وأبو داود في "السنن"(كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، 1/ 64/ رقم 83)، والدارمي في "السنن"(كتاب الطهارة، باب الوضوء من ماء البحر، 1/ 186، وكتاب الصيد، باب في صيد البحر، 2/ 91)، وابن ماجه في "السنن"(كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، 1/ 136 رقم 386)، وكتاب الصيد، باب الطافي من صيد البحر، 2/ 1081/ رقم 3246)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 478، ترجمة سعيد بن سلمة المخزومي)، وابن حبان في "الصحيح"(رقم 119 - موارد الظمآن)، وابن خزيمة في "الصحيح"(1/ 59/ رقم 111)، وابن الجارود في "المنتقى"(رقم 43)، والدارقطني في "السنن"(1/ 36)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 140 - 141)، "معرفة علوم الحديث"(ص 87)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 3) و"السنن الصغرى"(1/ 63/ رقم 155)، وابن المنذر في "الأوسط"(1/ 247)، والبغوي في "شرح السنة"(2/ 55 - 56/ رقم 281)، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير"(1/ 346)، وقال:"إسناده متصل ثابت"، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح"، ونقل عن البخاري تصحيحه لهذا الحديث.

وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن السكن وابن المنذر والخطّابي والطحاوي وابن منده وابن حزم والبيهقي وعبد الحق وابن الأثير وابن الملقن والزّيلعي وابن حجر والنووي والشوكاني والصنعاني وأحمد شاكر والألباني.

انظر: "نصب الراية"(1/ 95)، و"التلخيص الحبير"(1/ 9)، و"المجموع"(1/ 82)، و"خلاصة البدر المنير"(رقم 1)، و"تحفة المحتاج"(رقم 3)، و"البناية شرح الهداية"(1/ 297)، وتعليق شاكر على "جامع الترمذي"(1/ 101)، و"نيل الأوطار"(1/ 17)، =

ص: 494

خالفوا هذا الخبر نفسه (1) وقالوا: لا يحل ما مات في البحر من السمك، ولا يحل شيء مما فيه أصلًا غير السمك.

واحتجَّ أهلُ الرأي على نجاسة الكلب وولوغه يقول النبي صلى الله عليه وسلم:- "إذا وَلَغَ الكلبُ في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات"(2) ثم قالوا: لا يجب غَسْله سبعًا، بل يغسل مرة، ومنهم من قال ثلاثًا (3).

واحتجوا على تفريقهم في النجاسة المغلظة بين قدر الدرهم وغيره بحديث لا يصح من طريق غطَيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة يرفعه: "تُعَاد الصلاة من قدر الدرهم"(4). . . . .

= و"سبل السلام"(1/ 15)، و"إرواء الغليل"(1/ 42)، و"البدر المنير"(2 - 5).

وقال الإِمام الشافعي في هذا الحديث: "هذا الحديث نصف علم الطهارة". انظر "المجموع"(1/ 84)، وانظر لزامًا:"الطهور" لأبي عبيد (رقم 231 - 240) مع تعليقي عليه.

(1)

في المطبوع: "الخبر بعينه".

(2)

رواه البخاري في (كتاب الوضوء: باب الماء الذي يُغسل به شعر الإنسان 1/ 274/ رقم: 172)، ومسلم في (كتاب الطهارة: باب حكم ولوغ الكلب 1/ 234/ رقم: 279) من حديث أبي هريرة، ورواه مسلم -أيضًا- (في كتاب الطهارة - باب حكم ولوغ الكلب، 1/ 234/ رقم 280) من حديث عبد اللَّه بن مغفل وانظر: "كتاب الطهور" لأبي عبيد القاسم بن سلام (رقم: 201 - 204 - بتحقيقي).

(3)

انظر: "بدائع القوائد"(4/ 52) -ولزامًا- "الخلافيات"(3/ 25 مسألة رقم 38) وتعليقي عليه.

(4)

رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 308 و 309) وفي "الصغير"(1/ 302)، والعقيلي في "الضعفاء"(2/ 57)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 998)، والدارقطني في "سننه"(1/ 401)، وابن حبان في "المجروحين"(1/ 298)، والبيهقي (2/ 404) وفي "الخلافيات"(رقم 381، 382 - بتحقيقي)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 76) من طرق عن روح بن غطيف عن الزهري به قال البخاري: هذا حديث باطل وروح منكر الحديث وقال ابن حبان: موضوع لا شك فيه لم يقله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولكن اخترعه أهل الكوفة، وكان روح بن غطيف يروي الموضوعات عن الثقات.

وقد خالف أسد بن عمرو في الحديث عند الدارقطني (1/ 401) -ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 76) - فقال: عن غطيف الثقفي -كذا سماه عن الزهري وهو وهم [وصوابه روح] كما قال الدارقطني وله لفظ آخر: "إذا كان في الثوب قدر الدرهم من الدم غسل الثوب وأعيدت الصلاة".

رواه الخطيب في "تاريخ بغداد"(9/ 330) وابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 75) من طريق نوح بن أبي مريم عن يزيد الهاشمي عن الزهري به. =

ص: 495

ثم قالوا: لا تعاد الصلاة من قدر الدرهم (1).

واحتجوا بحديث علي بن أبي طالب (2) في الزكاة في زيادة الإبل على عشرين ومئة أنها تُردُّ إلى أول الفريضة فيكون في كل خمس شاة (3)، وخالفوه في اثني عشر موضعًا منه، ثم احتجوا بحديث عمرو بن حزم:"أن ما زاد على مئتي درهم فلا شيء فيه حتى يبلغ أربعين فيكون فيها درهم"(4) وخالفوا الحديث

= ونوح قال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من حديث الإثبات لا يجوز الاحتجاج به بحال وأقر السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 3) وابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 369) الحكم على الحديث بالوضع. وكذا الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 212). وانظر تفصيلًا مستطابًا ونقولاتٍ عديدةً عن العلماء في وضح هذا الحديث "الخلافيات" للبيهقي (2/ 107 - 109) وتعليقي عليه.

(1)

انظر: مبحث العفو عن يسير النجاسة في "إغاثة اللهفان"(1/ 63، 144 - 147، 150 - 159).

وانظر: مبحث الحنفية في "الأصل"(68/ 1) لمحمد بن الحسن، و"المبسوط"(1/ 86) و"بدائع الصنائع"(1/ 18)، و"فتح القدير"(1/ 202، 208)، و"البحر الرائق"، (1/ 239)، و"الاختيار"(1/ 31)، و"فتح باب العناية"(1/ 259)، و"حاشية ابن عابدين"(1/ 213).

(2)

بعده في المطبوع: "كرم اللَّه وجهه في الجنة".

(3)

رواه ابن أبي شيبة (3/ 125)، وأبو عبيد في "الأموال"(ص 452) رقم (945)، ومن طريقه ابن زنجويه في "الأموال"(ص 809) رقم (1402)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 92) من طريقي ابن المبارك وسفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال: إذا زادت الإبل على عشرين ومئة يستقبل بها الفريضة، وقد أعل هذا الحازمي في "الاعتبار" في (الوجه الثامن عشر من أوجه الاختلاف) ص 23 فقال: أن يكون أحد الحديثين قد اختلفت الرواية فيه، والثاني لم تختلف فيقدم الحديث الذي لم تختلف الرواية فيه نحو حديث أنس بن مالك في صدقة الإبل إذا زادت على عشرين ومئة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة، رواه البخاري (1448) وأطرافه هناك.

ثم ذكر حديث علي هذا والاختلاف فيه حيث رواه شريك عن أبي إسحاق نحو حديث أنس ثم قال: "وحديث أنس لم تختلف الرواية فيه كما ترى فالمصير إلى حديث أنس أولى على أن كثيرًا من الحفاظ أحالوا في حديث علي بالغلط على عاصم" وانظر لزامًا ما كتبه البيهقي فقد أعله بنحو هذا وذكر عن ابن معين والشافعي كلامًا في إعلاله.

أما ابن حجر فقال في "الدراية"(1/ 251): إسناده حسن إلا أنه اختلف فيه على أبي إسحاق!! وانظر ما علقناه على (ص 316 - 317).

(4)

كتاب عمرو بن حزم في الصدقات رووه مطولًا ومختصرًا وأنا أذكر من روى هذا الطرف الذي ذكره ابن القيم: رواه ابن حبان (6559)، والحاكم (1/ 395 - 397)، والبيهقي =

ص: 496

نفسه (1) في نص ما فيه في أكثر من خمسة عشر موضعًا.

واحتجوا على أن الخيار لا يكون أكثر من ثلاثة أيام بحديث المُصَرَّاة (2)، وهذا من إحدى العجائب، فإنهم من أشد الناس إنكارًا له، ولا يقولون به، فإن كان حقًا وجَبَ اتباعه، وإن لم يكن صحيحًا لم يجز الاحتجاح [به](3) في تقدير الثلاث، مع أنه ليس في الحديث تعرض لخيار الشرط؛ فالذي أريد بالحديث ودل عليه خالفوه، والذي احتجوا عليه به لم يدل عليه.

واحتجوا لهذه المسألة أيضًا بخبر حبان بن منقذ الذي كان يُغْبَنُ في البيع، فجعل له النبي صلى الله عليه وسلم الخيار ثلاثة أيام (4). وخالفوا الخبر كله، فلم يثبتوا الخيار

= (4/ 89 - 90) من طريق سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدِّه وقد اختلف في وصله وارساله ورجح الإرسال أبو داود والنسائي.

وأما الحاكم فقال: إسناده صحيح وهو من قواعد الإِسلام. وانظر للأهمية "نصب الراية"(2/ 341 - 342) وتعليقي على "الخلافيات" للبيهقي (1/ 501 رقم 297).

(1)

في المطبوع و (ن): "بعينه".

(2)

أخرج البخاري في "الصحيح"(كتاب البيوع، باب النهي للبائع أن لا يحفّل الإبل والبقر والغنم (3/ 361/ رقم 2148)، ومسلم في "الصحيح"(كتاب البيوع، باب حكم بيع المصرَّاة، 3/ 1158/ رقم 1524) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا تصروا الإبل والغنم للبيع، فمن ابتاعها بعد ذلك؛ فهو بخير النَظَرَين من بعد أن يحلبها؛ إنْ رضيَ أمسكها، وإنْ سخطها ردَّها وصاعًا من تمر"، وفي رواية لمسلم:"من اشترى مصراة؛ فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن رَدها؛ ردَّ معها صاعًا من تمرٍ لا سمراء".

