الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: في بيان شمول النصوص للأحكام، والاكتفاء بها عن الرأي والقياس.
الفصل الثاني: في سقوط الرأي والاجتهاد والقياس، وبطلانها مع وجود النص.
الفصل الثالث: في بيان أن أحكام الشرع كلها على وفق القياس الصحيح، وليس فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حكم يخالف الميزان والقياس الصحيح.
وهذه الفصول الثلاثة من أهم فصول الكتاب، وبها يتبين للعالم المنصف مقدار الشريعة وجلالتها وهيمنتها وسعتها وفضلها وشرفها على جميع الشرائع، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما هو عامُّ الرسالة إلى كل مكلف فرسالته عامة في كل شيء من الدين أصوله وفروعه ودقيقه وجليله، فكما لا يخرج أحدٌ عن رسالتِه فكذلك لا يخرج حكمٌ تحتاج إليه الأمة عنها وعن بيانه له، ونحن نعلم أنا لا نوفِّي هذه [الفصول](1) حقَّها ولا نقارب، وأنَّها أَجلُّ من علومنا وفوق إدراكنا، ولكن ننبه أدنى تنبيه ونشير أدنى إشارة إلى ما يفتح أبوابها وينهج طرقها، واللَّه المستعان وعليه التكلان.
الفصل الأول [شمول النصوص وإغناؤها عن القياس]
في شمول النصوص وإغنائها (2) عن القياس.
وهذا يتوقف على بيان مقدمة، وهي أن دلالة النصوص نوعان: حقيقية، وإضافية، فالحقيقية تابعة لقصد المتكلم وإرادته، وهذه الدلالة لا تختلف، والإضافية تابعة لفهم السامع وإدراكه، وجودة [فكره](3) وقريحته، وصفاء ذهنه، ومعرفته بالألفاظ ومراتبها، وهذه الدلالة تختلف اختلافًا متباينًا بحسب تباين السامعين في ذلك، وقد كان أبو هريرة وعبد اللَّه بن عمر (4) أحفظَ الصحابة للحديث وأكثرهم رواية له، وكان الصِّدِّيقُ وعمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت أفقه منهما، بل عبد اللَّه بن عباس أيضًا أفقه منهما ومن عبد اللَّه بن عمر، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمر فهمه إتيانَ البيتِ الحرام عام الحُدَيبية من إطلاقِ قوله:
(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(2)
في (ن): "استغناؤها".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(4)
في (ق): "عمرو"، وله وجه.
"إنك ستأتيه وتطوف به"(1) فإنه لا دلالة في هذا اللفظ على تعيين العام الذي يأتونه فيه، وأنكر على عديّ بن حاتم فهمه من الخيط الأبيض والخيط الأسود نفسَ العقالين (2)، وأنكر على مَنْ فهم من قوله:"لا يدخلُ الجنةَ مَنْ كان في قلبه مثقالُ حبة خَرْدلةٍ من كِبْر" شمول لفظه لحسْن الثوب وحُسن النعل، وأخبرهم أنه:"بَطرُ الحق وغَمطُ الناس"(3) وأنكر على من فهم من قوله: "مَنْ أحبَّ لقاء اللَّه أحبَّ اللَّه لقاءَه، ومن كره لقاءَ اللَّهِ كره اللَّه لقاءه" أنه كراهة الموت، وأخبرهم أن هذا للكافر إذا احْتُضِرَ وبُشِّر بالعذاب فإنه حينئذ يكره لقاء اللَّه، واللَّه يكره لقاءه، وأن المؤمن إذا احْتُضِرَ وبُشِّر بكرامة اللَّه أحَبَّ لقاء اللَّه وأحبَّ اللَّه لقاءه (4)، وأنكر
(1) هو جزء من الحديث الطويل في صلح الحديبية رواه البخاري (2731 و 2732) في (الشروط): باب الشروط في الجهاد، من حديث المِسور بن مخرمة ومروان.
وانظر: "مرويات غزوة الحديبية".
(2)
أخرج البخاري في "صحيحه"(كتاب التفسير): باب {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} (8/ 182/ رقم 4059)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الصيام): باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، (2/ 766 - 767/ رقم 1090) عن عدي بن حاتم؛ قال: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]؛ قال له عدي بن حاتم: يا رسول اللَّه! إِني أجعل تحت وسادتي عِقاليْن: عقالًا أبيضَ وعِقالًا أسود، أعرف الليل من النهار.
