الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألا لا سلامة لامرئ في خلاف السنة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الله، ألا وإنكم تعدون الهارب من ظلم إمامه عاصيًا، ألا وإن أولاهما بالمعصية الإمام الظالم، ألا وإني أعالج أمرًا لا يعين عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصُح عليه الأعجميّ، وهاجر عليه الأعرابي، حتى حسبوه دينًا، لا يرون الحق غيره". ثم قال:"إنه لحبيب إليّ أن أوفر أموالكم وأعراضكم إلا بحقها، ولا قوة إلا بالله".
"سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص40، ولابن الجوزي ص204".
خطبة له2
…
188-
خطبة أخرى:
وصعد ذات يوم المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
"أيها الناس، إنما يراد الطبيب للوجع الشديد، ألا فلا وجع أشد من الجهل، ولا داء أخبث من الذنوب، ولاخوف أخوف من الموت". ثم نزل
"سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص207".
خطبة له3
…
189-
خطبة أخرى:
وصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
"أما بعد: فإن هؤلاء القوم قد كانوا أعطونا عطايا1، والله ما كان لهم أن يعطوناها، وما كان لنا أن نقبلها، وإن ذلك قد صار إلي، ليس علي فيه دون الله محاسب، ألا وإني قد رددتها، وبدأت بنفسي وأهل بيتي" اقرأ يا مزاحم -وكان مولاه- وقد جيء قبل ذلك بِسَفَطٍ فيه تلك الكتب، فقرأ مزاحم كتابًا منها، ثم ناوله
1 يريد آباءه وما ورثوه إياه.
عمر، وهو قاعد على المنبر وفي يده جَلَم1، فجعل يَقُصُهُ، واستأنف مزاحم كتابا آخر، فقرأه، ثم دفعه إلى عمر، فقصه، فما زال حتى نودي بصلاة الظهر.
"سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص198"
1 مقص.
190-
خطبة له:
وكان يخطب فيقول:
"أيها الناس: من ألمَّ بذنب فليستغفر الله عز وجل وليتُبْ، فإن عاد فليستغفر وليتب، فإن عاد فليستغفر وليتب، فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال، وإن الهلاك كل الهلاك الإصرار عليها".
"سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص198".
191-
خطبة له:
وخطب الناس بعد أن جمعهم فقال:
"إني لم أجمعكم لأمر أحدثته، ولكني نظرت في أمر معادكم، وما أنتم إليه صائرون، فوجدت المصدق به أحقَّ"1، والمكذب به هالكًا" ثم نزل.
"سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الحكم ص39".
1 أي أحق بثواب الله ونعيم جنته.
192-
خطبة له:
وخطب فقال:
"أيها الناس، لا تستصغروا الذنوب، والتمسوا تمحيص ما سلف منها بالتوبة منها، إن الحسنات يذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين. وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .
"العقد الفريد 2: 279".
193-
خطبة له:
وخطب فقال:
"إن لكل سفر زادًا لا محالة، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة، وكونوا كمن عاين ما أعد الله له من ثوابه وعقابه، فرغبوا ورهبوا، ولا يطولن عليكم الأمد، فتقسوا قلوبكم، وتنقادوا لعدوكم، فإنه والله ما بسط أمل من لا يدري لعله لا يصبح بعد إمسائه، ولا يمسي بعد إصباحه، وربما كانت بين ذلك خطفات المنايا، فكم رأينا ورأيتم من كان بالدنيا مغترًا، فأصبح في حبائل خطوبها ومناياها أسيرًا، وإنما تقرُّ عين1 من وثق بالنجاة من عذاب الله، وإنما يفرح من أمن من أهوال يوم القيامة، فأما من لا يبرأ من كلْم إلا أصابه جارح من ناحية أخرى، فكيف يفرح؟ أعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي، فتَخْسَرَ صفقَتِي، وتَظْهَرَ عورتي، وتَبْدُوَ مسكنتي، في يوم يبدو فيه الغني والفقير، والموازين منصوبة، والجوارح ناطقة، فلقد عُنِيتُم بأمر لو عُنِيَتْ به النجوم لانكدرت، ولو عنيت به الجبال لذابت، أو الأرض لانفطرت، أما تعلمون أنه ليس بين الجنة والنار منزلة، وأنكم صائرون إلى إحداهما؟ ".
"شرح ابن أبي الحديد م1: ص470، والعقد الفريد 2: 143، وسيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص196".
1 قرت عينه: بردت وانقطع بكاؤها، أو رأت ما كانت متشوقة إليه.
194-
خطبة له:
وروي أنه قال:
"من وصل أخاه بنصيحة له في دينه، ونظر له في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته، وأدى واجب حقه، فاتقوا الله فإنها نصيحة لكم في دينكم، فاقبلوها، وموعظة منجية في العواقب، فالزموها، الرزق مقسوم، فلن يعدو1 المؤمن ما قسم له، فأجملوا في الطلب، فإن في القنوع2 سعة، وبُلْغَةً، وكفافًا، إن أجل الدنيا في أعناقكم، وجهنم أمامكم، وما ترون ذاهب، وما مضى فكأن لم يكن وكلٌّ أمواتٌ عن قريب، وقد رأيتم حالات الميت وهو يسوق3، وبعد فراغه وقد ذاق الموت، والقوم حوله يقولون: قد فرغ رحمه الله، وعاينتم تعجيل إخراجه، وقسمة تراثه، ووجهه مفقود، وذكره منسي، وبابه مهجور كأن لم يخالط إخوان الحفاظ4، ولم يعمر الديار، فاتقوا هول يوم لا يُحقر فيه مثقال ذرة في الموازين".
"تاريخ الطبري 8: 140، وسيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي 205".
1 وفي رواية: "فلن يغدر"، أغدره وغادره: تركه.
2 القنوع: الرضا بالقسم "وهو أيضًا السؤال والتذلل".
3 ساق المريض: شرع في نزع الروح.
4 أي المحافظة على وده.
195-
خطبة له:
وقال: "من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح، ومن لم يعد كلامه من عمله كثرت ذنوبه، والرضا قليل، ومعول المؤمن الصبر، وما أنعم الله على عبد نعمة ثم انتزعها منه، فأعاذه مما انتزع منه الصبر، إلا كان ما أعاضه خيرًا مما انتزع منه، ثم قرأ هذه الآية:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَا بٍ} .
"تاريخ الطبري 8: 141،وسيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص213".