وهي في البخاري معلقة، دون "لا سمراء".

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

(4)

رواه الشافعي (1255 - بدائع المنن)، ومن طريقه البيهقي في "المعرفة"(3326)، وابن الجارود في "المنتقى"(567)، والدارقطني (3/ 54 - 55)، والحاكم (2/ 22) والبيهقي في "سننه الكبرى"(5/ 273) من طريق سفيان عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، وسكت عليه الحاكم وقال الذهبي: صحيح. وأظن أن هناك في المطبوع سِقْطًا.

قال الشافعي: وأصل البيع على الخيار لولا الخبر كان ينبغي أن يكون فاسدًا. أقول: وابن إسحاق مدلس وقد عنعن في جميع المصادر إلا أني وجدته عند أحمد في "المسند"(2/ 129) قد صَرّح بالسماع ولكن ليس فيه تعيين الخيار بثلاثة أيام.

والحديث بمعناه له طريق آخر رواه "الدارقطني"(3/ 54)، والطبراني في "الأوسط" وفيه ابن لهيعة.

واعلم أنه قد اختلف في اسم القائل الذي حدثت معه القصة فوقع هنا حبان بن منقذ.

وروى البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 273)، والدارقطني (3/ 55) من طرق عن ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر أن رجلًا. قال ابن إسحاق: فحدثت بهذا الحديث =

ص: 497

بالغَبْنِ ولو كان يساوي عشر معشار ما بذله فيه، وسواء قال المشتري:"لا خِلَابَةَ" أو لم يقل، وسواء غُبِنَ قليلًا أو كثيرًا، لا خيار له في ذلك كله.

واحتجوا في إيجاب الكفارة على مَنْ أفطر في نهار رمضان بأن في بعض ألفاظ الحديث أن رجلًا أفطر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفّر (1)، ثم خالفوا هذا اللفظ بعينه فقالوا: إن اسْتَفَّ دقيقًا أو بَلَعَ عجينًا أو أهليلجًا أو طيبًا أفطر، ولا كفارة عليه.

واحتجوا على وجوب القضاء على مَنْ تعمد القيء بحديث أبي هريرة (2)، ثم خالفوا الحديث بعينه فقالوا: إن تقيأ أقَلَّ من ملء فيه فلا قَضَاء عليه.

واحتجوا على تحديد مسافة الفطر والقَصْر بقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام إلا مع زوج أو ذي محرم"(3) وهذا

= محمد بن يحيى بن حبان قال: كان جدي منقذ بن عمرو.

وروى ابن ماجه (2355) في الأحكام أيضًا من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان قال: هو جدي منقذ بن عمرو وكذا رواه أيضًا البخاري في "التاريخ "الكبير" (8/ 17) وابن أبي شيبة في "المصنف" (8/ 406 ط دار الفكر).

واصل حديث الباب رواه البخاري (2117) و (2407) و (2414) و (4964)، ومسلم (1533) من حديث عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر وليس فيه أن له الخيار ثلاثة أيام وأخشى أن تكون هذه الزيادة من أوهام ابن إسحاق ثم وجدت الحافظ في "التلخيص" (3/ 21) نقل عن ابن الصلاح قوله: وأما رواية الاشتراط منكرة لا أصل لها ..

ورواه أحمد (3/ 217)، وأبو داود (3501)، والترمذي (1250)، والنسائي (7/ 252) وابن ماجه (2354) وغيرهم من حديث أنس وليس فيه أيضًا ذكر الخيار بثلاثة أيام.

(1)

هذا الحديث بهذا اللفظ في "صحيح مسلم"(1111 بعد 84) في الصوم: باب تغليظ تحريم الجماع. . . من حديث أبي هريرة. وهو في "صحيح" البخاري في المجامع في رمضان (1937).

(2)

رواه أحمد (2/ 498) والدارمي (2/ 14) وأبو داود (2380) في الصوم: باب الصائم يستقيء عامدًا، والترمذي (720) في الصوم: باب ما جاء فيمن استقاء عمدًا، والنسائي في "الكبرى"(3130) في الصيام باب ذكر الاختلاف على هشام في هذا الحديث، وابن ماجه (1676) في الصيام: باب ما جاء في الصائم يقيء، وابن خزيمة (1960) و (1961)، والدارقطني (18412) والحاكم (1/ 426 - 427)، والبيهقي (4/ 219) من طريق هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة.

وإسناده صحيح.

وقد أعله بعضهم بعلة ذكرها وأجاب عنها شيخنا في "إرواء الغليل"(4/ 51 - 52).

(3)

رواه البخاري (1086) و (1087) في تقصير الصلاة: باب في كم يقصر الصلاة، ومسلم =

ص: 498

مع أنه لا دليل فيه ألبتة على ما ادعوه (1) فقد خالفو نفسه فقالوا: يجوز للمملوكة والمكاتبة وأم الولد السفر مع غير زوج ومحرم.

واحتجوا على منع المُحْرِم من تغطية وجهه بحديث ابن عباس في الذي وقَصَتْه ناقته وهو محرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تخمّروا رأسَه ولا وَجْهَه فإنه يُبْعَث يوم القيامة مُلَبيًا"(2) وهذا من العجب فإنهم يقولون: إذا مات المحرم جاز تغطية رأسه ووجهه وقد بطل إحرامه.

واحتجوا على إيجاب الجزاء على من قتل ضَبُعًا في الإحرام بحديث جابر أنه أفتى بأكْلها وبالجزاء على قاتلها، وأسند ذلك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3)، ثم خالفوا الحديث نفسه (4) فقالوا: لا يحل أكلها.

واحتجوا فيمن وجبت عليه ابنة مَخَاضٍ فأعطى [ثلثي](5) ابنة لبون تساوي ابنة مخاض أو حمارًا يساويها أنه يجزئه بحديث أنس الصحيح وفيه: "مَنْ وجبت عليه ابنة مخاض وليست عنده، وعنده ابنة لبون؛ فإنها تؤخذ منه، ويرد عليه الساعي شاتين أو عشرين درهمًا"(6). وهذا من العجب فإنهم لا يقولون بما دل عليه الحديث من تعيين ذلك، ويستدلون به على ما لم يدل عليه بوجه ولا أريد به.

واحتجوا على إسقاط الحدود في دار الحرب إذا فعل المسلم أسبابها بحديث: "لَا تُقْطَع الأيدي في الغزو" وفي لفظ: "في السفر"(7) ولم يقولوا

= (1338)(414) في الحج: باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره من حديث ابن عمر.

ورواه مسلم (1339)(422) من حديث أبي هريرة.

(1)

انظر: "زاد المعاد"(1/ 162) و"تهذيب السنن"(3/ 292 - 294).

(2)

تقدم تخريجه. وانظر: "زاد المعاد"(1/ 225).

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

في المطبوع: "بعينه".

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من "المطبوع".

(6)

هو جزء من حديث أبي بكر الذي يرويه أنس عنه وقد ذكره أصحاب "المسانيد" في مسند أبي بكر كأحمد وأبي يعلى وهو في "صحيح البخاري"(1448) في الزكاة: باب العرض في الزكاة. وانظر أطرافه في "صحيح البخاري" هناك.

والجزء الذي أورده ابن القيم في الطرف المذكور.

(7)

رواه أبو داود (4408) في الحدود: باب السارق يسرق في الغزو، والترمذي (1474) في الحدود باب ما جاء أن لا تقطع الأيدي في السفر، والنسائي (8/ 91) في قطع =

ص: 499

بالحديث؛ فإن عندهم لا أثر للسفر ولا للغزو في ذلك.

واحتجوا في إيجاب الأضحية بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أمر بالأضحية، وأن يُطْعَم منها الجار والسائل"(1) فقالوا: لا يجب أن يطعم منها جار ولا سائل.

واحتجوا في إباحة ما ذبحه غاصب أو سارق بالخبر الذي فيه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "دُعِيَ إلى طعام (2) مع رَهْط من أصحابه، فلما أخذ لقمة قال: إني أجد لحم شاة أخذت بغير حق" فقالت المرأة: يا رسول اللَّه، إني أخذتها من امرأة فلان بغير علم زوجها، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تطعم الأسارى (3). وقد خالفوا هذا الحديث فقالوا: ذبيحة الغاصب حلال، ولا تحرم على المسلمين.

= السارق باب القطع في السفر، وأحمد في "مسنده"(4/ 181) والدارمي في "سننه"(2/ 231)، والطبراني في "الكبير" رقم (1195)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 439)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(860)، والبيهقي في "سننه الكبرى" (9/ 104) من طريق عياش بن عباس عن شييم بن بيتان ويزيد بن صبيح الأصبحي عن جنادة قال: سمعت بسر بن أبي أرطاة. . . فقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وفي بعضها: لا تقطع الأيدي في السفر، وأخرى في الغزو، أقول: وهذا إسناد قوي كما قال الحافظ في الإصابة، على خلاف في صحبة بُسْر هذا.

أما ابن معين فكان لا يرى ذلك ولذلك قال فيه: رجل سوء وذلك لما اشتهر منه في قتال أهل الحرة كما قال البيهقي وبعضهم قال: أدركه صغيرًا، وممن أثبت صحبته الدارقطني وابن يونس.

أقول: وترجمه أيضًا البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 123) وذكر له حديثًا آخر فيه سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه أيضًا ابن حبان في "صحيحه" وذكر له ابن عدي هذين الحديثين ثم قال: ولا أرى بإسناد هذين بأسًا.

أقول: في كلا الحديثين سماع بُسْر من النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه طريقة من طرق إثبات الصحبة كما هو في كتب الصحابة.

(1)

عزاه في "الدر المنثور"(4/ 362) لابن أبي شيبة عن معاذ، وزاد:"والمتعفف".

(2)

في المطبوع: "الطعام".

(3)

رواه أبو داود (3332): في البيوع: باب في اجتناب الشبهات، وأحمد (5/ 92 - 93)، والدارقطني (4/ 285 - 286)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(5/ 335 و 6/ 97)، وفي "دلائل النبوة"(6/ 310) من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار وفيه قصة وطول، قال الزيلعي (4/ 168): إسناده صحيح وصححه ابن حجر في "التلخيص الحبير"(2/ 127)، وشيخنا الألباني في "إرواء الغليل"(3/ 196)، و"السلسلة الصحيحة"(754). وله شاهد من حديث أبي موسى رواه الطبراني في معجميه "الكبير والأوسط" -كما في نصب الراية-.

ص: 500

واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "جَرْحُ العَجْمَاء جُبَار"(1) في إسقاط الضمان بجناية المواشي، ثم خالفوه فيما دل عليه وأريد به، فقالوا: مَنْ ركب دابة أو قادها أو ساقها فهو ضامن لمن (2) عَضَّتْ بفمها، ولا ضمان عليه فيما أتلفت برجلها.

واحتجوا على تأخير القَوَد إلى حين البرء بالحديث المشهور: "أن رجلًا طعن آخر في ركبته بقَرْنِ، فطلب القَوَد، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى يبرأ، فأبى، فأقاده قبل أن يبرأ" الحديث (3)، وخالفوه في القصاص من الطعنة فقالوا: لا يقتص منها.

واحتجوا على إسقاط الحدِّ عن الزاني بأمة ابنه أو أم ولده بقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالُكَ لأبيك"(4) وخالفوه فيما دل عليه فقالوا: ليس للأب من مال ابنه شيء ألبتة، ولم يبيحوا له من مال ابنه عُودَ أراكٍ فما فوقه، وأوجبوا حبسه في دَيْنه وضمان ما أتلفه عليه.

(1) رواه البخاري (1499) في الزكاة: باب في الركاز الخمس، و (2355) في الشرب: من حفر بئرًا في ملكه لم يضمن، و (6912) في الديات: باب المعدن جبار، و (6913) باب العجماء جبار، ومسلم (1710) في الحدود: باب جرح العجماء، من حديث هريرة وفيه زيادة.

و"العجماء: الدابة، والجبار: الهدر"(و).

(2)

في (ك) و (ق): "لما".

(3)

رواه أحمد 2/ 216 من طريق محمد بن إسحاق وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن به قال الهيثمي (6/ 295 - 296): ورجاله ثقات.

أقول: ظاهر الإسناد منقطع، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن كما ذكر ابن عبد الهادي في "التنقيح" لكنه توبع، تابعه ابن جريج، أخرجه الدارقطني (3/ 88) ، والبيهقي (8/ 67)، والحازمي في "الاعتبار"(ص 194) من طريق محمد بن حمران ابن جريج عن عمرو بن شعيب به.

ومحمد بن حمران: صدوق فيه لين.

وأخرجوه من طريق مسلم بن خالد أيضًا عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب به. ومسلم هذا ضعيف قال الحازمي: فإن صح سماع ابن جريج من عمرو بن شعيب فهو حديث حسن يقوى الاحتجاج به.

أقول: ابن جريج لم يصرّح بالسماع في كل طرقه: وله شاهد من حديث جابر رواه الدارقطني (3/ 89) والبيهقي (8/ 66) وقد أعل بالإرسال.

وشاهد آخر عن ابن عباس.

قال ابن التركماني: فهذا أمر قد روي من طرق عدة يشد بعضها بعضًا.

(4)

سبق تخريجه.

ص: 501

واحتجوا على أن الإِمام يكبِّر إذا قال المقيم: "قد قامت الصلاة" بحديث بلال أنه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1): "لا تسبقني بآمين"(2) وبقول أبي هريرة [لمروان](3): "لا تسبقني بآمين"(4) ثم خالفوا الخبر جهارا فقالوا: لا يؤمّن الإمامُ ولا المأموم.

واحتجوا على وجوب مسح ربع الرأس بحديث المغيرة بن شعبة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "مَسَحَ بناصيته وعمامته"(5) ثم خالفوه فيما دل عليه فقالوا: لا يجوز

(1) في المطبوع: "أنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".

(2)

رواه عبد الرزاق (2/ 96 رقم 2636)، وأحمد (6/ 15) وأبو داود (937) في الصلاة: باب التأمين وراء الإِمام والهيثم بن كليب في "مسنده"(976)، والطبراني في "الكبير"(1124) و (1125)، والحاكم (1/ 219)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 22 - 23) من طرق عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن بلال وكلهم اتفقوا على أن القائل هو بلال للنبي صلى الله عليه وسلم، ورواه محمد بن فضيل عن عاصم به، لكن القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم لبلال، أخرجه من طريقه أحمد (6/ 12)، والبيهقي (2/ 23 و 56). ورواه شعبة واختلف عنه.

فرواه عنه محمد بن جعفر والقائل هو بلال، أخرجه أحمد (6/ 15) ورواه آدم بن أبي إياس، والقائل هو النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه البيهقي (2/ 56) قال البيهقي: فكأن بلالا كان يؤمن قبل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تسبقني بآمين. .

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 263)، ورجاله ثقات، لكن قيل إن أبا عثمان لم يلق بلالا، وقد روي عنه بلفظ "أن بلالًا قال" وهو ظاهر الإرسال، ورجحه الدارقطني وغيره على الموصول. أقول: لم أجد ترجيح الدارقطني، لا في "العلل" ولا في "السنن".

وأما الحاكم فصححه على شرط الشيخين وقال: أبو عثمان النهدي أدرك الطائفة الأولى من الصحابة، ووافقه الذهبي!!.

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).

(4)

رواه البيهقي (2/ 59) وإسناده صحيح، وعلق البخاري في "صحيحه" (2/ 262): وكان أبو هريرة ينادي الإِمام: لا تفتني بآمين، وانظر:"مصنف عبد الرزاق"(2/ 96).

(5)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة، 1/ 230/ رقم 274 بعد 81) عن المغيرة ضمن حديث فيه: "ومسح بناصيته، وعلى العمامة، وعلى خفيه". وفي لفظ برقم (274 بعد 82): "يمسح على الخفّين، ومقدم رأسه، وعلى عمامته".

وقد وردت أحاديث كثيرة وآثار عن أبي بكر وعمر في المسح على العمامة؛ حتى قال الإِمام أحمد: "المسح على العمامة من خمسة وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وانظر: بسط المسألة في: "المغني"(1/ 300)، و"المجموع"(1/ 406)، و"الأوسط"(1/ 466 - 472)، و"مسائل أحمد"(ص 8) لأبي داود، و"الحجة على أهل المدينة"(1/ 16)، و"الموطأ"(1/ 43)، و"الأم"(1/ 26).

ص: 502

المسح على العمامة، ولا أثر للمسح عليها ألبتة؛ فإن الفرض يسقط بالناصية، والمسح على العمامة غير واجب ولا مستحب عندهم.

واحتجوا لقولهم في استحباب مساوقة (1) الإِمام بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جُعِل الإِمام ليؤتم به"(2) قالوا: والائتمام به يقتضي أن يفعل مثل فعله سواء. ثم خالفوا الحديث فيما دل عليه، فإن فيه:"فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون"(3).

واحتجوا على أن الفاتحة لا تتعين في الصلاة بحديث المسيء في صلاته حيث قال له: "أقْرَأ ما تيسر معك من القرآن"(4) وخالفوه فيما دل عليه صريحًا في قوله: "ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تطمئن (5) قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا"(6)، وقوله:"ارجع فَصَلِّ فإنك لم تصل"(6)، فقالوا: من ترك الطمأنينة فقد صلى، وليس الأمر بها فرضًا لازمًا، مع أن الأمر بها و [الأمر](7) بالقراءة سواء في الحديث.

واحتجوا على إسقاط جَلْسَة الاستراحة بحديث أبي حميد (8) حيث لم

(1) في (ك) و (ق): "مسابقة"! وقال في هامش (ق): "لعله: موافقة أو مساوقة".

(2)

رواه البخاري (734) في الأذان: باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، ومسلم (414) في الصلاة: باب ائتمام الإِمام بالمأموم و (415) و (417) باب النهي عن مبادرة الإِمام بالتكبير وغيره من حديث أبي هريرة.

ورواه البخاري (378) و (689) و (732) و (733) و (805) و (1114) و (1911) و (2469) و (5201) و (5289) و (6684)، ومسلم (411) من حديث أنس بن مالك.

(3)

هو قطعة من الحديث السابق.

(4)

رواه البخاري (757) في الأذان: باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، و (793) باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم ركوعه بالإعادة، و (6251) في الاستئذان: باب من رد فقال: عليك السلام، و (6252) و (6667) في الأيمان والنذور: باب إذا حنث ناسيًا في الإيمان. ومسلم (397) في الصلاة: باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، من حديث أبي هريرة.

(5)

في المطبوع: "تعتدل".

(6)

قطعة من الحديث السابق.

(7)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.

(8)

حديث أبي حميد في وصف صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رواه أحمد (5/ 424)، والبخاري في "جزء رفع اليدين في الصلاة"(ص)، وأبو داود (730) و (733) و (734) في الصلاة: باب افتتاح الصلاة (963) و (966) و (967) باب من ذكر التورك في الرابعة، والترمذي =

ص: 503

يذكرها فيه (1)، وخالفوه في نفس ما دل عليه من رفع اليدين عند الركوع والرفع منه.

واحتجوا على إسقاط فرض الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والسلام في الصلاة، بحديث ابن مسعود:"فإذا قُلْتَ ذلك فقد تمت صلاتك"(2) ثم خالفوه في نفس ما

= (304) و (305) في الصلاة: باب ما جاء في وصف الصلاة، والنسائي (3/ 34) في السهو: باب صفة الجلوس في الركعة التي يقضي فيها الصلاة، وابن ماجه (1061) في الإقامة: باب إتمام الصلاة، وابن الجارود (192) و (193)، وابن خزيمة (587) و (588) و (589) و (608) و (685) و (689) و (700)، وابن حبان (1865) و (1867) و (1869) و (1870) و (1871) و (1876)، والبيهقي (2/ 26) و (72) و (73) و (101) و (116) و (118) و (123) و (129).

وقال الترمذي: حسن صحيح. وجمع طرقه وألفاظه الشيخ محمد عمر بازمول في جزء مفرد، وهو مطبوع.

(1)

صرَّح المؤلف رحمه الله بأن جلسة الاستراحة ليست من سنن الصلاة في "كتاب الصلاة"(ص: 125 - 126)، وانظر:"زاد المعاد"(1/ 61).

وانظر في تعقبه: "تمام المنة"(126) وأفرد بعض المعاصرين الأحاديث الواردة في جلسة الاستراحة بجزء مفرد، وتعقب فيه المصنف أيضًا.

(2)

اختلف في هذه اللفظة هل هي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام ابن مسعود.

