الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لإفضائها إلى ضرر المجاورة فإنهما إذا اقتسما تجاورا (1).
[ثبوت الحكم بالشفعة في الشركة وللجار]
قالوا: ولهذا [السبب](2) اختصت بالعقار دون المنقولات؛ إذ المنقولات لا تتأتَّى فيها المجاورة، فإذا ثبتت في الشركة (3) في العقار لإفضائها إلى المجاورة فحقيقة المجاورة أولى بالثبوت فيها.
قالوا: وهذا معقول النصوص لو لم يرد بالثبوت فيها، فكيف وقد صَرَّحت بالثبوت فيها أعظم من تصريحها بالثبوت للشريك؟ ففي "صحيح البخاري" من حديث عمرو بن الشريد قال: جاء المسْور بن مَخْرمة فوضع يده على منكبي، فانطلقت معه إلى سعد بن أبي وقاص، فقال أبو رافع: ألا تأمر هذا أن يشتري مني بيتي الذي في داره، فقال: لا أزيده على أربع مئة مُنَجَّمة، فقال: قد أُعطيت خمس مئة نقدًا فمنعته، ولولا أني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"الجارُ أحقُّ بصقَبِه"(4) ما بعُتك (5).
وروى عمرو بن الشَّريد أيضًا عن أبيه الشَّريد بن سُويد الثقفي قال: قلت: يا رسول اللَّه أرضٌ ليس لأحد فيها قسم ولا شِرْكٌ إلا الجوار قال: "الجار أحقُّ بسَقَبه"(6) أخرجه الترمذيُّ والنَّسائيُّ وابنُ ماجه، وإسناده صحيح.
(1) انظر: "جزء حق الجار"(ص 46، 48) للذهبي.
(2)
ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط.
(3)
في (ق) و (ك): "بالشركة".
(4)
"هي بالسين والصاد، وهي في الأصل: القرب"(و).
(5)
رواه البخاري (2258) في (الشفعة): باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع، و (6977 و 6978) في (الحيل): باب في الهبة والشفعة، و (6980 و 6981): باب احتيال العامل ليهدى له.
(6)
حديث الشريد هذا علقه الترمذي في (الأحكام): في الشفعة بعد حديث (1368)، ووصله في "العلل الكبير"(1/ 568 - 569 رقم 228)، والنسائي (7/ 320) في (البيوع): باب الشفعة وأحكامها، وفي "الكبرى"(6302)، وابن ماجه (2496) في (الشفعة): باب الشفعة بالجوار، وأحمد (4/ 388، 389، 390)، وابن أبي شيبة في "المسند"(911)، و"المصنف"(7/ 168) -ومن طريقه ابن حزم في "المحلى"(9/ 102) -، وابن الجارود (645)، والطبراني في "الكبير"(7/ 319 رقم 7253 - 7256)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 124)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(7/ 2494 رقم 745، 746)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1484 رقم 3763)، والدارقطني (4/ 224)، والبيهقي (6/ 105) من طرق عن عمرو بن الشريد به.
وصححه البخاري؛ كما نقله عنه الترمذي في "جامعه"، و"العلل الكبير".
وقال البخاري: "وهو أصح من رواية عمرو عن أبي رافع"(1) يعني المتقدم، وقال أيضًا:"كلا الحديثين عندي صحيح"(2).
وعن الحسن عن سمرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "جارُ الدار أولى (3) بالدار"(4) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، انتهى. وقد صح سماع الحسن من سمرة، وغاية هذا أنه كتاب (5)، ولم تزل الأمة تعمل بالكتب قديمًا وحديثًا، وأجمع الصحابة على العمل بالكتب، وكذلك الخلفاء بعدهم، وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب فإن لم يُعمل بما فيها
(1) أورد الترمذي في "العلل الكبير"(1/ 568 - 569) حديثي أنس والشريد، ثم قال عن حديث الشريد:"أصح، وقد روى عمرو بن الشريد عن أبي رافع قصة غير قصة أبيه، وأرجو أن يكون حديث أبي رافع محفوظًا".
(2)
قاله في "الجامع"(1368) وأقره الذهبي في جزء "حق الجار"(ص 36).