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِن وسادتك لعريض، إِنما هو سواد الليل وبياض النهار" لفظ مسلم.
وأخرج البخاري في "صحيحه"(رقم 4511)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 1091) عن سهل بن سعد؛ قال: أنزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ، ولم ينزل:{مِنَ الْفَجْرِ} ، وكان رجال إِذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما؛ فانزل اللَّه بعده:{مِنَ الْفَجْرِ} ؛ فعلموا أنما يعني الليل من النهار.
(3)
رواه مسلم (91) في (الإيمان): باب تحريم الكبر وبيانه، من حديث ابن مسعود.
و"بطر الحق": التكبر عليه فلا يقبله، و"غمط الناس": احتقارهم، والإزدراء بهم (ط).
ووقع في (ك) و (ق) بدل "حبة خَرْدلة"، "ذرة".
(4)
رواه البخاري (6507) في (الرقاق): باب من أحب لقاء اللَّه أحب اللَّه لقاءه، من حديث عبادة بن الصامت، وفي الباب عن عائشة، رواه مسلم (2684) في (الذكر والدعاء): باب من أحب لقاء اللَّه أحب اللَّه لقاءه. . .، وعلقه البخاري بعد (6507).
وعن أَبي هريرة: رواه مسلم أيضًا (2685).
على عائشة (1) إذ فهمت من قوله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8] معارضته لقوله [صلى الله عليه وسلم]: "مَنْ نُوقش الحِسَاب عُذِّبَ" وبيَّن لها أن الحساب اليسير هو العَرْض، أي حساب العرض لا حساب المناقشة (2)، وأنكر على مَنْ فهم من قوله [تعالى] (3):{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، أن هذا الجزاء إنما هو في الآخرة وأنه لا يسلم أحدٌ من عمل السوء، وبيَّن لهم أن هذا الجزاء قد يكون في الدنيا بِالهَمِّ (4) والحَزَنِ والمرض والنَّصبِ وغير ذلك من مصائبها، وليس في اللفظ تقييد الجزاء بيوم القيامة (5)، وأنكر على مَنْ فهم من قوله [تعالى] (3):{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ [أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] (3)} [الأنعام: 82] أنه ظُلم
(1) في (ق) و (ك): "أم سلمة".
(2)
الحديث أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب التفسير): باب: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} ، (8/ 697/ 4939)، ومسلم في "الصحيح"(كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها)(4/ 2204/ 2876)، عن عائشة رضي الله عنها وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(4)
في (ن): "بالغَمِّ".
(5)
في هذا حديث أَبي بكر الصديق: رواه أحمد في "مسنده"(1/ 11)، وهناد (49)، وأبو يعلى (98 و 99 و 100 و 101)، والطبري (10523 - 10528)، والمروزي في "مسند أبي بكر"(111 و 112)، وابن حبان (2910 و 2926)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(394)، والحاكم (3/ 74 - 75)، والبيهقي (3/ 373) من طرق عن إِسماعيل بن أَبي خالد عن أَبي بكر بن أَبي زهير عنه قال: يا رسول اللَّه! كيف الصلاح بعد هذه الآية: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، وكل شيء عَمِلنا جُزينا به؟! فقال:"غفر اللَّه لك يا أبا بكر ألست تمرض، ألست تحزن ألست تصيبك اللأواء؟ " قلت: بلى! قال: "هو ما تجزون به"، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
قلت: هذا إسناد ضعيف: أبو بكر بن أبي زهير لم يدرك أبا بكر الصديق، ثم هو لم يذكر بجرح ولا تعديل.
ورواه أبو يعلى (18)، و (99)، والطبري (10521 و 10522 و 10529 و 10533 و 10534)، والترمذي (3039)، والحاكم (3/ 552 - 553) من طرق عن أبي بكر وكل أسانيده فيها مقال لا أطيل ذكرها وانظر:"علل الدارقطني"(1/ 284 و 285).
وفي الباب عن عائشة: رواه أحمد (6/ 65 - 66)، وأبو يعلى (4675)، و (4839)، وابن حبان (2923)، قال الهيثمي (7/ 12): رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح.