فقد رواه الحسن بن حُر عن القاسم بن مُخَيْمرة عن علقمة عن ابن مسعود، واختلف عنه فرواه عنه زهير بن معاوية واختلف عنه فرواه أحمد (1/ 422)، وأبو داود في الصلاة (970) باب التشهد، والدارمي (1/ 309)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 275)، والطبراني في "الكبير"(9925)، والطيالسي (275)، وابن حبان (1968)، الدارقطني (1/ 353)، والبيهقي (2/ 174) من طرق عنه به، وجعلها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه الدارقطني (1/ 353) والبيهقي (2/ 174) من طريق شبابة عن زهير به وجعله من قول ابن مسعود، قال الدارقطني: وشبابة ثقة، وقد فصل آخر الحديث فجعله من قول ابن مسعود، وهو أصح من رواية من أدرج آخره في كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه محمد بن عجلان والحسين بن علي الجعفي وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحر به وجعلوها من قول ابن مسعود.

أما رواية ابن عجلان فأخرجها الدارقطني في "سننه"(1/ 352)، والطبراني (9923)، وإسنادها جَيّد وأما رواية حسين بن علي الجعفي فأخرجها ابن أبي شيبة (/ 291)، وأحمد (1/ 450)، والدارقطني (1/ 352)، والطبراني (9926)، وابن حبان (1963)، وإسنادها صحيح، وأما رواية عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فأخرجها ابن حبان (1962)، والطبراني في "الكبير"(9924)، وفي "مسند الشاميين"(164)، والدارقطني (1/ 354)، والبيهقي (2/ 175) من طريق غسان بن الربيع عنه.

أقول: وعبد الرحمن هذا: قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ وتغير بأخرة، وتلميذه =

ص: 504

دل عليه، فقالوا: صلاته تامة قال ذلك أو لم يقله.

واحتجوا على جواز الكلام والإمام [يخطب](1) على المنبر يوم الجمعة بقوله صلى الله عليه وسلم للداخل: "أصَليْتَ يا فلان قبل أن تجلس؟ قال: لا، قال: قم فاركع ركعتين"(2) وخالفوه في نفس ما دل عليه، فقالوا: من دخل والإمام يخطب جلس ولم يُصلِّ.

واحتجوا على كراهة (3) رفع اليدين في الصلاة بقوله صلى الله عليه وسلم: "ما بالهم رافعي أَيديهم كأنَّها أذنابُ خيل شُمس"(4) ثم خالفوه في نفس ما دل عليه؛ فإنّ فيه: "إنما يكفي أحدكُم أَنْ يُسلِّم على أخيه من عن يمينه وشماله: السلامُ عليكم ورحمةُ اللَّه، السلام عليكم ورحمة اللَّه"(4) فقالوا: لا يحتاج إلى ذلك ويكفيه غيره من كل مُنافٍ للصلاة.

واحتجوا في استخلاف الإِمام إذا أحْدث بالخبر الصحيح أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خَرجَ وأبو بكر يُصلّي بالناس فتأخَر أبو بكر، وتقدَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم فصلَّى بالناس (5)،

= غسان قال فيه الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: صالح، وقال الذهبي: ليس بحجة في الحديث.

إذن نخلص أن ثلاثة من الرواة جعلوا هذه اللفظة موقوفة، واثنان منهم من الثقات، والثالث يعتبر بحديثه، وواحد قد اختلف عليه فيها وهو زهير بن معاوية، فرواها جماعة من الثقات عنه مرفوعة ووقفها شبابة وهو ثقة. وأعل الحديث مرفوعًا الدارقطني في "سننه" وفي "علله"(5/ 128) وتبعه البيهقي.

وممن رواها مرفوعة أيضًا محمد بن أبيان أشار إلى ذلك ابن حبان وقال: ومحمد بن أبان ضعيف قد برأنا من عهدته في كتاب "المجروحين". وانظر بسط المبحث في "الفصل للوصل"(1/ 161) للخطيب و"جلاء الأفهام"(ص 116) وتعليقي عليه، وأما وجوب الصلاة على النبي والسلام فتؤخذ من أحاديث أخرى ذكر المصنف قسمًا منها في "جلاء الأفهام"(ص 463) وخرجُتها في التعليق عليه، والحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات.

(1)

ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

(2)

رواه البخاري (930) في الجمعة: باب إذا رأى الإِمام رجلًا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين و (931) باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، ومسلم (875) في الجمعة: باب التحية والأمام يخطب، من حديث جابر.

(3)

في المطبوع: "كراهية".

(4)

رواه مسلم (431) في (الصلاة): باب الأمر بالسكون في الصلاة، من حديث جابر بن سمرة.

(5)

رواه البخاري (684) في (الأذان): باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإِمام الأول، و (1201) في (العمل في الصلاة): باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة =

ص: 505

ثم خالفوه في نفس ما دلَّ عليه، فقالوا: مَنْ فعل مثل ذلك بطلت صلاته، وأبطلوا صلاة من فعل مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ومَنْ حضَر من الصحابة، فاحتجوا بالحديث فيما لم يدل عليه، وأبطلوا العمل به في نفس ما دل عليه.

واحتجوا لقولهم: إنَّ الإمام إذا صلَّى جالسًا لمرضٍ صلَّى المأمومون خلفه قيامًا بالخبر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه خرج فوجد أبا بكر يُصلِّي بالناس قائمًا، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وجلس وصلَّى بالناس؛ وتأخر أبو بكر"(1)، ثم خالفوا الحديث في نفس ما دل عليه، وقالوا: إنَّ تأخر الإمام لغير حدث، وتقدَّم الآخر بطلت صلاة الإمامين وصلاة جميع (2) المأمومين.

واحتجوا على بطلان صوم من أكل بظنه ليلًا فبان نهارًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذّن ابنُ أمِّ مكتوم"(3) ثم خالفوا الحديث في نفس ما دل عليه فقالوا: لا يجوز الأذان للفجر بالليل، لا في رمضان ولا في

= للرجال، و (1218) في (رفع الأيدي في الصلاة)، و (2690) في (الصلح): باب ما جاء في الإصلاح بين الناس، و (7190) في (الأحكام): باب الإمام يأتي قومًا فيصلح بينهم، ومسلم (421) في (الصلاة): باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، من حديث سهل بن سعد.

وبعدها في (ك) و (ق): "فخالفوه" بدل (ثم خالفوه).

(1)

رواه البخاري (664) في (الأذان): باب حد المريض أن يشهد الجماعة، و (683) في باب من قام إلى جنب الإمام لعلة، و (687) في باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، و (712) في باب من أسمع الناس تكبير الإمام، و (713) في الرجل يأتم بالإمام، ويأتم الناس بالمأموم، ومسلم (713) في الرجل يأتم بالإمام، ويأتم الناس بالمأموم، ومسلم (418) في (الصلاة): باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، من حديث عائشة.

ولفظه: قالت: فلمّا دخل المسجد سمع أبو بكر حسَّه، ذهب يتأخر فأومأ إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"قم مكانك" فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلى يسار أبي بكر.

قالت: فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي جالسًا، وأبو بكر قائمًا يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.

(2)

في (ن): "جمع".

(3)

رواه البخاري (617) في (الأذان): باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، و (620) باب الأذان بعد الفجر، و (623): باب الأذان قبل الفجر، و (1918) في (الصيام): باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، و (2656) في (الشهادات): باب شهادة الأعمى، و (7248) في (أخبار الآحاد): باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، ومسلم (1092) في (الصيام): باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، من حديث ابن عمر.

ص: 506

غيره. ثم خالفوه من وجه آخر (1)، فإن في نفس الحديث:"وكان ابنُ [أمِّ] (2) مكتوم رجلًا أعمى لا يُؤذِّن حتى يُقال له: أصبحتَ أصبحتَ"(3)، وعندهم مَنْ أكل في ذلك الوقت بطل صومه.

واحتجوا على المنع من استقبال القبلة واستدبارها بالغائط بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تستقبلوا القبلةَ بغائطٍ ولا بول ولا تستدبروها"(4) وخالفوا الحديث نفسه وجوَّزوا استقبالها واستدبارها بالبول (5).

واحتجوا على [عدم](6) شرط الصوم في الاعتكاف بالحديث الصحيح عن عمر أنه نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يوفي بنذره (7)، وهم لا يقولون بالحديث؛ فإنَّ عندهم أن نَذْر الكافر لا ينعقد، ولا يلزم الوفاء به بعد الإسلام.

واحتجوا على الردِّ بحديث: "تحوزُ المرأةُ ثلاثَ مواريث: عَتيقَهَا،

(1) في المطبوع: "ثم خالفوا من جهة أخرى".

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من (د).

(3)

رواه البخاري (617) في (الأذان): باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، و (620) باب الأذان بعد الفجر، و (623): باب الأذان قبل الفجر، و (1918) في (الصيام): باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، و (2656) في (الشهادات): باب شهادة الأعمى، و (7248) في (أخبار الآحاد): باب ما جاء في إجازة خبر الواحد. ومسلم (1092) في (الصيام): باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، من حديث ابن عمر.

(4)

رواه البخاري (144) في (الوضوء): باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول إلا عند البناء، و (394) في (الصلاة): باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق، ومسلم (264) في (الطهارة): باب الاستطابة، من حديث أبي أيوب الأنصاري.

(5)

رجح ابن القيم رحمه الله عدم جواز استقبال واستدبار القبلة عند قضاء الحاجة مطلقًا بلا فرق بين الفضاء والبنيان، وذكر على ذلك أدلة كثيرة، انظرها في "زاد المعاد"(1/ 8، 2/ 8) فإنه مهم، و"تهذيب السنن"(1/ 22 - 23)، و"مدارج السالكين"(2/ 386).

ورجح هذا القول -أيضًا- شيخنا الألباني رحمه الله في غير موضع من كتبه، فانظر "السلسلة الصحيحة" (1/ 439 - 440 - ط: دار المعارف). وانظر بسط المسألة في "الخلافيات"(2/ 74 - بتحقيقي).

(6)

ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك).

(7)

رواه البخاري (2032) في (الاعتكاف): باب الاعتكاف ليلة، و (2042) باب من لم ير عليه -إذا اعتكف- صومًا، و (2043) باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم، =

ص: 507

ولقيطَها، وولدَهَا الذي لَاعَنَتْ عليه" (1) ولم يقولوا بالحديث في حيازتها مال لقيطها، وقد قال به عمر بن الخطاب (2) وإسحاق بن راهويه (3)، وهو الصواب.

واحتجوا في توريث ذوي الأرحام بالخبر الذي فيه "الْتمسوا له وارثًا أو ذَا رحم" فلم يجدوا، فقال:"أعطوه الكُبْرَ (4) من خُزاعة"(5) ولم يقولوا به في أن من

= و (3144) في فرض الخمس: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم، و (4320) في (المغازي): باب قول اللَّه: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ. . .} ، و (6697) في (الإيمان والنذور): باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانًا في الجاهلية ثم أسلم.

