الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البُضْع من ملك الزوج ليس بمتقوّم، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين اختارها متأخرو أصحابه كالقاضي أبي يعلى وأتباعه، وقيل: عليهما مهرُ المثل، وهو قول الشافعي، وهو (1) وجهٌ في مذهب أحمد، وقيل: عليهما المُسمَّى، وهو مذهب مالك، وهو أشهرُ في نص أحمد، وقد نصَّ على ذلك فيما إذا أفسد نكاح زوجته (2) برضاع أنه يرجع المُسمَّى، والكتاب والسنة يدلان على هذا القول؛ فإن اللَّه تعالى قال:{وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10، 11] وهذا هو المُسمَّى دون مهر المثل؛ ولذلك (3) أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجَ المختلعة أن يأخذَ ما أعطاها دون مهر المثل (4)، وهو سبحانه إنما يأمر في المُعاوضات المُطْلَقة بالعدل.
[القول بوقف العقود عند الحاجة]
فحكم أمير المؤمنين في المفقود ينبني على هذا الأصل، والقول بوقف العقود عند الحاجة متفق عليه بين الصحابة، ثبت ذلك عنهم في قضايا متعددة، ولم يُعلم أن أحدًا منهم أنكر ذلك، مثل قضية ابن مسعود في تصَدُّقه عن (5) سَيّد الجارية التي ابتاعها بالثمن الذي كان له عليه في الذِّمة لما تعذَّرت عليه معرفتُه (6)
(1) في (ق): "و".
(2)
في (د): "امرأته".
(3)
في (ق) و (ك): "وكذلك".
(4)
رواه مالك في "الموطأ"(2/ 564)، ومن طريقه الشافعي في "مسنده"(2/ 50 - 51)، وأحمد (6/ 433 - 434)، وأبو داود (2227) في (الطلاق): باب في الخلع، والنسائي (6/ 169) في (الطلاق): باب ما جاء في الخلع، وابن الجارود (749)، والبيهقي (7/ 312 - 313)، وابن حبان (4280) عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن حبيبة.
ورواه أيضًا الشافعي (2/ 50)، وابن سعد (8/ 445)، والبيهقي (7/ 313) من طرق عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته عن حبيبه بنت سهل الأنصارية أنها كانت تحت ثابت بن قيس بنحوه، وهذا إسناد صحيح رواته رواة الشيخين عدا صحابية الحديث.
ورواه أبو داود (2228) من طريق عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة. وهو إسناد صحيح أيضًا، ولا يضر الاختلاف على صحابية الحديث.
(5)
في (ق): "على" وفي (ك): "تصرفه على".
(6)
كان عبد اللَّه بن مسعود قد اشترى جاريةً، فدخل بيته ليأتي بالثمن، فلم يجد البائع، =
وكتصدق الغالِّ بالمال المغلول من الغَنيمة لما تعذَّر قسمه بين الجيش، وإقرارُ معاوية له على ذلك وتصويبُه له (1)، وغير ذلك من القضايا، مع أن القول بوقف العقود [مطلقًا](2) هو الأظهر في الحجة، وهو قول الجمهور، وليس في ذلك ضررٌ أصلًا، بل هو إصلاح بلا إفساد (3)؛ فإن الرجل قد يرى أن يشتريَ لغيره أو يبيعَ له أو يؤجِّرَ له أو يستأجِرَ له (4) ثم يشاوره، فإن رضي وإلا لم يحصل له ما يضره، وكذلك في تزويج وَليَّته ونحو ذلك، وأما مع الحاجة فالقول به لا بد منه، فمسألة المفقود هي مما يُوقف (5) فيها تفريق الإمام على إذن الزوج إذا جاء كما يقف تصرف المُلتَقط على إذن المالك إذا جاء (6)، والقول بردَّ المهر [إلى الزوج](7) بخروجِ بُضْع امرأته عن ملكه، ولكن تنازعوا في المهر الذي يرجعُ به: هل هو ما أعطاها هو أو ما أعطاها الثاني، وفيه روايتان عن أحمد: إحداهما (8) يرجع بما مَهرَها الثاني؛ لأنها هي التي أخذته، والصواب أنه إنما يرجع بما مَهَرها هو؛ فإنه الذي يستحقه، وأما المهر الذي أصدقها الثاني فلا حقّ له فيه، وإذا ضمن الثاني للأول المهر فهل يرجع به عليها؟ فيه روايتان [عن أحمد] (9): إحداهما يرجعُ؛ لأنها هي التي أخذته، والثاني قد أعطاها المهرَ الذي عليه، فلا يضمن مَهْرين، بخلاف المرأة فإنها لما اختارت فِراقَ الزوج الأول ونكاح الثاني فعليها أن تردَّ المهر؛ لأن الفرقة جاءت من جهتها، والثانية لا يَرجع؛ لأن المرأة
= فجعل يطوف على المساكين، ويتصدق عليهم بالثمن، ويقول: اللهم عن ربّ الجارية، فإن قَبلها فذاك، وإن لم يقبل فهو لي، وعليَّ له مثله يوم القيامة، نقله هكذا شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته:"الحلال والحرام وبعض قواعدهما في المعاملات المالية"(ص 23 - ط مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب)، وهي في "مجموع الفتاوى"(29/ 311 - 331)، وقد ذكرتها وتخريجها في كتابي:"أحكام المال الحرام" يسر اللَّه إتمامه ونشره.
(1)
رواه سعيد بن منصور في "سننه"(2732) عن ابن المبارك عن صفوان بن عمرو عن حوشب بن سيف فذكر قصة طويلة، وحوشب بن سيف هذا ذكره البخاري، وابن أبي حاتم في "كتابيهما" ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في "الثقات" كعادته!
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(3)
في (ق): "بل هو صلاح بلا فساد".
(4)
في (ق): "أو يستأجر له أو يؤجر له".
(5)
في (ق): "يقف".
(6)
في (ق): "جاء هو".
(7)
بدل ما بين المعقوفتين في (ك) و (ق): "إليه".
(8)
في (ق): "إحديهما".
(9)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).