أقول: فيه يزيد بن أَبي يزيد ليس من رجال الصحيح، ذكره البخاري وابن أَبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد روى عنه جمع.
وروى مسلم (2574) في (البر والصلة): باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض من حديث أبي هريرة قال: لما نزلت {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} بلغت من المسلمين مبلغًا =
النَّفس بالمعاصي، وبيَّن لهم أنه الشرك، وذَكَر قولَ لقمان لابنه:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} [لقمان: 13](1) مع أن سياق اللفظ عند (2) إعطائه حقه من التأمل يبين ذلك؛ فإن اللَّه سبحانه لم يقل ولم يظلموا أنفسهم، بل قال:{وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] ولَبْسُ الشيء بالشيء تغطيتهُ به وإحاطته به من جميع جهاته، ولا يغطي الإيمانَ ويحيطُ به ويلبسه إلا الكفرُ، ومن هذا قوله تعالى:{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)} [البقرة: 81] فإن الخطيئة لا تحيط بالمؤمن أبدًا، فإن إيمانه يمنعه من إحاطة الخطيئة به، ومع أن سياق قوله:{وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)} [الأنعام: 81] ثم حُكمُ اللَّه أعدلُ حُكمٍ وأصدقُه أَنَّ مَنْ آمن ولم يلبس إيمانه بظلم فهو أحق بالأمن والهُدى، فدل على أن الظلم الشِّرك، وسأله عمر بن الخطاب (3) رضي الله عنه عن الكَلالَة وراجعه فيها مرارًا، فقال: تكفيك آية الصَّيف (4)،
= شديدًا فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة يُنْكبها أو الشوكة يشاكها"، وانظر له -لزامًا- "غرر الفوائد المجموعة" (رقم 19 - بتحقيقي ضمن "الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح".
(1)
أخرجه البخاري في "صحيحه"(كتاب الإيمان): باب ظلم دون ظلم (1/ 87/ رقم 32)، و (كتاب الأنبياء): باب قول اللَّه -تعالى-: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (6/ 389/ رقم 3360)، و (كتاب أَحاديث الأنبياء): باب قول اللَّه -تعالى-: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} (6/ 465/ رقم 3428، 3429)، و (كتاب التفسير): باب {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} (8/ 294/ رقم 4629)، وباب سورة لقمان (8/ 513/ رقم 4776)، و (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم): باب إِثم من أشرك باللَّه وعقوبته في الدنيا والآخرة (12/ 264/ رقم 6918)، وباب ما جاء في المتأولين، (12/ 303/ رقم 6937)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الإيمان): باب صدق الإيمان وإِخلاصه، (1/ 114 - 115/ رقم 124)، عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وقال بعض أهل العلم: "فتكون الآية {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} من قبيل: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)} فلا يقال: كيف يتأتى لبس الإيمان بالشرك، ولا يوجد الإيمان معه؟! وفي قصة الصحابة في الآية، والحديث الدلالة الواضحة على أَن هذه المطلقات من النواهي غير الصريحة لم تحدد تحديدًا يوقف عنده؛ فهي في الآية والحديث في أعلى مراتب النهي، وقد فهم الصحابة أنها شاملة للمراتب الأخرى".
(2)
في (ق): "مع".
(3)
في (ق): "عمر بن الخطاب رضي الله عنه".
(4)
هي آية الكلالة التي في آخر النساء؛ لأنها نزلت في الصيف، أما الأولى نزلت في الشتاء (و).
واعترف عمر بأنه خَفِيَ عليه فهمهما وفهمها الصديق (1)، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحومِ الحُمرِ الأهلية ففهم بعض الصحابة من نهيه أنه لكونها لم تُخمَّس وفهم بعضهم أن النهي لكونها (2) كانت حمولة القوم وظهورهم، وفهم بعضهم [أنه لكونها](3) كانت جوَّالي القرية، وفهم علي بن أبي طالب وكبار الصحابة رضي الله عنهم ما قَصَدَه [رسول اللَّه](4) صلى الله عليه وسلم بالنهي وصَرَّح بعلَّته من كونها رجسًا (5)، وفهمت المرأة
(1) رواه مسلم في "صحيحه"(567) في (المساجد): باب نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها، و (1617) في (الفرائض)، باب ميراث الكلالة من حديث عمر، وانظر:"سنن سعيد بن منصور"(رقم 587، 591) تحقيق الشيخ سعد الحميد حفظه اللَّه، ووقع في (ق):"خفي عليه فهمها وفهمها".