ومسلم (1656) في (الإيمان): باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم، من حديث ابن عمر عن عمر.

وانظر: "زاد المعاد"(1/ 171)، و"تهذيب السنن"(3/ 339 - 340، 344 - 349) فإنه مهم.

(1)

رواه أحمد (3/ 490)، و (4/ 106 - 107)، وأبو داود (2906) في (الفرائض): باب ميراث ابن الملاعنة، والترمذي (2115) في (الفرائض): باب ما جاء ما يرث النساء من الولاء، والنسائي في "الكبرى"(6360)، و (6361) في "الفرائض": باب ميراث ولد الملاعنة، و (6420) في ميراث اللقيط، وابن ماجه (2742) في (الفرائض): باب تحرز المرأة ثلاثة مواريث، والطحاوي في "مشكل الآثار"(2870 و 5136 و 5137)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 1707)، والطبراني في "المعجم الكبير"(22/ 181، 182)، والدارقطني (4/ 89، 90) والحاكم في "المستدرك"(4/ 340 - 341)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(6/ 240 و 259) والمزي في "تهذيب الكمال"(21/ 346) من طرق عن عمر بن رؤبة عن عبد الواحد النصري عن واثلة بن الأسقع به.

وقال الترمذي: حسن غريب!!

أقول: عمر بن رؤبة هذا: قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا تقوم به الحجة، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال ابن عدي: أنكروا أحاديثه عن عبد الواحد النصري، وقال الذهبي: ليس بذاك.

أما ابن حبان فقد ذكره في "الثقات"!! وقال دحيم: لا أعلمه إلا ثقة.

أي يريد -واللَّه أعلم- ثقة في دينه، ثم إن دحيمًا وجدته في مواضع يميل إلى التساهل في التوثيق، فمثل عمر هذا حديثه ضعيف واللَّه أعلم. وانظر:"الإرواء"(رقم 1576) وتعليقي على "سنن الدارقطني"(رقم 4049، 4050، 4051).

(2)

مضى تخريجه.

(3)

مضى توثيق ذلك عنه.

(4)

"أكبر ذرية الرجل"(و)، وفي (ك):"الأكبر".

(5)

رواه أبو داود الطيالسي (1443 - منحة)، وأحمد (5/ 347)، وأبو داود (2903، 2904) في (الفرائض): باب ميراث ذوي الأرحام، والنسائي في "الكبرى" (6394 و 6395 و 6396) في (الفرائض): باب توريث ذوي الأرحام دون الموالي، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 243) من طريقين عن جبريل بن أحمر عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه. =

ص: 508

لا وارثَ له يُعطى ماله الكُبْر (1) من قبيلته.

واحتجوا في منع القاتل ميراث المقتول بخبر عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده: "لا يَرثْ قاتلٌ، ولا يُقْتل مؤمنٌ بكافر"(2) فقالوا بأول الحديث دون آخره (3).

= ورواه النسائي في "الكبرى"(6397) من طريق جبريل بن أحمر عن ابن بريدة مرسلًا.

وقال النسائي: جبريل بن أحمر ليس بالقوي والحديث منكر. وهذه العبارة في "تحفة الأشراف"(2/ 531)، وليست في "السنن الكبرى".

أقول: جبريل هذا قال فيه ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن حزم: لا تقوم به حجة.

(1)

في (ك): "الأكبر".

(2)

رواه أبو داود (4564) في (الديات): باب ديات الأعضاء، والبيهقي (6/ 220) من طريق محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن بيه عن جده.

وإسناده حسن؛ محمد بن راشد، وسليمان بن موسى فيهما كلام لا ينزل حديثهما عن درجة الحسن.

ورواه ابن عدي (1/ 293) من طريق إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد وابن جُريج عن عمرو بن شعيب به.

ورواه ابن عدي (1/ 293)، والطبراني في "الأوسط"(884)، والدارقطني (4/ 96)، والبيهقي (6/ 220) من طريق إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وحده عن عمرو بن شعيب به.

قال البيهقي: وقيل عن يحيى بن سعيد، وابن جريج، والمثنى عن عمرو.

أقول: إسماعيل بن عياش ضعيف الحديث عن غير الشاميين، ويحيى بن سعيد، وابن جريج والمثنى مدنيون.

وورد عن عمرو بن شعيب عن عمر: رواه النسائي في "الكبرى"(6368) في قصة، ورواه كذلك مالك (2/ 867)، والشافعي (2/ 108 - 109)، وعبد الرزاق (17782)، والبيهقي (6/ 219)، وهو منقطع.

وفي الباب عن ابن عباس وأبي هريرة، انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 184، 185)، و"إرواء الغليل"(6/ 17 - 18).

وأما قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر"، فقد رواه أحمد في "مسنده"(2/ 178 و 180 و 191 و 194 و 205 و 211 و 216)، والبخاري في "الأدب المفرد"(570)، والترمذي (1413) في (الديات): باب ما جاء في دية الكفار، وابن ماجه (2659) في (الديات): باب لا يقتل مسلم بكافر، وابن خزيمة (2280)، وابن عدي في "الكامل"(7/ 2649) من طرق عن عمرو بن شعيب به. وإسناده جيد.

وفي الباب عن علي: رواه البخاري (111)، وانظر أطرافه هناك.

(3)

انظر: "إغاثة اللهفان"(1/ 373).

ص: 509

واحتجوا على جواز التَّيمم في الحَضَر مع وجود الماء للجنازة إذا خاف فوتها بحديث أبي جَهْم (1) بن الحارث في تيمم النبي صلى الله عليه وسلم لرد السَّلام (2)، ثم خالفوه فيما دل عليه في موضعين:

أحدهما: أنه يتيمم بوجهه وكفيه دون ذراعيه.

والثاني: أنهم لم يكرهوا رد السلام للمُحْدث ولم يستحبوا التيمم لرد السلام.

واحتجوا في جواز الاقتصار في الاستنجاء على حَجَرين بحديث ابن مسعود: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته وقال له: ائتني بأحجار، فأتاه بحجرين وروثة، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هذه رِكْسٌ"(3) ثم خالفوه فيما هو نص فيه، فأجازوا الاستجمار بالروث، واستدلوا به على ما لا يدل عليه من الاكتفاء بحجرين.

واحتجوا على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم حاملًا أمامة بنت أبي العاص بن الربيع إذا قام حملها وإذا ركع أو سجد وضعها (4)، ثم قالوا: مَنْ صلى كذلك بطلت صلاته وصلاة من ائتم به، قال بعض أهل العلم: ومن العجب إبطالهم هذه الصلاة وتصحيحهم الصلاة بقراءة: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] بالفارسية ثم يركع قدر نَفَس، ثم يرفع قدر حد السيف، أو لا يرفع بل يخر كما هو ساجدًا، ولا يضع على الأرض يديه ولا رجليه، وإن أمكن أن لا يضع ركبتيه صح ذلك، ولا جبهته، بل يكفيه وضع رأس أنفه كقدر نَفَس واحد، ثم يجلس مقدار التشهد، ثم يفعل فعلًا ينافي الصلاة من فساء أو ضُراط أو ضحك أو نحو ذلك (5).

واحتجوا على تحريم وطء المسْبية والمملوكة قبل الاستبراء بقول النبي صلى الله عليه وسلم:

(1) في المطبوع: "أبي جهيم"، وانظر:"الطبقات" لمسلم (1/ 60)، وتعليقي عليه.

(2)

رواه البخاري في (337)(التيمم): باب التيمم في الحَضَر، وعلَّقه مسلم (369) في (الطهارة): باب التيمم.

(3)

رواه البخاري (156) في (الوضوء): باب لا يستنجى بروث ووقع في (ك): "هذا رِكْس".

(4)

الحديث متفق عليه، وسبق تخريجه.

(5)

انظر: "كتاب الصلاة"(81 - 86) للمصنف، و"المطالب المنيفة في الذب عن الإمام أبي حنيفة" بتحقيقي.

ص: 510

"لا تُوطأ حاملٌ حتى تَضعْ، ولا حائلٌ (1) حتى تُستبرأ (2) بحيضة"(3) ثم خالفوا صريحه فقالوا: إن أعتقها وزوَّجها وقد وطئها البارحة حل للزوج أن يطأها الليلة (4).

واحتجوا في ثبوت الحضانة للخالة بخبر بنت حمزة وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قضى بها لخالتِهَا"(5)[ثم خالفوه](6) فقالوا: لو تزوجت الخالة بغير محرم للبنت كابن عمها سقطت حضانتُها (7).

واحتجوا على المَنْع من التفريق بين الأَخوين بحديث علي في نهيه عن التفريق بينهما (8)،. . . .

(1)"التي لم تلقح سنة أو سنتين أو سنوات"(و).

(2)

في نسخة (و): "تستبرئ".

(3)

سبق تخريجه.

(4)

انظر: "زاد المعاد"(4/ 189، 213، 214، 227، 232، 238، 239).

(5)

رواه البخاري (2699) في (الصلح): باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان، و (4251) في (المغازي): باب عمرة القضاء، من حديث البراء بن عازب.

(6)

ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).

(7)

انظر: "زاد المعاد"(2/ 153).

(8)

هو حديث يرويه الحكم بن عُتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي مرفوعًا: "أدركهما فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جميعًا".

واختلف على الحكم بن عتيبة فيه: فرواه سعيد بن أبي عروبة عنه به.

أخرجه أحمد (1/ 97 - 98)، والبزار (624) في "مسنديهما"، والبيهقي (9/ 127) قال البزار والدارقطني في "العلل" (3/ 273): سعيد لم يسمع من الحكم شيئًا.

ونقله ابن عبد الهادي في "التنقيح"(2/ 583 رقم 1558 - ط دار الكتب العلمية)، عن أحمد والنسائي كذلك، ومما يدل على عدم سماع سعيد منه ما رواه أحمد (1/ 126 - 127)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" -كما في "نصب الراية"(4 - 26) -، والبيهقي (9/ 127) من طريقين عن سعيد عن رجل عن الحكم به.

وتابع سعيدًا على روايته عن الحكم، زيدُ بن أبي أنيسة عند ابن الجارود في "المنتقى"(575)، وفيه سليمان بن عبيد اللَّه الرقي، قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، وقال أبو حاتم: صدوق ما رأيت إلا خيرًا، وقد أعل حديثه هذا أبو حاتم -كما في "علل ابنه" (1/ 386) - حيث قال:"إنما هو الحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن علي".

