الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأيام عوج1 رواجع، والأنفس يغدى عليها ويراح، والله يقول:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} . ولسنا ندري ما يختلف به العصران2، وأنت يا أمير المؤمنين ميت، كما مات من كان قبلك من أنبياء الله وخلفائه؛ نسأل الله تعالى بك المتاع، وقد رأينا من دعة يزيد ابن أمير المؤمنين، وحسن مذهبه، وقصد3 سيرته، ويمن نقيبته4، مع ما قسم الله له من المحبة في المسلمين، والشبه بأمير المؤمنين، في عقله وسياسته وشيمته المرضية، ما دعانا إلى الرضا به في أمورنا، والقنوع به في الولاية علينا، فليوله أمير المؤمنين -أكرمه الله- عهده، وليجعله لنا ملجأ ومفزعًا بعده، نأوي إليه إن كان كَوْن5، فإنه ليس أحد أحق بها منه، فاعزم على ذلك، عزم الله لك في رشدك، ووفقك في أمورنا".
1 بمعنى رواجع جمع عائجة اسم فاعل من عاج إذا رجع: أي أن الأيام تعوج على الإنسان تسلبه ما أعطي من الحياة ومتع العيش.
2 العصر: اليوم والليلة والعشي إلى احمرار الشمس والغداة.
3 القصد: استقامة الطريق.
4 النقيبة: النفس، وهي أيضًا العقل، والمشورة، ونفاذ الرأي، والطبيعة.
5 أي إن حدث حدث.
224-
خطبة عبد الرحمن بن عثمان الثقفي:
ثم قام عبد الرحمن بن عثمان الثقفي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"أصلح الله أمير المؤمنين، إنا قد أصبحنا في زمان مختلفة أهواؤه، قد احدودبت علينا سيساؤه1، واقطوطبت2 علينا أدواؤه، وأناخت علينا أنباؤه، ونحن نشير
1 السيساء: منتظم فقار الظهر، وحمله على سيساء الحق أي على حده، والعرب تضربه مثلا لشدة الأمر، قال الشاعر:
لقد حملت قيس بن عيلان حربنا
…
على يابس السيساء محدودب الظهر
يقول: حملناهم على مركب صعب كسيساء الحمار، أي حملناهم على ما لا يثبت على مثله.
2 اقطوطب: افعوعل من قطب، وقطب القوم: اجتمعوا، وقطب بين عينيه: جمع، والمراد: اجتمعت وتراكمت علينا أدواؤه، ولم أجد كلمة "اقطوطب" في كتب اللغة، وإنما الذي فيها "اقطوطى" أي قارب في مشيه إسراعًا.