الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر تحريم الإفتاء في دين اللَّه بغير علم وذكر الإجماع على ذلك
[إثم القول على اللَّه بغير علم]
قد تقدم (1) قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169] وأن ذلك يتناول القول على اللَّه بغير علم في أسمائه وصفاته وشرعه ودينه.
وتقدم حديث أبي هريرة المرفوع: "من أُفتي بفُتْيا غير ثبت (2) فإنما إثمُه على مَنْ أفتاه"(3).
(1) تقدم بحث ابن القيم رحمه الله لمسألة تحريم الفتيا بغير علم في المجلد الأول (ص 73 وما بعدها)، وانظر:"إغاثة اللهفان"(1/ 158)، و"الداء والدواء"(ص 209 - 210)، و"الفوائد"(ص 98 - 99)، و"مدارج السالكين"(1/ 372 - 374)، و"بدائع الفوائد"(3/ 275).
(2)
في (ك): "من أفتى فتيا بغير ثبت".
(3)
رواه أحمد (2/ 321، 365)، وأبو داود (3657) في (العلم): باب التوقي في الفتيا، والحاكم (1/ 102، 103)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(رقم 1625 و 1889 و 1890 و 1891)، والبيهقي في "السنن"(10/ 116)، والطحاوي في "المشكل"(410) من طريق بكر بن عمرو المعافري عن عمرو بن أبي نعيمة عن أبي عثمان الطنبذي رضيع عبد الملك قال سمعت أبا هريرة.
وعند بعضهم زيادة: "ومن قال علي ما لم أقل. . . "، "ومن أشار إلى أخيه بأمر يعلم الرشد في غيره فقد خانه".
وعمرو بن أبي نعيمة: قال الحاكم: كان من الأئمة. وقال مرة: صدوق. وقال أحمد: يُروى له، وقال أبو حاتم: شيخ. وقال ابن يونس: كانت له عبادة وفضل. وقال الدارقطني: مصري مجهول يترك. وقال ابن القطان: مجهول الحال.
وأبو عثمان الطنبذي: فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الدارقطني: يعتبر به. وقال ابن حجر في "التقريب": مقبول!!
وعمرو توبع، تابعة حميد بن هانئ الخولاني: أخرجه ابن ماجه (53) من طريق عبد اللَّه بن يزيد المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب عنه عن أبي عثمان به.
وحميد بن هانئ صدوق لا بأس به.
لكن رواه البخاري في "الأدب"(259)، وأبو داود (3657)، والدارمي في "سننه"(1/ 57)، والحاكم (1/ 126)، والخطيب في "الفقيه"(2/ 155)، والطحاوي في "المشكل"(411)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(334) من طريق عبد اللَّه بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن بكر بن عمرو عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة دون ذكر عمرو بن أبي نعيمة.
وقال الحاكم: وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة.
وروى الزهريُّ، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَدِّه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم قومًا يتمارون في القرآن فقال: "إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتابَ اللَّه بعَضَه ببعض، وإنما نَزَل كتابُ اللَّه يُصدِّقُ بعضُه بعضًا، ولا يكذب بعضه بعضًا، فما علمتم منه فقولوا، وما جهلتم [منه] فكِلوهُ إلى عالمه"(1) فأمر من جهل شيئًا من كتاب اللَّه أن يكله إلى عالمه، ولَا يتكلف القول بما لا يعلمه.
وروى مالك بن مِغْول، عن أبي حَصين (2)، عن مجاهد، عن عائشة أنه لما نزل عُذْرُها قبّل أبو بكر رأسها، قالت: فقلت: ألا عذرتني عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أيُّ سماء تُظِلُّني وأي أرض تُقِلني إذا قلت ما لا أعلم؟ (3).
وروى أيوب أن (4) ابن أبي مُليكة قال: سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن آية، فقال: أيُّ أرض تُقلُّني وأي سماء تظلني؟ وأين أذهب؟ وكيف أصنع إذا أنا قلت في كتاب اللَّه بغير ما أراد اللَّه بها؟ (5).
(1) سبق تخريجه وما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(2)
في (ق) و (ن) و (ك): "أبي حفص".
(3)
رواه البيهقي في "المدخل"(793) من طريق ابن المبارك عن مالك به.
وإسناده صحيح. وأبو حصين هو عثمان بن عاصم الأسدي.
(4)
في المطبوع و (ك): "عن".
