الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
129-
رد قيس بن سعد:
فقال قيس: "نطلب ما قِبَلك بالإسلام الكافي به الله، لا بما نمت به إليك من الأحزاب؛ وأما عداوتنا لك فلو شئت كففتها عنك، وأما هجاؤنا إياك فقول يزول باطله، ويثبت حقه، وأما استقامة الأمر فعلى كره كان منا، وأما فلُّنا حدك يوم صفين فإنا كنا مع رجل نرى طاعته لله طاعة، وأما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا، فمن آمن به رعاها بعده، وأما قولك يأبى الحقير الغدرة، فليس دون الله يد تحجزك منا يا معاوية.
فقال معاوية يموِّه: "ارفعوا حوائجكم".
"مروج الذهب 2: 63، والعقد الفريد 2: 121"
130-
معاوية وصعصعة بن صوحان وعبد الله بن الكواء:
روى المسعودي في مروج الذهب قال:
حبس معاوية صعصعة بن صوحان العبدي، وعبد الله بن الكواء اليشكري ورجالا من أصحاب علي، مع رجال من قريش، فدخل عليهم معاوية يومًا، فقال:"نشدتكم بالله إلا ما قلتم حقًّا وصدقا، أي الخلفاء رأيتموني"؟ فقال ابن الكواء: "لولا أنك عزمت علينا ما قلنا، لأنك جبار عنيد، لا تراقب الله في قتل الأخيار، ولكنا نقول: إنك -ما عَلمْنا- واسع الدنيا ضيق الآخرة1، قريب الثرى بعيد المرعى2، تجعل الظلمات نورًا، والنور ظلمات" فقال معاوية: "إن الله أكرم هذا الأمر
1 أي إنك ذو حظ وافر في الدنيا وليس لك من ثواب الآخرة من نصيب.
2 قريب الثرى: قريب الحلول في الثرى: أي قريب الأجل، وبعيد المرعى: كناية عن أنه بعيد الأمل. والمعنى أنك واسع الآمال بعيد مرعى الأماني، مع يقينك أن الارتحال عن هذه الدار وشيك.
بأهل الشام، الذابين عن بيضته، التاركين لمحارمه، ولم يكونوا كأمثال أهل العراق، المنتهكين لمحارم الله، والمحلي ما حرم الله، والمحرمين ما أحل الله" فقال عبد الله بن الكواء:"يابن أبي سفيان، إن لكل كلام جوابا، ونحن نخاف جبروتك، فإن كنت تطلق ألسنتنا ذببنا عن أهل العراق، بألسنة حداد، لا يأخذها في الله لومة لائم، وإلا فإنا صابرون حتى يحكم الله ويضعنا على فَرَجه" قال: "والله لا يُطلق لك لسان".
ثم تكلم صعصعة فقال: "تكلمت يابن أبي سفيان، فأبلغت، ولم تقصر عما أردت، وليس الأمر على ما ذكرت، أني يكون الخليفة من ملك الناس قهرا، ودانهم1 كبرا، واستولى بأسباب الباطل كذبا ومكرا؟ أما والله مالك في يوم بدر مضرب ولا مرمى2، وما كنت فيه إلا كما قال القائل: "لا حُلِّي ولا سيرى"، ولقد كنت أنت وأبوك في العير والنفير3 ممن أجلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أنت طليق ابن طليق4، أطلقكما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنى تصلح الخلافة لطليق؟ "، فقال معاوية: "لولا أني أرجع إلى قول أبي طالب حيث يقول:
1 دانه: ملكه وأذله واستعبده.
2 أي مالك ضرب ولا رمى.
3 العير: الإبل تحمل الميرة، والمراد بها هنا عير قريش التي كان يقودها أبو سفيان بن حرب -وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحين انصرافها من الشام- فلما دنا أبو سفيان من المدينة، وعرف أن عيون رسول الله صلى الله عليه وسلم ترصده ساحل بعيره "أتى بها الساحل" وترك بدرًا يسارًا، وقد كان بعث إلى قريش حين فصل من الشام يخبرهم بما يخافه من محمد، فأقبلت قريش من مكة، فأرسل إليهم أبو سفيان يخبرهم أنه قد أحرز العير "أي حصَّنها" ويأمرهم بالرجوع، فأبت قريش أن ترجع، ورجعت بنو زهرة وعدلوا إلى الساحل منصرفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان فقال: يا بني زهرة لا في العير ولا في النفير "فذهبت مثلا" قالوا: أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع، ومضت قريش إلى بدر، فقاتلهم النبي، وأظفره الله بهم، والنفير: القوم يستنفرون للحرب وهم هنا مشركو مكة الذين خرجوا يستنقذون العير، وكان رئيسهم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس جد معاوية لأمه.
4 الطلقاء: هم الذي عفا عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء.