الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
106-
جواب ابن عباس:
فقال ابن عباس:
"مهلا يزيد، فوالله ما صفتِ القلوبُ لكم، منذ تكدرتْ بالعدواة عليكم، ولا دنت بالمحبة إليكم، مذ نأتْ بالبغضاء عنكم، ولا رضيت اليوم منكم، ما سخطت بالأمس من أفعالكم، وإن تدل1 الأيام نستقض ما شذ عنا، ونسترجع ما ابتز2 منا، كيلا بكيل، ووزنا بوزن، وإن تكن الأخرى، فكفى بالله وليا لنا، ووكيلا على المعتدين علينا".
1 أداله الله من عدوه: نصره عليه.
2 ما سلب.
مقال آخر لمعاوية
…
107-
مقال معاوية:
فقال معاوية:
"إن في نفسي منكم لحزازات يا بني هاشم، وإني لخليق أن أدرك فيكم الثار، وأنفي العار، فإن دماءنا قبلكم، وظلامتنا فيكم".
108-
جواب ابن عباس:
فقال ابن عباس:
"والله إن رمت ذلك يا معاوية لتثيرن عليك أُسْدًا مخدرة1،وأفاعي مطرقة، لا يفثوها4 كثرة السلاح، ولا تعضها نكاية الجراح، يضعون أسيافهم على عواتقهم.
1 أخدر الأسد: لزم الأجمة، وأخدر العرين الأسد: ستره فهو مخدر "بكسر الدال وفتحها".
2 فثأ الغضب كمنع: سكنه وكسره، والقدر سكن غليانها.
يضربون قُدُمًا قُدُمًا من ناوأهم1، يهون عليهم نباح الكلاب، وعواء الذئاب، لا يفاتون بوترٍ، ولا يسبقون إلى كريم ذكر، قد وطنوا على الموت أنفسهم، وسمت بهم إلى العلياء هممهم، كما قالت الأزدية:
قوم إذا شهدوا الهياج فلا
…
ضرب ينهنههم ولا زجر2
وكأنهم آساد غينة قد
…
غرثت وبل متونها القطر3
فلتكونن منهم بحيث أعددت ليلة الهرير للهرب فرسك، وكان أكبر همك سلامة حشاشة4 نفسك، ولولا طغام5 من أهل الشأم وقوك بأنفسهم، وبذلوا دونك مهجهم، حتى إذا ذاقوا وخز الشفار، وأيقنوا بحلول الدمار، رفعوا المصاحف مستجيرين بها، وعائذين بعصمتها، لكنت شلوا مطروحا بالعراء6، تسفي عليك رياحها7، ويعتورك ذئابها، وما أقول هذا أريد صرفك عن عزيمتك، ولا إزالتك عن معقود نيتك، لكن الرحم التي تعطف عليك، والأواصر8 التي توجب صرف النصيحة إليك".
فقال معاوية: "لله درك يا بن عباس، ما تكشف الأيام منك إلا عن سيف صقيل، ورأى أصيل! وبالله لو لم يلد هاشم غيرك، لما نقص عددهم، ولو لم يكن لأهلك سواك لكان الله قد كثرهم"! ثم نهض، فقام ابن عباس، وانصرف".
"شرح ابن أبي الحديد م2: ص105".
1 القُدُم: الشجاع والمضي أمام أمام، وناوأهم: عاداهم.
2 نهنهه عن الأمر: كفه وزجره.
3 الغينة: بالكسر الأجمة، والغينة بالفتح: الأشجار الملتفة في الجبال وفي السهل بلا ماء، فإذا كانت بماء فهي غيضة، وغرث: كفرح جاع فهو غرثان.
4 الحشاشة: بقية الروح في المريض والجريح.
5 الطغام: أوغاد الناس.
6 العراء: الفضاء لا يستتر فيه بشيء.
7 سفت الريح التراب تسفيه: ذرته، أو حملته.
8 في الأصل: "والأوامر" وهو تحريف.