(3)
قال في (ط): "في نسخة هنا "أحق بالدار"، انظر: "إعلام الموقعين ط: فرج اللَّه زكي الكردي (2/ 254) ".
قلت: ونحو هذا القول في (د) والنسخة المشار إليها هي (ن) و (ك) و (ق).
(4)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(7/ 165)، وأحمد (5/ 8 و 12 و 13 و 17 و 18 و 22)، وأبو داود (3517) في (البيوع): باب في الشفعة، والترمذي (1368) في (الأحكام): باب ما جاء في الشفعة، والنسائي في "الكبرى" -كما في "التحفة"(4588) -، والطيالسي (904)، والطبراني في "الكبير"(6800 - 6807، 6920، 6923، 6941)، و"مسند الشاميين"(2651)، والروياني في "المسند"(786، 799، 823، 866)، وابن الجارود (644)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(1393 - 1397)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 123)، والقطيعي في "جزء الألف دينار"(135)، وأبو الطاهر الذهلي في "جزء حديثه"(51)، وابن عدي (2/ 316 و 3/ 9)، والبيهقي (6/ 106)، وابن حزم في "المحلى"(9/ 101)، وأبو نعيم في "ذكر أخبار أصبهان"(2/ 326) عن الحسن عن سمرة.
قال الترمذي: حديث سمرة حسن صحيح، وروى عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وروي عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح عند أهل العلم حديث الحسن عن سمرة ولا نعرف حديث قتادة عن أنس إلا من حديث عيسى بن يونس.
أقول: ومثل هذا قال الدارقطني على ما نقله عنه الضياء ثم تعقبه الضياء في: "الأحاديث المختارة"(7/ 122 - 124) وانظر: "العلل الكبير" للترمذي (1/ 568)، و"العلل" لابن أبي حاتم (1436)، و"إرواء الغليل"(5/ 377) وما سيأتي قريبًا.
(5)
انظر تفصيل المسألة بإسهاب وتحقيق في "المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس"(3/ 1174 - 1207).
تعطّلت الشريعة، وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكتب كتبه إلى الآفاق والنواحي فيعمل بها من تصل إليه، ولا يقول: هذا كتاب، وكذلك خلفاؤه [من](1) بعده، والناس إلى اليوم؛ فرد السنن بهذا الخيال البارد الفاسد من أبطل الباطل، والحفظ يخون (2)، والكتاب لا يخون، وروى قتادة عن أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"جار الدار أحق بالدار"(3) رواه ابن ماجه من طريق عيسى بن يونس عن سعيد عن
(1) ما بين المعقوفتين من (ق) و (ك).
(2)
"لابد أن يكون ما في الكتاب مستمدًا من القرآن الكريم، ومن السنة الصحيحة المشرقة البينة"(و).
(3)
رواه النسائي في "السنن الكبرى" -كما في (تحفة الإشراف 1/ 318) -، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى"(9/ 101)، والترمذي في "العلل الكبير"(1/ 568 رقم 228)، وابن حبان (5182)، والطبراني في "الأوسط"(8142 - ط الطحان)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 122)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 342)، والضياء في "المختارة"(2551 - 2553) من طرق عن عيسى بن يونس به.
ورجاله ثقات إلا أن عيسى بن يونس روى عن سعيد بن أبي عروبة بعد الاختلاط.
ورواه الضياء (2550) من طريق عبد الرحمن بن يونس عن عيسى بن يونس عن شعبة عن سعيد بن أبي عروبة به. فزاد شُعبةَ في الإسناد.
وعبد الرحمن بن يونس هذا لا بأس به.
وقد رواه أصحاب سعيد بن أبي عروبة، فجعلوه عنه عن قتادة عن الحسن عن سمرة.
فقد رواه أحمد (5/ 12 و 13)، وابن أبي شيبة (7/ 165)، والطحاوي (4/ 123)، والترمذي (1368) في (الأحكام): باب ما جاء في الشفعة، والطبراني (6803 و 6804) من طرق عن سعيد به.
