الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ما ذكرت من ابنَيْ عمي، وتركك أن تحضرهما، فوالله ما أصبت الحق، ولا يجوز لك ذلك إلا بهما، وإنك لتعلم أنهما معدن العلم والكرم، فقل أو دع، وأستغفر الله لي ولكم".
239-
خطبة عبد الله بن الزبير:
فتكلم عبد الله بن الزبير فقال:
"الحمد لله الذي عرفنا دينه، وأكرمنا برسوله، أحمده على ما أبلى وأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد: فإن هذه الخلافة لقريش خاصة، تتناولها بمآثرها السنِيَّة، وأفعالها المرضية، مع شرف الآباء، وكرم الأبناء، فاتق الله يا معاوية، وأنصف من نفسك، فإن هذا عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله صل الله عليه وسلم، وعليٌّ خلَّف حسنًا وحسينًا، وأنت تعلم من هما، وما هما، فاتق الله يا معاوية، وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك".
240-
خطبة عبد الله بن عمر
"المتوفي سنة 74هـ":
فتكلم عبد الله بن عمر فقال:
الحمد لله الذي أكرمنا بدينه، وشرفنا بنبيه صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد: فإن هذه الخلافة ليست بهرقلية، ولا قيصرية، ولا كسروية، يتوارثها الأبناء عن الآباء، ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي، فوالله ما أدخلني مع الستة من أصحاب الشوى، إلا على أن الخلافة ليست شرطًا مشروطًا، وإنما هي في قريش خاصة، لمن كان لها أهلا، ممن ارتضاه المسلمون لأنفسهم، من كان أتقى وأرضى، فإن كنت تريد الفتيان من قريش فلعمري إن يزيد من فتيانها، واعلم أنه لا يغني عنك من الله شيئًا".
241-
خطبة معاوية:
فتكلم معاوية فقال:
"قد قلت وقلتم، وإنه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء، فابني أحب إلي من أبنائهم، ومع أن ابني إن قاولتموه1 وجد مقالا، وإنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف لأنهم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَلَّى الناس أبا بكر وعمر، من غير مَعْدِن الملك ولا الخلافة، غير أنهما سارا بسيرة جميلة، ثم رجع الملك إلى بني عبد مناف، فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة، وقد أخرجك الله يابن الزبير وأنت يابن عمر منها، فأما ابنا عمي هذان فليسا بخارجين من الرأي إن شاء الله". ثم أمر بالرحلة وأعرض عن ذكر البيعة ليزيد، ولم يقطع عنهم شيئًا من صلاتهم وأعطياتهم2، ثم انصرف راجعًا إلى الشام، وسكت عن البيعة، فلم يعرض لها إلى سنة إحدى وخمسين.
قال ابن قتيبة: ثم لم يلبث معاوية بعد وفاة الحسن رحمه الله "سنة 51" إلا يسيرًا حتى بايع ليزيد بالشام، وكتب ببيعته إلى الآفاق، وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم فكتب إليه بذلك، وأمره أن يجمع من قبله من قريش وغيرهم من أهل المدينة، ثم يبايعوا ليزيد، فلما قرأ كتاب معاوية أبى من ذلك وأبته قريش، وكتب إلى معاوية: إن قومك قد أبو إجابتك إلى بيعتك ابنك، فأرني رأيك، فكتب إليه يأمره أن يعتزل عمله، ويخبره أنه قد وَلَّى المدينة سعيد بن العاص، فخرج مروان مغاضبًا في أهل بيته وأخواله من بني كنانة حتى أتى دمشق، ودخل على معاوية، فسلم عليه بالخلافة، ثم قال:
1 قاول: فاعل من القول، كحادث وخاطب وكالم.
2 أعطيات: جمع أعطية، وهو جمع عطاء.