وتابعه أيضًا محمد بن عُبيد اللَّه العرزمي، أخرجه البزار (623)، ومحمد هذا متروك.

ورواه شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي: أخرجه الدارقطني في "سننه"(3/ 65 - 66)، وفي "علله"(3/ 275)، والحاكم (2/ 54)، والبيهقي (9/ 127) من طرق عنه به.

قال الحاكم: هذا حديث غريب صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. =

ص: 511

ثم خالفوه فقالوا: لا يرد المبيع (1) إذا وقع كذلك، وفي الحديث الأمر برده.

واحتجوا على جريان القصاص بين المسلم والذمي بخبر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد يهوديًا من مسلم لطمه (2). ثم خالفوه فقالوا: لا قَود في اللَّطمة والضربة لا بين مُسلمَيْن ولا بين مسلم وكافر.

= وقال ابن القطان -كما في "نصب الراية"-: ورواية شعبة لا عيب فيها، وهي أوْلى ما اعتمد في هذا الباب.

أقول: لكن قال الدارقطني في "العلل"(3/ 275): غيرهم يرويه عن عبد الوهاب عن سعيد وهو المحفوظ، وقال البيهقي: سائر أصحاب شعبة لم يذكروه عن شعبة وسائر أصحاب سعيد قد ذكروه عن سعيد. . . وهذا أشبه.

ورواه الحجاج عن الحكم فقال: عن ميمون بن أبي شبيب عن علي: رواه الطيالسي (185)، وأحمد (1/ 102)، والترمذي (1284) في (البيوع): باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين في البيع، وابن ماجه (2249) في (التجارات): باب النهي عن التفريق بين السبي، والدارقطني (3/ 66)، والبيهقي (9/ 127) من طرق حماد بن سلمة عنه به.

وهذا إسناد ضعيف، ميمون لم يدرك عليًا، وهو في حديثه ضعف كذلك، والحجاج يخطئ ويخالف، وأخشى أن يكون هذا من أخطاء الحجاج بن أرطاة، أما الدارقطني فقال: ولا يمتنع أن يكون الحكم سمعه منهما جميعًا، فرواه مرة عن هذا ومرة عن هذا.

ورواه أبو داود (2696)، والدارقطني (3/ 66)، والحاكم (2/ 55)، والبيهقي (9/ 126) من طريق يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني عن الحكم عن ميمون عن علي لكن قال: إنه فرق بين جارية وولدها. . . وليس بين أخوين.

وقال أبو داود: ميمون لم يدرك عليًا قتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاث وثمانين.

وله شاهد من حديث أبي موسى الأشعري: رواه ابن ماجه (2250)، والدارقطني (3/ 67)، ولفظه:"لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من فرق بين المرأة وولدها وبين الأخ وأخيه"، وإسناده ضعيف، فيه إبراهيم بن إسماعيل، وقد بين علته الدارقطني.

وقال ابن القطان -كما في "نصب الراية"(4/ 25) -: وبالجملة فالحديث لا يصح لأن طليقًا لا يعرف حاله.

وفي الباب عن أبي أيوب في التفريق بين الأم وولدها في البيع: رواه أحمد (5/ 413)، والترمذي (1283)، والحاكم (2/ 55)، والدارمي (2/ 228)، والدارقطني (3/ 67)، والطبراني (4/ 217)، والبيهقي (9/ 126)، وإسناده حسن، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم.

وانظر "مجمع الزوائد"(4/ 102)، و"الموافقات"(3/ 471 - 472 - بتحقيقي).

(1)

في (ك) و (ق): "البيع".

(2)

الحديث في "صحيح البخاري"(2412 و 3398 و 4638 و 6916 و 6917 و 7427)، ومسلم (2373) أن مسلمًا لطم يهوديًا، فشكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس فيه أن النبي أقاده منه!! وليس هو فيه عند جميع من أخرجه.

ص: 512

واحتجوا على أنه لا قصاص بين العبد وسيده بقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَطمَ عبده فهو حرٌّ"(1) ثم خالفوه فقالوا: لا يعتق بذلك، واحتجوا أيضًا بالحديث الذي فيه:"مَنْ مثّل بعبده عتق عليه"(2) فقالوا: لم يُوجب عليه القَوَد، ثم قالوا: لا يعتق عليه.

واحتجوا بحديث عمرو بن شُعيب [عن أبيه عن جده](3): "في العينِ نصفُ الدِّية"(4) ثم خالفوه في عدة مواضع: منها قوله: "وفي العين القائمة السادة لموضعها ثُلثُ الدِّية"(5)، ومنها قوله:"في السنِّ السوداء ثلث الدية"(5).

واحتجوا على جواز تفضيل بعض الأولاد على بعض بحديث النُّعمان بن بَشير وفيه: "أشهِدْ على هذا غيري"(6) ثم خالفوه صريحًا (7) فإن في الحديث نفسه: "إن هذا لا يصلُح"(8) وفي لفظ: "إني لا أشهدُ على جَوْر"(8) فقالوا: بل

(1) رواه مسلم (1657) في (الأيمان): باب صحبة المماليك، وكفارة من لطم عبده، من حديث ابن عمر، ولفظه:"من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه".

(2)

سبق تخريجه.

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ن).

(4)

رواه أحمد في "مسنده"(2/ 216) من طريق ابن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب عن أببه عن جده، فذكر حديثًا طويلًا، وابن إسحاق مدلس وقد عنعن.

وتابعه سليمان بن موسى، أخرجه أحمد (2/ 224) من طريق محمد بن راشد عنه، وهذا إسناد حسن؛ لأن سليمان بن موسى وابن راشد فيهما كلام لا ينزلهما عن درجة الحسن.

(5)

رواه كاملًا النسائي (8/ 55) في (القسامة): باب العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست، وفي "الكبرى"(7044) من طريق الهيثم بن حُميد عن العلاء بن الحارث عن عمرو بن شعيب به، وإسناده جيد.

ورواه أبو داود (4567) في "الديات": باب ديَّات الأعضاء من نفس الطريق مقتصرًا على دية العين.

ورواه الدارقطني (3/ 128 - 129) دون دية السن.

أقول: لفظ النسائي: قضى في العين العوراء. . . بثلث الدية. ولا تعارض بين هذا والذي قبله، حيث إن نصف الدية إذا كانت العين سالمة والثلث في العين العوراء القائمة.

(6)

رواه البخاري (2586) في (الهبة): باب الهبة للولد، و (2587) باب الإشهاد في الهبة، و (2650) في (الشهادات): باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد، ومسلم (1623) في (الهبات): باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة.

(7)

"قالوا: إن قوله صلى الله عليه وسلم: "أشهد على هذا غيري" يدل على أن مثل هذا العقد يجوز الإشهاد عليه، وإلا لما أمره بإشهاد غيره. ولا يطمئن القلب إلى مثل هذا الاستنباط". (د).

(8)

مضى في الذي قبله.

ص: 513

هذا يصلح وليس بجور، ولكل أحد أن يشهد عليه (1).

واحتجوا على أن النجاسة تزول بغير الماء من المائعات بحديث: "إذا وطئ أحدُكُم الأذى بنعليهِ فإنَّ التُّرابَ لهما طهور"(2) ثم خالفوه فقالوا: لو وطئ العذرة

(1) انظر كلام ابن القيم حول هذا الحديث في "تهذيب السنن"(5/ 191 - 193) مهم، و"إغاثة اللهفان"(1/ 365)، و"بدائع الفوائد"(3/ 101 - 102)، و (151 - 152)(4/ 128).

(2)

رواه أبو داود (385) في (الطهارة): باب في الأذى يصيب النعل، والحاكم في "المستدرك"(1/ 166)، والبغوي (300)، وابن المنذر في "الأوسط" و (1/ 168 رقم 734)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 430) من طرق عن الأوزاعي قال: أُنبئت أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة.

ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة بإسقاط الراوي المجهول. أخرجه ابن حبان (1403).

والوليد بن مسلم هذا يدلس تدليس التسوية، وهنا لم يصرّح بالسماع.

وقد خفي هذا على المعلق على "صحيح ابن حبان" فسماه الوليد بن مزيد، وليس هو، فإن الراوي عنه هنا هو دحيم، وهذا يروي عن الوليد بن مسلم، وقد ذكر ذلك أيضًا الدارقطني في "علله"(8/ 159)، ورواية الوليد بن مزيد عند الحاكم والبيهقي عن الأوزاعي قال: أنبئتُ، وهذا كله يؤيد أن الوليد عند ابن حبان هو ابن مسلم، ورواية الوليد لا تسمن شيئًا؛ لأنه يدلس التسوية كما قلت.

ورواه أبو داود (386)، وابن خزيمة (292)، والحاكم (1/ 166)، وابن حبان (1404)، والعقيلي (2/ 257)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 430)، و"المعرفة"(2/ 252 - 253)، و"الخلافيات"(9 - بتحقيقي)، وابن حزم (1/ 93) من طريق محمد بن كثير عن الأوزاعي عن ابن عجلان عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا.

فسمى الرجل المجهول، ولكن محمد بن كثير هذا قال فيه يحيى بن معين: صدوق، وقال أحمد: يروي أشياء منكرة، وقال: حدَّث بمناكير ليس لها أصل، وقال أبو حاتم: في حديثه بعض الإنكار، وقال البخاري: ليِّن جدًا. .

فمثله لا يمكن قبول روايته، كيف وقد خالف الثقات أيضًا!!

قال الدارقطني في "علله"(8/ 160): وقد رواه عبد اللَّه بن زياد بن سمعان عن المقبري عن القعقاع بن حكيم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم. وهو أشبههما بالصواب وإن كان ابن سمعان متروكًا.

أقول: وعائشة قد وقع الاختلاف عليها في الحديث، وقد رجح أيضًا الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 208 - 209) الطريق الذي ذكره الدارقطني، وقد سبقه إلى نحو هذا العقيلي (2/ 257)، وانظر:"الخلافيات"(مسألة رقم 1) فقد فصلت الكلام على طرقه.

وأقرب ما يشهد له حديث أبي سعيد الخدري: الذي رواه الطيالسي (2154)، وأحمد (3/ 20 و 92)، وأبو داود (650) والدارمي (1/ 320)، وأبو يعلى (1194)، وابن =

ص: 514

بخفيه لم يطهرهما التراب (1).

