الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتحت قدمي، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله، فاقبلوا مني بعضه، فإن أتاكم مني خير فاقبلوه، فإن السيل إذا جاد يثرى؛ وإذا قل أغنى، وإياكم والفتنة، فإنها تفسد المعيشة وتكدر النعمة" ثم نزل.
"العقد الفريد 2: 139".
155-
خطبة أخرى له بالمدينة:
وخطب، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:
"أما بعد، أيها الناس، إنا قدمنا عليكم، وإنما قدمنا على صديق مستبشر، أو على عدو مستتر، وناس بين ذلك ينظرون وينتظرون، فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون، ولست واسعًا كل الناس، فإن كانت محمدة، فلا بد من مذمة، فلومًا هونًا إذ ذكر غفر، وإياكم والتي إن أخفيت أوْبَقَتْ، وإن ذكرت أوثقت" ثم نزل.
"العقد الفريد 2: 140".
156-
خطبة له بالمدينة:
وصعد منبر المدينة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"يأهل المدينة، إني لست أحب أن تكونوا خلقًا كخلق العراق، يعيبون الشيء وهم فيه، كل امرئ منهم شيعة نفسه، فاقبلونا بما فينا، فإن ما رواءنا شر لكم، وإن معروف زماننا هذا منكر زمان قد مضى، ومنكر زماننا معروف زمان لم يأت، ولو قد أتى فالرتق خير من الفتق، وفي كلٍّ بلاغ، ولا مقام على الرزية".
"العقد الفريد 2: 140"
157-
خطبته حين ولى المغيرة بن شعبة الكوفة:
ولما ولَّى معاوية المغيرة بن شعبة الكوفة في جمادى سنة 4هـ دعاه، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
"أما بعد: فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا1، وقد قال المتلمس:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
…
وما علم الإنسان إلا ليعلما
وقد يُجزِي2 الحكيم بغير التعليم، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة، فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضيني، ويسعد سلطاني، وتصلح به رعيتي، ولست تاركا إيصاءك بخصلة: لا تَتَحَمَّ3 عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان، والاستغفار له، والعيب على أصحاب علي، والإقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان رضوان الله عليه، والإدناء لهم، والاستماع منهم".
فقال المغيرة: "قد جَرَّبْتُ وجُرِّبْتُ، وعملت قبلك لغيرك، فلم يذمم بي دفع ولا رفع، ولا وضع، فستبلو4 فتحمد، أو تذُمّ" قال: "بل نحمد إن شاء الله".
"تاريخ الطبري 6: 141"
1 من أمثال العرب المشهورة: "إن العصا قرعت لذي الحلم" وهو مثل يضرب لمن إذا نُبِّه انتبه، وأول من قرعت له العصا عامر بن الظرب العدواني؛ وقيل: هو قيس بن خالد، وقيل: ربيعة بن مخاشن، وقيل: عمرو بن حمة الدوسي، وقيل عمرو بن مالك، ذكروا أن عامر بن الظرب كان أحد حكام العرب المشهورين: لا تعدل بفهمه فهما، ولا بحكمه حكما، فلما طعن في السن أنكر من عقله شيئا، فقال لبنيه: إنه قد كبرت سني، وعرض لي سهو، فإذا رأيتموني خرجت من كلامي، وأخذت في غيره، فاقرعوا لي المجن بالعصا، وقال المتلمس يريده:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
…
البيت
2 يجزي مسهل عن يجزئ أي يغني، يقال: أجزأت عنك مجزأ فلان: أي أغنيت عنك مغناه.
3 احتمى وتحمى: امتنع.
4 أي تختبر.