(2)
في (ك) و (ق): "لأنها".
(3)
بدل ما بين المعقوفتين في (ك) و (ق): "أنها".
(4)
في (ق): "النبي".
(5)
النهي عن لحوم الحمر ثابت من حديث جابر: رواه البخاري (4219) في (المغازي): باب غزوة خيبر، و (5520) في (الذبائح): باب لحوم الخيل، و (5524) باب لحوم الحمر الإنسية، ومسلم (1941) في (الصيد): باب في أكل لحوم الخيل.
ومن حديث أنس: رواه البخاري (2991) في (الجهاد): باب التكبير عند الحرب، و (4199) في (المغازي): باب غزوة خيبر، و (5528) في (الذبائح): باب لحوم الحمر الإنسية، ومسلم (1940) في (الصيد): باب تحريم أَكل الحمر الإنسية، ومن حديث ابن عمر: رواه البخاري (4217)، و (5521)، و (5522)، ومسلم (561)(24)، و (25).
ومن حديث البراء بن عازب رواه البخاري (4221 و 4223 و 4225 و 4226)، ومسلم (1938)(28)، و (29) وفي بعضها عن البراء وعبد اللَّه بن أَبي أوفى، ومن حديث سلمة بن الأكوع في "الصحيحين" أيضًا.
وحديث علي رواه البخاري (4216) و (5115) و (5523) و (6961)، ومسلم (1407)، وأما ما ورد عن الصحابة فقد روى البخاري (4227)، ومسلم (1939) عن ابن عباس قوله:"لا أدري إنما نهى عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس. . . أو حرّمه في يوم خيبر. . وروى البخاري في "الصحيح" (4220)، ومسلم في "الصحيح" (1937) من حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى قال. . . وتحدثنا بيننا فقلنا: حرَّمها ألبتة وحرمها من أجل أنها لم تخمس.
وروى البخاري أَيضًا في "صحيحه"(4420) من حديث ابن أبي أوفى، وفيه:"وقال بعضهم: نهى عنها ألبتة؛ لأنها كانت تأكل العذرة. وقد ورد في حديث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حرمها من أجل جوال القرية، رواه أبو داود (3809)، وابن أبي شيبة (8/ 87)، وابن سعد (6/ 48)، والطبراني (18/ 664) (665) (666)، و (667)، والبيهقي (9/ 332) من حديث غالب بن أبجر، وفي سنده اضطراب واختلاف، كما قال البيهقي وغيره، وانظر: "نصب الراية" (4/ 196).
من قوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] جواز المُغَالاة في الصَّداق فذكرته لعمر فاعترف به (1)، وفهم ابن عباس من قوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] مع قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] أن المرأة قد تَلدُ لستة أشهر، ولم يفهمه عثمان فهمَّ برجم امرأة ولدت لها حتى ذكَّره به ابنُ عباس فأقر به (2)، ولم يفهم عمر من قوله:
(1) الأثر لا يصح وسيأتي تخريجه.
(2)
رواه عبد الرزاق (13446)، ومن طريقه الطبري في "تفسيره"(4952) عن معمر، وابن شبّة في "تاريخ المدينة" (3/ 977) عن يونس كلاهما عن الزهري عن أَبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال: رفع إِلى عثمان. . . فذكره، ورجاله ثقات، وأبو عبيد صوابه مولى عبد الرحمن بن أزهر اسمه سعد بن عبيد ثقة، ورواه سعيد بن منصور في "سننه"(2075)، وعبد الرزاق (13447)، وابن أَبي حاتم في "التفسير"(2/ 428 رقم 2265)، وعنه ابن شبة في "تاريخ المدينة"(3/ 978) من طريق الأعمش عن مسلم بن صبيح عن قائد لابن عباس فذكره.
وعزاه في "الدر المنثور"(1/ 688) لوكيع وابن أبي حاتم وله طرق أخرى عن ابن عباس دون ذكر قضية عثمان مع المرأة.