واحتجوا على جواز المسح على الجبيرة بحديث صاحب الشّجّة (2)، ثم خالفوه صريحًا فقالوا: لا يجمع بين الماء والتراب، بل إما أن يقتصر على غسْل الصحيح إن كان أكثر، ولا يتيمم، وإما أن يقتصر على التيمم إن كان الجريح أكثر، ولا يغسل الصحيح.

واحتجوا على جواز تولية أُمراء أو حُكَّام أو متولين مرتبين (3) واحدًا بعد واحد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أميرُكُم زيد، فإن قُتلَ زيدٌ فجعفر، فإن قتل فعبد اللَّه بن رواحة"(4) ثم خالفوا الحديث نفسه فقالوا: لا يصح تعليق الولاية بالشرط، ونحن نشهد باللَّه أن هذه الولاية من أصح ولاية على وجه الأرض، وأنها أصح من كل ولاياتهم من أولها إلى آخرها.

واحتجوا على تضمين المُتْلِفِ ما أتلفه ويملك هو ما أتلفه بحديث القصعة التي كسرتها إحدى أمهات المؤمنين، فردّ النبي صلى الله عليه وسلم على صاحبة القصعة نظيرتها (5)، ثم خالفوه جهارًا فقالوا: إنما يضمن بالدراهم والدنانير ولا يضمن بالمثل.

واحتجوا على ذلك أيضًا بخبر الشاة التي ذُبحت بغير إذن صاحبها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَرُدَّها على صاحبها (6)، ثم خالفوه صريحًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يملِّكها الذابح، بل أمر بإطعامها الأسارى.

واحتجوا في سقوط القطع بسرقة الفواكه وما يُسْرع إليه الفساد بخبر: "لا قَطْعَ في ثَمَرٍ ولا كَثَر"(7) ثم خالفوا الحديث نفسه في عدة مواضع: أحدها: أن

= خزيمة (1017)، وابن حبان (2185)، وفيه:"فإذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن كان فيهما أذى فليمسحه"، وهو على شرط مسلم.

(1)

انظر: "إغاثة اللهفان"(1/ 146 - 148)، و"تحفة المودود"(ص 219).

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

في المطبوع: "مرتين".

(4)

رواه البخاري (4261) في (المغازي): باب غزوة مؤتة في أرض الشام، من حديث ابن عمر، ووقع نص الحديث في المطبوع و (ن):"أميركم زيد، فإن قتل فعبد اللَّه بن رواحة، فإن قتل فجعفر"!!.

(5)

تقدم تخريجه. وفي (د) بدل قوله: "القصعة نظيرتها": "القطعة نظيرتها"!، وفي (ك):"نظيرها".

(6)

تقدم تخريجه.

(7)

هذا حديث يرويه يحيى بن سعيد واختلف عنه. =

ص: 515

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فرواه مالك (2/ 839)، والدارمي (2/ 174)، وأبو داود (4388)، و (4389) في (الحدود): باب ما لا قطع فيه، والنسائي (8/ 87) في (قطع السارق): باب ما لا قطع فيه، وفي "الكبرى"(رقم 7449 و 7450 و 7451 و 7452 و 7453 و 7454 و 7455)، والطحاوي (3/ 172)، والطبراني في "الكبير"(4339 - 4351)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 262 و 263)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(13/ 391)، والبغوي في "شرح السنة"(2600)، وابن عبد البر (23/ 305) من طرق عنه عن محمد بن يحيى بن حبان عن رافع بن خديج مرفوعًا به.

ومن هؤلاء الجماعة: "يحيى بن سعيد القطان، وشعبة، وأبو معاوية، وزائدة، والدراوردي وابن جريج. . . "، وغيرهم وهذا إسناد منقطع، محمد بن يحيى بن حبان لم يسمع من رافع بن خديج.

وقد روي موصولًا: فقد رواه الشافعي في "مسنده"(2/ 84)، والحميدي (407)، والدارمي (2/ 174)، والنسائي (8/ 87)، والطحاوي (3/ 172)، وابن حبان (4466)، وابن ماجه (2593) في (الحدود): باب لا يقطع في ثمر ولا كثر، وابن الجارود (826)، والبيهقي (8/ 263)، وابن عبد البر (23/ 305) من طريق سفيان بن عيينة.

ورواه الترمذي (1449) في (الحدود): باب ما جاء لا قطع في ثمر ولا كثر، والنسائي (8/ 87 - 88)، وفي "الكبرى"(7457) من طريق الليث بن سعد.

ورواه الطيالسي (958) من طريق زهير بن معاوية، ورواه النسائي (8/ 88)، وفي "الكبرى"(7455) من طريق سفيان الثوري أربعتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج به، وهذا إسناد موصول صحيح.

وسفيان الثوري قد اختلف عليه فيه، فرواه عنه أبو نعيم الفضل بن دكين مرسلًا، ورواه عنه وكيع موصولًا.

ووكيع أوثق في سفيان كما قال ابن معين، وقال حماد بن زيد: وكيع راويةُ سفيان.

ورواه النسائي (8/ 88)، وفي "الكبرى"(7460) من طريق بشر بن المفضل، والطبراني (4352) من طريق الليث كلاهما عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن رجل من قومه عن عمة له عن رافع بن خديج!!.

وأما شعبة فقد رواه عن قتادة مرسلًا.

ورواه عنه حماد بن دليل موصولًا بذكر واسع بن حبان؛ كما أشار إلى هذا ابن عبد البر وغيره.

ورواه عبد الرزاق (18916) عن ابن جريج، والدارمي (2/ 174)، والنسائي (8/ 88)، وفي "الكبرى"(7459)، وابن عبد البر (23/ 307) من طريق أبي أسامة كلاهما عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن رجل من قومه عن رافع.

ورواه الطبراني (4351) من طريق عبد الرزاق؛ لكنه لم يذكر عن رجل من قومه!!. =

ص: 516

فيه: "فإذا آواه إلى الجَرِين ففيه القطع"(1) وعندهم لا قطع فيه آواه إلى الجرين أو لم يؤوه، الثاني: أنه قال: "إذا بلغ ثمن المِجَنِّ"(2) وفي "الصحيح" أن ثمن المجن

= ورواه الدارمي (2/ 174 - 175)، والنسائي في "الصغرى"(8/ 88)، وفي "الكبرى"(7458) من طريق سعيد بن منصور عن الدراوردي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن أبي ميمون عن رافع.

قال النسائي: هذا خطأ أبو ميمون لا أعرفه.

ورواه النسائي (8/ 86 - 87)، وفي "الكبرى"(7448)، والطبراني في "الكبير"(4277) من طريق الحسن بن صالح عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن رافع.

وهذه رواية مخالفة لجميع الروايات.

وعلى كل حال فرواية من وصل الحديث وهم أربعة من الثقات هي الصحيحة المقبولة.

وله شاهد من حديث أبي هريرة: يرويه ابن ماجه (2594) يرويه سَعْد بن سعيد المقبري، وهو ضعيف، عن أخيه عبد اللَّه بن سعيد وهو ضعيف جدًا.

و"الكثر: جمار النخل، وقيل: طلعها"(ط)، ونحوه في (و).

(1)

أخرجه الحميدي (597)، وأحمد (2/ 180، 186، 203، 206، 224) في "مسنديهما"، وأبو داود (1708، 1710 - 1713، 4390)، والنسائي (5/ 44 و 8/ 84، 85)، والترمذي (1289)، وابن ماجه (2596)، والدارقطني (4/ 236)، والبيهقي (8/ 278) في "سننهم"، وابن الجارود في المنتقى (827)، وابن خزيمة في "الصحيح"(2327، 2328)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 381) من حديث عبد اللَّه بن عمرو، بألفاظ مطولة ومختصرة، ولفظ النسائي:"من سرق منه -أي الثمر المعلق- شيئًا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع"، وإسناده حسن، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن".

ويشهد له مرسل عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا قطع في ثمر معلق، ولا في حريس جبل، فإذا آواه الجَرِينُ، فالقطع فيما يبلغ ثمن المِجَنّ".

أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 831)، وعنه الشافعي في "المسند"(335)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 263)، وانظر:"التمهيد"(19/ 210)، "نيل الأوطار"(7/ 300)، "الإرواء"(8/ 69 - 72 رقم 2413).

وكتب (و): "الجرين؛ موضع تجفيف التمر".

(2)

أخرجه البخاري (6792، 6793، 6794) في (الحدود): باب قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، ومسلم (1684) في (الحدود): باب حد السرقة ونصابها، عن عائشة قالت: لم تقطع يدُ سارقٍ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في أدنى من ثمن المجن: تُرس أو حَجَفة، وكان كل واحد منهما ذا ثمن "وكتب (و): المجن: المترس، لأنه يواري صاحبه".

ص: 517

كان ثلاثة دراهم (1)، وعندهم لا يُقطع في هذا القدر، الثالث: أنهم قالوا: ليس الجرين حِرزًا؛ فلو سرق منه تمرًا (2) يابسًا ولم يكن هناك حافظ لم يقطع (3).

واحتجوا في مسألة الآبق يأتي به الرجل أن له أربعين درهمًا بخبرٍ فيه: "أن من جاء بآبقٍ من خارج الحرم فله عشرة دراهم أو دينارًا"(4)، وخالفوه جهرة فأوجبُوا أربعين (5).

(1) رواه البخاري (6795) - (6798) في الحدود: باب قول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، ومسلم (1686) في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، من حديث ابن عمر.

(2)

في المطبوع: "ثمرًا".

(3)

انظر: "زاد المعاد"(3/ 211، 212) حيث بين هناك المؤلف رحمه الله بعض شروط القطع.

(4)

روى البيهقي في "سننه الكبرى"(6/ 200) من طريق خصيف عن معمر عن عمرو بن دينار عن ابن عمر قال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في العبد الآبق يوجد في الحرم بعشرة دراهم.

ثم قال: هذا ضعيف، والمحفوظ حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار قالا: جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الآبق يوجد خارجًا من الحرم عشرة دراهم وذلك منقطع.

أقول: أما الموصول ففيه خصيف بن عبد الرحمن الجزري، وهو ضعيف، وأما المرسل: فقد رواه ابن أبي شيبة (5/ 227) من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار قالا: جعل النبي صلى الله عليه وسلم في العبد الآبق إذا جيء به من خارج الحرم دينارًا.

ورواه أيضًا (5/ 226) من طريق حفص عن ابن جريج لكن قال: عن عطاء أو (كذا في المطبوع، وأظنها "عن") ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار به. لكن قال: دينار أو عشرة دراهم أما عبد الرزاق فرواه (14907) عن معمر عن عمرو بن دينار به. إلا أنه قال: يوجد في الحرم. وهذه أسانيد مرسلة. وانظر: "معرفة السنن والآثار"(9/ 89)، و"مختصر الخلافيات"(3/ 471)، و"الإرواء"(6/ 14)، وتعليقي على "الإشراف"(3/ 273) للقاضي عبد الوهاب.

