الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما حَمَّلك محتملا، يكشف الله تعالى بك العمى1، ويهدي بك العدا، ويزيد ابن أمير المؤمنين أحسن الناس برعيتك رأفة وأحقهم بالخلافة بعدك، قد ساس الأمور وأحكمته الدهور، ليس بالصغير الفهيه2، ولا بالكبير السفيه، قد احتجن3 المكارم وارتجي لحمل العظائم، وأشد الناس في العدو نكاية، وأحسنهم صنعا في الولاية، وأنت أغنى بأمرك، وأحفظ لوصيتك، وأحرز لنفسك، أسأل الله لأمير المؤمنين العافية في غير جهد4، والنعمة في غير تغيير".
1 العمى هنا: ذهاب بصر القلب.
2 الفهيه والفه: العيي، فهه كفرح فهاهة.
3 احتجن المال: ضمه واحتواه.
4 المشقة.
228-
خطبة عمرو بن سعيد الأشدق:
فقال معاوية لعمرو بن سعيد الأشدق: قم يا أبا أمية، فقام، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
"أما بعد: فإن يزيد بن معاوية أمل تأملونه، وأجل تأمنونه، طويل الباع، رحب الذراع، إن استضعفتم إلى حلمه وسعكم، وإن احتجتم إلى رأيه أرشدكم، وإن افتقرتم إلى ذات يده أغناكم، جَذَعٌ1 قارِحٌ2،سوبق فسبق، وموجد فمجد، وقورع ففاز سهمه، فهو خلف أمير المؤمنين، ولا خلف منه". فقال له معاوية: "اجلس أبا أمية. فلقد أوسعت وأحسنت".
قال معاوية: "أوكلكم قد أجمع على هذا رأيه؟ " فقالوا: "كلنا قد أجمع رأيه على ما ذكرنا". قال: "فأين الأحنف؟ " فأجابه، قال:"ألا تتكلم؟ " فقام الأحنف.
1 الجذع: الشاب الحدث.
2 أي شديد مجرب، وهو في الأصل وصف للفرس، قرح الفرس قروحًا: إذا ألقى أقصى أسنانه "وله أربع أسنان يتحول من بعضها إلى بعض، يكون جذعًا -وذلك إذا كان في السنة الثانية- ثم ثَنِيًّا "بفتح فكسر مع تشديد الياء" -في السنة الثالثة- ثم رَبَاعِيًا "بفتح أوله وثانيه وتخفيف الياء"- إذا سقطت رباعيته، ونبت مكانها سن، وذلك إذا استتم الرابعة -ثم قارحًا- إذا سقطت السن التي تلي رباعيته ونبت مكانها نابه، وهو قارحه الذي صار به قارحًا، وليس بعد القروح سقوط سن، ولا نبات سن، وذلك إذا استتم الخامسة ودخل السادسة".