وقد ورد نحو هذا الفهم أيضًا عن عدة من الصحابة فأخرج مالك في "الموطأ"(2/ 825 - رواية يحيى)، ومن طريقه إسماعيل بن إِسحاق القاضي في "أحكام القرآن"، وكما في "المعتبر"(رقم 208)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 442 - 443) أنه بلغه أَن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر، فامر بها أَن ترجم، فقال له علي بن أَبي طالب: ليس ذلك عليها، وقد قال اللَّه -تعالى- في كتابه:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} وقال: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} ، وقال:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} قال: فالرضاعة أربعة وعشرون شهرًا، والحمل ستة أشهر.
ووصله ابن أبي ذئب في "موطئه"، كما في "الاستذكار"(24/ 73)، ومن طريقه ابن جرير في "التفسير"(35/ 102)، وابن شبة في "تاريخ المدينة"(3/ 979)، وابن أَبي حاتم في "تفسيره"، ومن طريقه ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر"(2/ 214) من طريق يزيد بن عبد اللَّه بن قسيط عن بعجة بن عبد اللَّه الجهني به مطولًا، قال ابن حجر:"وهذا موقوف صحيح"، وقال:"وأظن مالكًا سمعه من ابن قسيط؛ فإِنه من شيوخه".
ثم قال: وقد أخرج إِسماعيل القاضي في كتاب "أحكام القرآن" بسندٍ له فيه رجل مبهم عن ابن عباس أنه جرى له مع عثمان في نحو هذه القصة الذي جرى لعلي؛ فاحتمل أن كان محفوظًا أن يكون تواقق معه، وأما احتمال التعدد؛ فبعيد جدًا".
وما جرى بين ابن عباس مع عثمان هي رواية ثقات أهل مكة، والرواية الأولى رواية أهل المدينة، وأهل البصرة يروونها لعمر عن علي؛ كما عند ابن شبة في "تاريخ المدينة"(3/ 979)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 442).
وانظر: "الاستذكار"(24/ 74 - 75)، و"المعتبر"(ص 194) للزركشي، و"تفسير ابن كثير"(4/ 136، 157).
"أُمرت أن أقاتلَ النَّاسَ حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه، فإذا قالوها عَصموا مِنِّي دِماءَهم وأَموالَهم إلا بحقها" قتال مانعي الزكاة حتى بَيّن له الصديق فأقرَّ به (1)، وفهم قُدامة بن مَظْعون من قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: 93] رفع الجُناح (2) عن الخَمْر حتى بَيَّن له عمر أنه لا يتناول الخمر (3)، ولو تأمَّل سياق الآية لفهم المراد منها، فإنه إنما رفع الجُناح عنهم فيما طعموه مُتَّقين له فيه، وذلك إنما يكون باجتناب ما حَرَّمه من المطاعم؛ فالآية لا تتناول المحرَّم بوجه ما، وقد فهم من قوله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] انغماس الرجل في العدو حتى بَيَّن له (4) أبو أيوب الأنصاري أن هذا ليس من الإلقاء بيده إلى التَّهلُكة، بل هو من بيع الرجل نفسه ابتغاء مرضات اللَّه، وأن الإلقاء [بيده](5) إلى التهلكة هو الإقبال على الدنيا وعمارتها وترك الجهاد (6)، وقال الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتَضَعُونها على غير مواضعها (7): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] وإني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الناس إذا
(1) انظر تفصيل ذلك عند البخاري في "الصحيح"(كتاب الزكاة): باب وجوب الزكاة (3/ 262/ رقم 1399، 1400)، و (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم): باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة (12/ 275/ رقم 6924، 6925) مع كلام الشارح ابن حجر في "الموطن الثاني"، وانظر "مسند الفاروق"(2/ 672 - 673) لابن كثير رحمه الله.
(2)
في (ق): "أنه رفع للجناح".
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر بنحوه؛ كما في "الدر المنثور"(3/ 174)، والقاضي إِسماعيل في "الأحكام"، وابن شبة في "تاريخ المدينة"(3/ 842 - 844)، والبيهقي في "الكبرى"(8/ 315)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(5/ 56).
(4)
في (ق): "لهم".