ورواه أحمد (5/ 8 و 17 و 18 و 22)، والطيالسي (904)، وأبو داود (3517) في (البيوع): باب في الشفعة، والطبراني (6800 - 6802 و 6805 و 6807)، والطحاوي (4/ 123)، والبيهقي (6/ 106) من طرق عن قتادة عن الحسن عن سمرة.
ورواه الطحاوي (4/ 123) من طريق يونس عن الحسن عن سمرة.
قال الترمذي: "حديث سمرة حديث حسن صحيح، والصحيح عند أهل العلم حديث الحسن عن سمرة ولا نعرف حديث قتادة عن أنس إلا من حديث عيسى بن يونس"
نقل الضياء عن الدارقطني ترجيح حديث سمرة كذلك.
ثم تعقب الضياء الدارقطني بأن أحمد بن جناب وهو من شيوخ مسلم قد روى الحديث عن عيسى بن يونس على الوجهين أي: عن سعيد عن قتادة عن أنس، وعن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة، ورجح كلا الوجهين، وكلام الضياء هذا ليس في المطبوع من "المختارة" ومكانه فراغ لم يظهر للمحقق أو نقله شيخنا الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل"(5/ 378) عن المخطوط. =
قتادة، وكلهم أئمة ثقات، ورَوى أهل "السنن الأربعة" من حديث ميزان الكوفة عبد الملك بن أبي سُليمان العَرْزمي، عن عطاء، عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الجارُ أحق بشفعة جاره، يُنتظرُ بها وإن كان غائبًا، إذا كان طريقُهما واحدًا"(1).
وهذا حديث صحيح بلا تردد (2).
= تنبيه: عزا المؤلف الحديث لابن ماجه، وليس هو فيه ولا في "تحفة الإشراف"، وهو في "السنن الكبرى" للنسائي -كما في "تحفة الإشراف"-، وليس هو في المطبوع منه.
(1)
رواه ابن أبي شيبة (5/ 325)، وأحمد (3/ 303)، وأبو داود (3518) في البيوع: باب في الشفعة، والترمذي (1369) في (الأحكام): باب ما جاء في الشفعة للغائب، و"العلل الكبير" (1/ 570 رقم: 299)، وابن ماجه (2494) في (الشفعة): باب الشفعة بالجوار، والدارمي (2/ 273)، والطيالسي (1677)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 120)، والطبراني في "الأوسط"(6/ 217 رقم 5456 و 9/ 182 - 183 رقم 8394)، والبيهقي (6/ 106)، وابن حزم في "المحلى"(9/ 101) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر.
وقال الترمذي: "حديث حسن غريب، ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد تكلم شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث، وعبد الملك ثقة مأمون عند أهل الحديث. . . وقد روى وكيع عن شعبة عن عبد الملك هذا الحديث. . . والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن الرجل أحق بشفعته".
ونقل البيهقي في "سننه" عن الشافعي قوله: نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظًا، ونقل أيضًا عن يحيى القطان أنه قال: لو روى عبد الملك بن أبي سليمان حديثًا مثل حديث الشفعة لتركت حديثه.
ونقل أيضًا عن أحمد أنه قال: حديث منكر. وكذا في "الميزان"(2/ 656). وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود"(5/ 172): "جعله بعضهم رأيا لعطاء، أدرجه عبد الملك في الحديث".
وقال الترمذي في "العلل الكبير": "سألت محمدًا -أي البخاري- عن هذا الحديث: فقال: لا أعلم أحدا رواه عن عطاء غير عبد الملك من أبي سليمان، وهو حديثه الذي تفرد به، ويُروى عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا"، قال الترمذي:"إنما ترك شعبة عبد الملك لهذا الحديث، لم يجد أحدا رواه غيره وعبد الملك ثقة عند أهل ويروى عن ابن المبارك عن سفيان الثوري أنه قال: "عبد الملك بن أبي سليمان ميزان في العلم".
وقد تكلم صاحب "التنقيح"(3/ 58) -ونقله عنه الزيلعي (4/ 174) - على حديث جابر هذا وبين صحته ورد الطعن عنه.
وكذلك فعل المصنف في "تهذيب السنن"(9/ 425) فانظره جيدًا، واللَّه الموفق.
(2)
في المطبوع: "فلا يُرَدّ".