(5)

هذا مذهب الإمام أبي حنيفة في مسافة ثلاثة أيام وأكثر وفيما قلَّ بحسابه. انظر: "مختصر الطحاوي"(141)، و"المبسوط"(11/ 11)، و"تحفة الفقهاء"(3/ 613)، و"مختصر اختلاف العلماء"(4/ 351 رقم 2049)، و"شرح العيني على الكنز"(1/ 268)، و"بدائع الصنائع"(6/ 53)، و"مجمع الضمانات"(210)، و"حاشية ابن عابدين"(4/ 288).

وهذا قضاء ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه عبد الرزاق (8/ 208 رقم 14911)، وابن أبي شيبة (5/ 226)، وأبو يوسف في "الأثار"(رقم 761، 762). =

ص: 518

واحتجوا أنَّ (1) خيار لشفعة على الفور بحديث ابن البَيْلمانيّ: "الشُّفعةُ كحلِّ العِقَال، ولا شُفعَة لصغيرٍ ولا لغائبٍ"(2)، و"مَنْ مثَّل بعبده فهو حُرٌّ" (3) فخالفوا جميع ذلك إلا قوله:"الشفعة كحل العقال".

واحتجوا على امتناع القود بين الأب والابن والسيد والعبد بحديث: "لا يُقاد والدٌ بولده ولا سَيِّدٌ بعبده"(4). . . .

= وإسناده ضعيف، ورواه من طريق عبد الرزاق: الطبراني في "الكبير"(9/ 249 رقم 9066)، والبيهقي (6/ 200) وفي "المعرفة" (9/ 89 رقم 12460) و"الخلافيات" (3/ 472 - مختصره). وقال:"وهو أمثل ما في الباب".

وانظر: "مجمع الزوائد"(4/ 171)، و"نصب الراية" (3/ 470) و"الجوهر النقي" (6/ 200) وانظر: بسط الخلاف في "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (رقم 1115) مع تعليقي عليه.

(1)

في المطبوع: "على".

(2)

رواه ابن ماجه (2500 و 2501) في (الشفعة): باب طلب الشفعة، وابن عدي (6/ 2185)، و (2188)، ومن طريقه البيهقي (6/ 108)، والخطيب في "تاريخه"(6/ 57) من طريق محمد بن الحارث عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعًا وعند بعضهم زيادة.

وهذا إسناد ضعيف جدًا؛ قال ابن عدي: "وكل ما روي عن ابن البيلماني فالبلاء فيه منه، وإذا روى عن ابن البيلماني محمد بن الحارث هذا فجميعًا ضعيفان، والضعف على حديثهما بيِّن".

وقال ابن حبان عن ابن البيلماني: حدَّث عن أبيه بنسخة موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره إلا على وجه التعجب.

وقال أبو زرعة عن هذا الحديث -كما في "علل ابن أبي حاتم"(1/ 479) -: "هذا حديث منكر، لا أعلم أحدًا قال بهذا، الغائب له شفعته، والصبي حتى يكبر".

وقال الحافظ في "التلخيص"(3/ 56): "وإسناده ضعيف جدًا، وقال ابن حبان: لا أصل له، وقال البيهقي: ليس بثابت". وانظر: "الإرواء"(5/ 379)، و"نيل الأوطار"(5/ 378).

ووقع في (ك): "ابن السليماني".

(3)

مضى تخريجه.

(4)

الذي وجدته بهذا اللفظ هو حديث: "لا يقاد مملوك من مالكه ولا ولد من والده. . . وفي آخره: "من حُرق بالنار أو مُثل به فهو حر"، وهو جزء من حديث طويل.

رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 2/ 182)، والعقيلي في "الضعفاء"(3/ 181 - 182)، وابن عدي (5/ 1713)، والطبراني في "الأوسط"(8906)، وأبو بكر الإسماعيلي في "مسند عمر" -كما في "مسند الفاروق"(1/ 371 - 372) لابن كثير-، والحاكم (2/ 216)، و (4/ 368)، والبيهقي (8/ 36) من طريق عمر بن عيسى القرشي =

ص: 519

وخالفوا الحديث نفسه فإن فيه (1): "ومَن مَثَّل بعبده فهو حر"(2).

واحتجوا على أن الولد يلحق بصاحب الفراش دون الزاني بحديث ابن وليدة زمعة (3) وفيه: "الولد للفِرَاش"(4) ثم خالفوا الحديث نفسه صريحًا فقالوا: الأمة لا تكون فراشًا (5)، وإنما كان هذا القضاء في أمة، ومن العجب أنهم قالوا: إذا عقد على أُمِّه وابنته وأخته ووطئها لم يُحد للشُبهة، وصارت فراشًا بهذا العقد الباطل المحرم، وأم ولده وسُرِّيته التي يطؤها ليلًا ونهارًا ليست فراشًا [له](6)!.

ومن العجائب أنهم احتجوا على جواز صوم رمضان بنية يُنشؤها من النهار قبل الزوال بحديث عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل عليها فيقول: هل من غَدَاء؟ فتقول: لا، فيقول: فإني صائم"(7) ثم قالوا: لو فعل ذلك في صوم تطوع (8) لم يصح صومه، والحديث إنما هو في التطوع نفسه (9).

= عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس عن عمر، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: عمر بن عيسى منكر الحديث.

قلت: قوله عمر بن عيسى منكر الحديث هو قول الإمام البخاري فيه، وانظر:"المجروحين"(2/ 87)، و"المجمع"(6/ 288) وقارن بـ"الميزان"(3/ 316).

إلا أن لفقرتيه ما يشهد له.

فقوله: "لا يقتل والد بولده" له طريق جيد عن عمر أيضًا، فقد أخرجه أحمد (1/ 22 و 49)، وابن أبي شيبة (9/ 410)، وعبد بن حميد (41)، وابن ماجه (2662)، والترمذي (1400)، وابن أبي عاصم في "الديات":(65 و 66)، والدارقطني (3/ 140)، والبيهقي (8/ 38 و 72) من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر به.

وله شواهد أيضًا، انظر:"علل الدارقطني"(2/ 108) و"بيان الوهم والإيهام"(3/ 167)، و"نصب الراية"(4/ 339)، و"إرواء الغليل"(7/ 269)، وتعليقي على "سنن الدارقطني"(الأرقام 3224 - 3226) وتعليقي على "الإشراف"(3/ 121 - 123).

وأما قوله: "ولا يقتل سيد بعبد" له شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهو ضعيف، انظر:"رسالة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" رقم (102).

ووقع في (ك): "بعبد له".

(1)

في المطبوع: "فإن تمامه".

(2)

مضى تخريجه.

(3)

في (ن): "ابن الوليد الزمعة" وفي (ك): "ابن وليدة لزمعة".

(4)

تقدم تخريجه.

(5)

في (ك) و (ق): "لا تكون الأمة فراشًا".

(6)

ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).

(7)

رواه مسلم (1154) في (الصيام): باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال.

(8)

في المطبوع: "التطوع".

(9)

انظر: "تهذيب السنن"(3/ 327 - 328، 331 - 333)، و"زاد المعاد"(1/ 218).

ص: 520

واحتجوا على المنع من بيْع المُدبَّر بأنه قد انعقد فيه سبب الحرية، وفي بيعه إبطال لذلك، وأجابوا عن بيع النبي صلى الله عليه وسلم المدبر (1) بأنه قد باع خدمته. ثم قالوا: لا يجوز بيع خدمة المدبر أيضًا.

واحتجوا على إيجاب الشفعة في الأراضي والأشجار التابعة لها بقوله: "قضى رسولُ اللَّه بالشفعة في كل شرك في ربعةٍ أو حائط"(2) ثم خالفوا نص الحديث نفسه، فإن فِيه:"ولا يحلُّ له أن يَبيعَ حتى يُؤذِن شريكه، فإن باع ولم يؤْذِنه فهو أحقُّ به" فقالوا: يحل له أن يبيع قبل إذنه، ويحل له أن يتحيَّل لإسقاط الشفعة، وإن باع بعد إذن شريكه فهو أحق أيضًا بالشفعة، ولا أثر للاستئذان ولا لعدمه.

واحتجوا على المنع من بيع الزيت بالزيتون إلا بعد العلم بأن ما في الزيتون من الزيت أقل من الزيت المفرد بالحديث الذي فيه النهي عن بيع اللحم بالحيوان (3)، ثم خالفوه نفسه، فقالوا: يجوز بيع اللحم بالحيوان من نوعه وغير نوعه.

واحتجوا على أن عطية المريض المنَجَّزة كالوصية لا تنفذ إلا في الثلث بحديث عِمران بن حصين أن رجلًا أعتق ستة مملوكين عند موته لا مالَ له سواهم، فجزأهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرقَّ أربعة (4). ثم خالفوه في موضعين؛ فقالوا: لا يُقرع بينهم ألبتَّة، ويُعتق من كل واحد سدسه (5).

(1) رواه البخاري (2141) في (البيوع): باب بيع المزايدة، و (2230) باب بيع المدبر، و (2403) في (الاستقراض): باب من باع مال المفلس، و (2411) في (الخصومات): باب من باع على الضعيف ونحوه، و (2534) في (العتق): باب بيع المدبر، و (6716) في كفارات الأيمان: باب عتق المدبر، و (6947) في (الإكراه): باب إذا أكره حتى وهب عبدًا أو باعه لم يجز، و (7186) في (الأحكام): باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم، ومسلم (997) (ص 1289 - 1290) في (الأيمان): باب جواز بيع المدبر، من حديث جابر.

(2)

سبق تخريجه.

(3)

سبق تخريجه.

(4)

رواه مسلم (1668) في (الأيمان): باب من أعتق شركًا له في عبد.

(5)

"كذا في بعض النسخ المطبوعة، ولعله: ثلثه"(ط)، ونحوه في (د).

قلت: والصواب سدسه، وهو مذهب أبي حنيفة انظر:"مختصر الطحاوي"(374)"اللباب"(3/ 116 - 117)، "الاختيار"(4/ 28)، "المبسوط"(29/ 71)، "البناية"(10/ 10/ 487)، "رؤوس المسائل"(541)، وانظر بسط المسألة في "الإشراف"(4/ 611 مسألة رقم 1862) وتعليقي عليه.

ص: 521