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
رواه أبو داود (2512) في (الجهاد): باب في قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} والترمذي (2972) في "التفسير": باب ومن سورة البقرة، والطبري (3179)، و (3180)، والطبراني في "الكبير"(4060)، والحاكم (2/ 275)، والبيهقي (9/ 99) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبى عمران قال:. . . فذكر قصة أبي أيوب وذاك الرجل وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وفي (ك): "هو ترك الجهاد والإقبال على الدنيا وعمارتها".
(7)
في (ق): "موضعها".
رَأوا المنكر فلم يغيِّروه أوشك أن يعمَّهُم اللَّه بعقاب من عنده" (1) فأخبرهم أنهم يضعُونها على غير مواضعها في فهمهم منها خلافَ مَا أريد بها، وأشكل على ابن عباس أمْرُ الفِرْقَةِ الساكتة التي لم ترتكب ما نُهيت عنه من اليهود: هل عُذِّبُوا أو نَجَوا حتى بين له مولاه عِكْرِمة دخولهم في الناجين دون المعذبين، وهذا هو الحق؛ لأنه سبحانه قال عن الساكتين:{وَإِذْ [قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ] (2) لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} [الأعراف: 164] فأخبر أنهم أنكروا فعلهم وغضبوا عليهم، وإن لم يواجهوهم بالنهي فقد واجههم به مَن أدَّى الواجب عنهم، فإن
(1) رواه الحميدي (3)، وأحمد (1/ 522، 527)، وابن أبي شيبة (ق 11/ أ)، وعبد بن حميد (1 - "المنتخب") في "مسانيدهم"، وأَبو داود في (الملاحم):(4338) باب الأمر والنهي، والترمذي (2168) في "الفتن": باب ما جاء في نزول العذاب إِذا لم يغير المنكر، و (3057) في "التفسير": باب ومن سورة المائدة، وابن ماجه (4005) في "الفتن": باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمروزي في "مسند أبي بكر"(86 - 89)، والبزار في "مسنده"(رقم 65، 68)، وأبو يعلى في "مسنده"(128 و 130 و 131 و 132)، وابن حبان (304 و 305)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(1165 - 1170)، وابن أبي الدنبا في "الأمر بالمعروف"(رقم 1، 40)، والضياء في "المختارة"(رقم 54، 60)، والطبري في "التفسير"(7/ 98)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(رقم 62، 63)، والطبراني في "مكارم الأخلاق"(رقم 79)، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(528)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 91)، والخطيب في "الفصل والوصل"(ق 7/ أ)، والخطابي في "العزلة"(ص 103) وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(رقم 123)، والذهبي في "معجم الشيوخ"(1/ 120)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن"(ص 381)، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن حازم عن أبي بكر الصديق مرفوعًا به.
والذين رووه عن إسماعيل مرفوعًا أكثر من عشرين نفسًا ذكرهم الدارقطني في "علله"(1/ 251).
وقد رواه بعضهم عن إسماعيل فوقفوه على أبي بكر.
قال البزار: والحديث لمن زاد فيه إذا كان ثقة.
وقال أبو زرعة كما في "علل ابن أبي حاتم"(2/ 98): وأحسب إسماعيل بن أبي خالد كان يرفعه مرة ويوقفه مرة.
أقول: يظهر أن هذا ليس من إسماعيل بل من قيس بن أبي حازم: فقد رواه أبو يعلى (129) من طريق الحكم عن قيس به موقوفًا، لذلك قال الدارقطني: وجميع رواة هذا الحديث ثقات (أي من وصل ومن وقف)، ويشبه أن يكون قيس بن أبي حازم كان ينشط في الرواية مرة فيسنده ومرة يجبن عنه فيوقفه على أبي بكر.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فلما قام به أولئك سقط عن الباقين، فلم يكونوا ظالمين بسكوتهم، وأيضًا فإن اللَّه سبحانه إنما عذب الذين نَسُوا ما ذُكِّروا به وعَتْوا عمَا نُهوا عنه، وهذا لا يتناول الساكتين قطعًا، فلما بين عكرمة لابن عباس أنهم لم يدخلوا في الظالمين المعذبين كَسَاه بُرْدَة [وفرح به](1)، وقد قال عمر بن الخطاب للصحابة: ما تقولون في: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النصر: 1] السورة؟ قالوا: أمر اللَّه نبيَّه إذا فَتحَ عليه أن يستغفره، فقال لابن عَبَّاس: ما تقول أنت؟ قال: هو أجلُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أعلمه إيَّاه، فقال: ما أعلمُ منها غيرَ ما تَعلم (2)، وهذا من أدق الفهم وألطفه، ولا يدركه كل أحد، فإنه سبحانه لم يُعلِّق الاستغفار بعلمه (3)، بل علّقه بما يحدثه هو سبحانه من نعمة من فَتْحِه على رسوله ودخول الناس في دينه، وهذا ليس بسببٍ للاستغفار، فعلم أن سببَ الاستغفار غيرُه (4)، وهو حضور الأجل الذي من تمام نعمة اللَّه على عبده توفيقه للتوبة النصوح والاستغفار بين يديه ليلقى ربه طاهرًا مطهرًا من كل ذنب فيقدم عليه مسرورًا راضيًا مرضيًا عنه، ويدل عليه أيضًا قوله:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 3] وهو صلى الله عليه وسلم كان يُسبِّح بحمده دائمًا (5)، فعلم أن المأمور به من
(1) رواه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 240)، ومن طريقه الطبري في "تفسيره" (15272) أخبرنا ابن جريج قال: حدثني رجل عن عكرمة قال: جئت ابن عباس يومًا فذكره مطولًا جدًا وإسناده ضعيف لإبهام الرجل.