(5)
له طرق كثيرة عن أبي بكر بألفاظ متعددة، وهي لا تخلو من كلام أو انقطاع، ولكنه بمجموعها يصل إلى درجة الحسن إن شاء اللَّه تعالى، كما قال الحافظ ابن حجر وغيره، وهذا التفصيل:
أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(ق 135/ ب) و (3/ 300/ رقم 3527 المطبوعة) من طريق عبد اللَّه بن مرة، والطبري في "تفسيره"(1/ 78/ رقم 78، 79) من طريق إبراهيم النخعي، وعبد اللَّه بن مرة، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(833 - 834/ رقم 1561 - ط الزهيري) من طريق إبراهيم النخعي عن أبي معمر عن أبي بكر به.
وإسناده منقطع، أبو معمر هو عبد اللَّه بن سخبرة الأزدي، لم يسمع من أبي بكر، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 317)، وابن حجر في "الفتح"(13/ 271) لعبد بن حميد من طريق النخعي عن أبي بكر من غير ذكر أبي معمر.
قال ابن حجر: "وهذا منقطع بين النخعي والصديق".
قال ابن عبد البر عقبه: "وذكر مثل هذا عن أبي بكر الصديق: ميمون بن مهران، وعامر الشعبي، وابن أبي مليكة".
قلت: أخرجه من طريق ابن أبي مليكة: سعيد بن منصور في "سننه" (1/ 168 / رقم 39 - =
وذكر البيهقي من حديث مسلم البَطِين، عن عَزْرة التميمي (1) قال: قال علي بن أبي طالب (2): وأبَرَدُها على كبدي (ثلاث مرات)، قالوا: يا أمير المؤمنين وما ذاك؟ قال: أن يُسأل الرجل عما لا يعلم فيقول: اللَّه أعلم (3).
= ط سعد حميّد) -ومن طريقه البيهقي في "المدخل"(رقم 792) - بإسنادٍ صحيح إلى ابن أبي مليكة، وهو لم يسمع من أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وأخرجه من طريق الشعبي: ابنُ أبي شيبة في "المصنف"(10/ 512/ رقم 10152)، والخطيب في "الجامع"(2/ 193/ رقم 1585)، وروايته عن أبي بكر مرسلة.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(رقم 824 وص 227 ط غاوجي)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 513/ رقم 10156)، وعبد بن حميد في "تفسيره" ومن طريقه الثعلبي في "تفسيره" -قاله الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"(4/ 158) - بإسناد صحيح إلى العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي به.
والعوام ثقة ثبت، فإسناده صحيح إلا أنه منقطع بين التيمي وأبي بكر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مقدمة أصول التفسير"(ص 108)، و"مجموع الفتاوى"(13/ 372)، والزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"(4/ 158)، وابن كثير في "تفسيره"(1/ 5 و 4/ 473)، وابن حجر في "الفتح"(13/ 271).
وأخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 228/ رقم 2082) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن محمد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه. . . وذكر نحوه.
وإسناده ضعيف، فيه ابن جدعان وهو ضعيف، والقاسم بن محمد روايته عن جده مرسلة، كما قال العلائي في "جامع التحصيل"(ص 310).
والأثر بمجموع هذه الطرق لا ينزل عن مرتبة الحسن؛ فقد ساقه ابن حجر في "الفتح" من طريق التيمي والنخعي، وأعلهما بالانقطاع، وقال:"لكن أحدهما يقوي الآخر".
ووقع في (ك) و (ق): "أو أين أذهب؟ أو كيف أصنع. . . ".
(1)
في (ق): "التيمي".
(2)
في المطبوع بعده زيادة: "كرم اللَّه وجهه في الجنة".
(3)
رواه البيهقي في "المدخل"(794) من هذا الطريق لكن وقع في المطبوع من "المدخل""عروة التميمي" ونسبه المحقق في الحاشية "عروة الفقيمي" وهو صحابي! ومُسلم البطين لم يلق أحدًا في الصحابة فالصواب إنه عَزْرة وقد وجدتُ في كتب الرجال: عزرة بن تميم يروي عن أبي هريرة ويروي عنه قتادة وليس فيه جرح ولا تعديل وما أظنه هذا فينظر أمره. ثم وجدت في "المنفردات والوحدان"(ص 213) لمسلم، قال:"عزرة التميمي، عن علي لم يرو عنه إلا مسلم البطين".
ورواه الدارمي (1/ 63)، من طريق مسلم البطين به.
ورواه الدارمي (1/ 62)، والآجري في "أخلاق العلماء"(53)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(2/ 171) من طرق أخرى.
وذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1569) دون إسناد.