الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
325-
خطبته يؤيد مبايعة مروان بن الحكم بالخلافة:
ولما اجتمع الرأي على البيعة لمروان بن الحكم، قام روح بن زنباع، فحمد الله وأثنى علي، ثم قال:
"أيها الناس: إنكم تذكرون عبد الله بن عمر بن الخطاب، وصحبته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدمه في الإسلام، وهو كما تذكرون، ولكن ابن عمر رجل ضعيف، وليس بصاحب أمة محمد الضعيف؛ وأما ما يذكر الناس من عبد الله بن الزبير، ويدعون إليه من أمره؛ فهو والله كما يذكرون، إنه لابن الزبير: حواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين، وهو بعد كما تذكرون في قِدَمِه وفضله، ولكن ابن الزبير منافق، قد خلع خليفتين: يزيد وابنه معاوية بن يزيد، وسفك الدماء، وشق عصا المسلمين، وليس صاحب أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم المنافق؛ وأما مروان بن الحكم، فوالله ما كان في الإسلام صَدْعٌ قطُّ، إلا كان مروان ممن يَشْعَبُ1 ذلك الصدع، وهو الذي قاتل عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان يوم الدار2، والذي قاتل عليَّ بن أبي طالب يوم الجمل، وإنا نرى للناس أن يبايعوا الكبير، ويستشبوا3 الصغير -يعني بالكبير مروان بن الحكم، وبالصغير خالد بن يزيد بن معاوية-".
فأجمع رأي الناس على البيعة لمروان. ثم لخالد بن يزيد من بعده، ثم لعمرو بن سعيد بن العاص من بعد خالد.
"تاريخ الطبري 7: 38"
1 يصلح.
2 يوم تسور الثوار عليه داره وقتلوه.
3 ينتظروه حتى يشب.
326-
خطبة الغضبان بن القبعثرى يحضّ على قتل الحجاج:
لما هلك بشر بن مروان، وولي الحجاج العراق، بلغ ذلك أهل العراق، فقام الغضبان بن القبعثرى الشيباني بالمسجد الجامع بالكوفة خطيبًا، حمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
"يا أهل العراق، ويا أهل الكوفة، إن عبد الملك قد ولى عليكم من لا يقبل من محسنكم، ولا يتجاوز عن مسيئكم، الظلوم الغشوم1 الحجاج، ألا وإن لكم من عبد الملك منزلة، بما كان منكم من خذلان مصعب2 وقتله؛ فاعترضوا هذا الخبيث في الطريق فاقتلوه، فإن ذلك لا يعد منكم خلعًا، إنه متى يعلُ على متن منبركم، وصدر سريركم، وقاعة قصركم، ثم قتلتموه عُدَّ خلعًا، فأطيعوني وتغدوا به، قبل أن يتعشى بكم".
فقال له أهل الكوفة: "جبنت يا غضبان، بل ننتظر سيرته، فإن رأينا منكرًا غيرناه" قال: ستعلمون. فلما قدم الحجاج الكوفة بلغته مقالته، فأمر به، فأقام في حبسه ثلاث سنين.
"مروج الذهب 2: 146"
1 الظلوم.
2 وذلك أن مصعب بن الزبير لما كان على العراق حج سنة 71، فقدم على أخيه عبد الله بن الزبير، ومعه وجوه أهل العراق، وسأله أن يعطيهم، فأبى وقبض يده، فلما حرمهم ابن الزبير ما عنده فسدت قلوبهم، فراسلوا عبد الملك بن مروان، حتى خرج إلى مصعب وقاتله، فما هو إلا أن التقوا حتى حولوا وجوههم، وصاروا إلى عبد الملك، وبقي مصعبٌ في شرذمة قليلة، فجاءه عبيد الله بن ظبيان -وكان مع مصعب- فقال: أين الناس أيها الأمير؟ فقال: قد غدرتم يا أهل العراق! فرفع عبيد الله السيف ليضرب مصعبًا؛ فبدره مصعبٌ فضربه بالسيف على البيضة، فنشب السيف في البيضة، فجاء غلام لعبيد الله بن ظبيان فضرب مصعبًا بالسيف فقتله، ثم جاء عبيد الله برأسه إلى عبد الملك بن مروان، فلما نظر إلى رأس مصعب خرَّ ساجدًا. قال عبيد الله بن ظبيان -وكان من فتاك العرب- ما ندمت على شيء قط ندمي على عبد الملك بن مروان، إذ أتيته برأس مصعب فخر ساجدًا، أن لا أكون ضربت عنقه، فأكون قد قتلت ملكي العرب في يوم واحد.
"22 -جمهرة خطب العرب- ثان"