ورواه الطبري (15271) من طريق يحيى بن سليم عن ابن جريج عن عكرمة. . فأسقط منه الرجل المبهم، ورواه الطبري (15269)، و (15270) من طريق حماد عن داود عن عكرمة عن ابن عباس. . . وهو مختصر.
ورواية داود بن الحصين عن عكرمة ضعيفة، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
رواه البخاري (3627) في (المناقب): باب علامات النبوة في الإسلام، و (4294) في (المغازي): باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، و (4430) باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، و (4969) في "التفسير" باب قوله:{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} ، و (4970) باب قوله:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} من حديث ابن عباس عن عمر.
(3)
في المطبوع: "بعمله" وقال في هاش (ق): "لعله: بعمله" ثم ضرب عليه.
(4)
في (ن): "فعلم أنه غيره".
(5)
روى مسلم في "صحيحه"(484)(218) من حديث عائشة قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكثر من قول: "سبحان اللَّه وبحمده، استغفر اللَّه وأتوب إليه" قالت: قلت: يا رسول اللَّه ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟! قال: "جعلت لي علامة في أمتي إِذا رأيتها =
ذلك التسبيح بعد الفتح ودخول الناس في هذا الدين أمرٌ أكبر (1) من ذلك المتقدم، وذلك مقدمةٌ بين يدي انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وأنه قد بقيت عليه من عبودية التسبيح والاستغفار التي تُرقيه إلى ذلك المقام بقيةٌ فأمره بتوفيتها، ويدل عليه أيضًا أنه سبحانه شرع التوبة والاستغفار في خواتيم الأعمال (2)، فشرعها (3) في خاتمة الحج وقيام الليل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّم من الصلاة استغفر ثلاثًا (4)، وشرع للمتوضئ [بعد كمال وضوئه أن يقول] (5):"اللَّهم اجعلني من التوَّابين واجعلني من المتطهرين"(6) فعُلم أن التوبةَ مشروعةٌ عَقيب الأعمال الصالحة، فأمر رسولَه
= قلتها: إِذا جاء نصر اللَّه والفتح. . . " إلى آخر السورة.
وروى البخاري (794)، و (817)، و (4293)، و (4967)، و (4968)، ومسلم (484) من حديث عائشة أيضًا قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" يتأول القرآن.
وفي إحدى روايات البخاري: ما صلى بعد أن نزل عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} صلاةً إلا يقول فيها: "سبحانك ربنا. . . " وسقطت "دائمًا" من (ق).
(1)
في (ق): "ودخول الناس في الدين أمر أكثر من ذلك".
(2)
انظر: "مدارج السالكين"(1/ 175)، و (2/ 62، 426)، و (3/ 435)، و"جلاء الأفهام" (ص: 188)، و"طريق الهجرتين" (ص: 371)، و"التبيان في أقسام القرآن" (ص: 59، 184).
(3)
في (ق): "فشرعه".
(4)
رواه أحمد (5/ 275)، و (279)، و (280)، ومسلم (591) في (المساجد): باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، من حديث ثوبان، وسقطت "ثلاثًا" من (ق).
