الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"أما بعد: يا أهل الكوفة، فلا أعز الله من أراد بكم العز، ولا نصر من أراد بكم النصر، اخرجوا عنا، ولا تشهدوا معنا قتال عدونا، الحقوا بالحيرة، فانزلوا مع اليهود والنصارى، ولا تقاتلوا معنا إلا من كان لنا عاملًا، ومن لم يكن شهد قتال عتاب بن ورقاء1".
"تاريخ الطبري 7: 248، وشرح ابن أبي الحديد م1: ص420"
1 ولم تنِ همة شبيب عن القتال، وقد هاجم الكوفة ودخلها، ونهض الحجاج لمدافعته، فشتت جموعه فانصرف عن الكوفة، وأتبعه الحجاج جيشًا عليه سفيان بن الأبرد فالتقيا على جسر ديل، وحمي بينهما وطيس القتال حتى جنَّ الليل، فقال شبيب لأصحابه: اعبروا معاشر المسلمين، فإذا أصبحنا باكرناهم، فعبروا أمامه وزل حافر فرسه عن حرف السفينة، فسقط في الماء، وكان هلاكه سنة 77هـ.
446-
خطبة عبد الله بن يحيى الإباضي:
2
لما استولى عبد الله بن يحيى الكندي على بلاد اليمن سنة 129، خطب الناس، فحمد الله جل وعز، وأثنى عليه، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ووعظ وذكر وحذر، ثم قال:
"إنا ندعوكم إلى كتاب الله تعالى، وسنة نبيه، وإجابة من دعا إليها، الإسلام ديننا، ومحمد نبينا، والكعبة قبلتنا، والقرآن إمامنا، رضينا بالحلال حلال، لا نبغي به بديلًا، ولا نشتري به ثمنًا قليلًا، وحرمنا الحرام ونبذناه وراء ظهورنا، ولا حول
1 هو عبد الله بن يحيى الكندي، وكان من حضرموت، وكان مجتهدًا عابدًا من رؤساء الخوارج الإباضية:"والإباضية فرقة من فرق الخوارج الرئيسية تنسب إلى زعيمها عبد الله بن إباض -بكسر الهمزة-" وقد خرج ابن يحيى باليمن في أيام مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية؛ إذ رأى جورًا ظاهرًا وخسفًا شديدًا، وسيرة في الناس قبيحة فقال لأصحابه إنه لا يحل لنا المقام على ما نرى ولا الصبر عليه، وكتب إلى جماعة من الإباضية بالبصرة، وغيرها يشاورهم في الخروج فوافقوه، وشخص إليه أبو حمزة المختار بن عوف الأزدي، وبلخ بن عقبة المسعودي في رجال من الإباضية فحرضوه على الخروج، وكثر جمعه وسموه طالب الحق، وتوجه إلى صنعاء سنة 129 "وكان عامل مروان على صنعاء القاسم بن عمر" فجرت بينه وبين ابن يحيى حروب ومناوشات كانت النصرة فيها لابن يحيى، فدخل صنعاء، وأحرز ما فيها من الخزائن والأموال.
"30 -جمهرة خطب العرب- ثان"
ولا قوة إلا بالله، وإلى الله المشتكى، وعليه المعول، من زنى فهو كافر، ومن سرق فهو كافر، ومن شرب الخمر فهو كافر، ومن شك في أنه كافر فهو كافر، ندعوكم إلى فرائض بينات، وآيات محكمات، وآثار مقتدى بها، ونشهد أن الله صادق فيما وعد، عدل فيما حكم، وندعو إلى توحيد الرب، واليقين بالوعيد والوعد، وأداء الفرائض، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والولاية لأهل ولاية الله، والعداوة لأعداء الله.
أيها الناس: إن من رحمة الله أن جعل في كل فترة بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل عن الهدى، ويصبرون على الألم في جنب الله تعالى، يقتلون على الحق في سالف الدهور شهداء، فما نسيهم ربهم، وما كان ربك نسيًا. أوصيكم بتقوى الله، وحسن القيام على ما وكلكم الله بالقيام به؛ فأبلوا لله بلاء حسنًا في أمره وذكره، أقول قولي هذا، وأسغفر الله لي ولكم".
"الأغاني 20: 98، وشرح ابن أبي الحديد م1: ص455"