الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأجل الطهارة والنجاسة، كما أنه [لمَّا](1) أمر بالوضوء من لحوم الإبل دون لحوم الغنم عُلم أنه ليس ذلك لكونها مما مَسَّتْه النار، ولما كانت أعطانُ الإبل مأوى للشيطان لم تكن مواضع للصلاة كالحُشُوشِ (2)، بخلاف مَبَاركها في السفر، فإن الصلاة فيها جائزة؛ لأن الشيطان هناك عارض، وطردُ هذا المنعُ من الصلاة في الحمَّام لأنه بيت الشيطان (3)، وفي الوضوء من اللحوم الخبيثة كلحوم السباع إذا أبيحت للضرورة روايتان، والوضوء منها أبلغ من الوضوء من لحوم الإبل، فإذا عُقِل المعنى لم يكن بُدٌّ (4) من تعديته، ما لم يمنع منه مانع، واللَّه أعلم.
فصل [الفطر بالحجامة على وفق القياس]
أما الفِطْر بالحِجَامة (5) فإنما اعتقد من قال: "إنه على خلاف القياس"(6) ذلك بناء على أن القياسَ الفِطْرُ بما دخل لا بما خرج، وليس كما ظنُّوه، بل الفطر بها محض القياس، وهذا إنما يتبين بذكر قاعدة، وهي: أن الشارع الحكيم شرع الصوم على أكمل الوجوه وأقومها بالعَدْل، وأمَرَ فيه بغاية الاعتدال، حتى نَهى عن الوِصَال (7)، وأمر بتعجيل الفِطْر وتأخير السحور (8)، وجعل أعدلَ الصيامِ
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
"أماكن قضاء الحاجة في الخلو"(ط).
(3)
انظر: "إغاثة اللهفان"(1/ 253)، و"زاد المعاد"(2/ 147، 183).
(4)
في (ق): "بعد".
(5)
انظر كلام المؤلف -رحمه اللَّه تعالى- حول الفطر بالحجامة في "زاد المعاد"(1/ 163 و 3/ 82 - 83)، و"تهذيب السنن" (3/ 243 - 258 مهم جدًا) ووقع في (ق):"وأما الفطر بالحجامة".
(6)
هذا قول بعض الحنفية، انظر:"البناية"(3/ 318)، "بدائع الصنائع" (2/ 92) ووقع في (ق):"إنها على خلافه".
(7)
أخرجه البخاري (1964)(كتاب الصوم): باب الوصال، وابن راهويه في "المسند"(4/ ق 77/ ب)، ومن طريق البيهقي (4/ 282)، وأحمد (6/ 242، 258)، والفريابي في "الصيام"(29) من حديث عائشة، وانظر:"الموافقات"(2/ 239 - بتحقيقي) للشاطبي.
(8)
لو قال المصنف: "ندب" بدل "أمر" لكان أصوب.
ويدل عليه، ما أخرجه البخاري (1957) (كتاب الصوم): باب تعجيل الإفطار، ومسلم (1098) (كتاب الصيام): باب فضل السحور، وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر عن سهل بن سعد مرفوعًا:"لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر".
ويدل على استحباب تأخير السحور، ما عند أحمد (5/ 147) عن أبي ذر رفعه: "لا =
وأفضلَه صيامَ داود (1)، فكان من تمام الاعتدال في الصوم أن [لا](2) يُدخل الإنسان ما به قُوامُه كالطعام والشراب ولا يخرج ما به قوامه كالقيء والاستمناء، وفرق بين ما يمكن الاحترازُ منه من ذلك وما لا يمكن، فلم يُفطر بالاحتلام ولا بالقيء الذارع كما لا يفطر بغبار الطَّحين وما يسبق من الماء إلى الجوف عند الوضوء والغسل، وجعل الحيض منافيًا للصوم دون الجنابة، لطول زَمَانِه (3) وكثرةِ خروج الدم وعدم التمكن من التطهير قبل وقته بخلاف الجنابة، وفرقٌ بين دم الحِجَامة ودمِ الجرح فجعل الحجامةَ من جنسِ القيءِ والاستمناءِ والحيضِ وخروجَ الدَّمِ من الجرح والرُّعافِ من جنس الاستحاضةِ والاحتلامِ وذرعِ القيء، فتناسبت الشريعة وتشابهت تأصيلًا وتفصيلًا، وظهر أنها على وفق القياس الصحيح والميزان العادل، وللَّه الحمد (4).
فصل (5)[التيمم جار على وفق القياس]
ومما يُظن أنه على خلاف القياس باب التيمم، قالوا: إنه على خلاف
= تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور"، وإسناده ضعيف، فيه سليمان بن أبي عثمان مجهول، وابن لهيعة.
ويدل عليه ما أخرجه البخاري (1921)(كتاب الصوم): باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر عن زيد بن ثابت قال: تسحّرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، قلت:(القائل أنس بن مالك): كم بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية، وفعله صلى الله عليه وسلم يدل على الاستحباب.
(1)
أخرج البخاري (1131)(كتاب التهجد): باب من نام عند السحر، ومسلم (1159)(كتاب الصيام) باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، عن عبد اللَّه بن عمرو رفعه:"أحب الصلاة إلى اللَّه صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى اللَّه صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يومًا، ويفطر يومًا".
وأخرجه البخاري في مواطن عديدة، انظر:(الأرقام 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277).
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(3)
في (ك) و (ق): "زمنه".
(4)
انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية"(20/ 527 - 528).
(5)
هذا الفصل والذي يليه لم أجدهما في "مجموع الفتاوى"، وإنما وجدتهما في رسالة:"القياس في الشرع الإسلامي"(ص: 27 - 29) لشيخ الإسلام رحمه الله.