(5)
في (ق): "أن يقول بعد كمال وضوئه".
(6)
رواه الترمذي (55) في (الطهارة): من طريق زيد بن حباب عن معاوية عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر.
وقال: "حديث عمر قد خولف زيد بن الحباب في هذا الحديث وروى عبدُ اللَّه بن صالح وغيره عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إِدريس عن عقبة بن عامر عن عمر، وعن ربيعة عن أبي عثمان عن جُبير بن نُفير عن عمر.
وهذا حديثٌ في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء.
وقال الحافظ ابن حجر في "أمالي الأذكار" -كما في "الفتوحات الربانية"(1/ 19) -: وهذه الزيادة التي عند الترمذي لم تثبت في هذا الحديث فإن جعفر بن محمد تفرد بها ولم يضبط الإسناد. . .
ثم قال: وقد وجدت للزيادة شاهدًا من حديث ثوبان أخرجه الطبراني، قلت: هو عند الطبراني في "الأوسط"، كما ذكر الهيثمي في "المجمع"(1/ 239)، وقال: تفرد به مسور بن مورع ولم أَجد من ترجمه، وفيه أحمد بن سهيل الوراق ذكره ابن حبان في: =
بالاستغفار عقيب توفيته ما عليه من تبليغ الرسالة والجهاد في سبيله حين دخل الناس في دينه أفواجًا، فكأنَّ التبليغَ عبادةٌ قد أكملها وأدَّاها، فشُرع له الاستغفارُ عقيبها، والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص، وأن منهم من يفهم من الآية حكمًا أو حكمين، ومنهم من يفهم [منها](1) عشرة أحكام أو (2) أكثر من ذلك، ومنهم من [يقتصر فهمُه](3) على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائِه [وإشارته وتنبيهِه](4) واعتباره، وأخص من هذا وألطف ضمه إلى نص آخر (5) متعلق به فيفهم من اقترانه به قدرًا زائدًا على ذلك اللفظ بمفرده، وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا يَنْتبه له إلا النادر من أهل العلم، فإن الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلقه به، وهذا كما فهم ابنُ عباس من قوله:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] مع قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] أن المرأة قد تَلِدُ لستة أشهر (6)، وكما فهم الصدِّيقُ من آية الفرائض في أول السورة وآخرهَا أن الكلالةَ مَنْ لا ولدَ له ولا والِد، وأسقط الإخوةَ بالجدِّ (7)، وقد أرشد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَر إلى هذا الفهم حيث سأله عن الكلالة وراجَعَه
= "الثقات"، وهو في "الكبير" من حديث ثوبان، وليس فيه هذه الزيادة (1441)، وفي إسناد "الكبير" أبو سعيد البقال، والأكثر على تضعيفه.
وقال الحافظ ابن حجر: وله شاهد آخر غريب من حديث البراء. وانظر: "نتائج الأفكار"(1/ 237 - 241).
قلت: وللشيخ أحمد شاكر على حديث الباب كلام يستحق النظر. وانظر: "زاد المعاد"(1/ 95).
(1)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
في (ق): "و".
(3)
بدل ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك) والمطبوع: "يقتصر في الفهم".
(4)
في (ق): "وتنبيهه وإشارته".
(5)
في (ن): "بضم النص إلى نص آخر".
(6)
بيان ذلك أننا إِذا طرحنا الحولين -مدة الرضاع- من الثلاثين شهرًا مدة الحمل والفصال؛ لبقي معنا ستة أشهر وهي المدة التي استنتجها ابن عباس رضي الله عنه التي قد تلد المرأة لها (ط).
قلت: والأثر سبق تخريجه.
(7)
قول أبي بكر في الكلالة: رواه عبد الرزاق (10/ 304 رقم 19191)، وابن جرير في "التفسير"(8/ 54 رقم 8747، 8745، 8746)، وابن أبي شيبة (11/ 415 - 416)، والدارمي (1/ 365)، وسعيد بن منصور في "السنن"(رقم 591)، والبيهقي (6/ 223، 224)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 199) من طريق الشعبي عن أبي بكر، وهو منقطع الشعبي لم يدرك أبا بكر، وعزاه ابن حجر في "التلخيص"(4/ 195) لكتاب =