الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشيطان يفتنه؛ وأربع ليس أقل منهن: اليقين، والعدل، ودرهم حلال، وأخ في الله وقال:"لأن أُدعَى من بعيد، أحبُّ إلي من أن أُقصَى من قريب". وكان يقول: "إياك وصدر المجلس، وإن صدرك صاحبه؛ فإنه مجلس قلعة1". وقال: "من لم يصبر على كلمة سمع كلمات". وقال: "رب غيظ تجرعته مخافة ما هو أشد منه". وقال: "من كثر كلامه كثر سقطه ومن طال صمته كثرت سلامته، وقال: "ثلاث لا أناة فيهن عندي". قيل: "وما هن يا أبا بحر؟ ". قال: المبادرة بالعمل الصالح، وإخراج ميتك، وأن تنكح الكفء أيمك2". وكان يقول: "لأفعى تحكك في ناحية بيتي، أحب إلي من أيم رددت عنها كفئًا".
"وفيات الأعيان 1: 231، ومجمع الأمثال للميداني 1: 148؛ والأمالي 1: 236، والبيان والتبيين 2: ص37، 58، 101، 104، 105"
1 مجلس قلعة: يحتاج صاحبه إلى أن يقوم مرة بعد مرة.
2 الأيم: من لا زوج، لها بكرًا أو ثيبًا قال الجاحظ: وكان يقال: "ما بعد الصواب إلا الخطاء؛ وما بعد منعهن من الأكفاء، إلا بذلهن للسفلة والغوغاء".
354-
صفية بنت هشام المنقرية تؤبن الأحنف:
وروي أنه لما حملت جنازة الأحنف، ودلي في قبره، أقبلت ابنة عمه صفية بنت هشام المنقرية على نجيب لها مختصرة1، فوقفت على قبره، فقالت:
"لله درك من مُجَنٍّ في جُنَن2، ومدرجٍ3 في كفن! إنا لله وإنا إليه راجعون!
1 النجيب: الجمل السريع الخفيف في السير القوي؛ واختصر: أمسك المخصرة "والمخصر كمكنسة: عصا يمسكها الخطيب يشير بها إذا خطب"، وتخصَّر بالقضيب أيضًا: أمسكه.
وفي رواية الجاحظ: "وقامت فرغانة بنت أوس بن حجر على قبر الأحنف بن قيس وهي على راحلة فقالت...."؛ وفي رواية أبي علي القالي: "جاءت امراة من قومه من بني منقر عليها قبول من النساء؛ فوقفت على قبره فقالت
…
"، والقبول بالفتح ويضم: الحسن.
2من أجنه: إذا ستره؛ والجنن: جمع جنة كقبة، وهي الوقاية؛ والجنن كسبب: القبر والكفن.
3 مطوى.
نسأل الله الذي فجعنا بموتك، وابتلانا بفقدك، أن يوسع لك في قبرك، وأن يغفر لك يوم حشرك، وأن يجعل سبيل الخير سبيلك، ودليل الرشاد دليلك، ثم أقبلت بوجهها على الناس، فقال:"معشر الناس، إن أولياء الله في بلاده شهود على عباده، وإنا قائلون حقًّا، ومُثْنُونَ صدقًا، وهو أهلٌ لحسن الثناء، وطيب الدعاء؛ أما والذي كنت من أجله في عدة، ومن المضمار1 إلى غاية، ومن الحياة إلى نهاية، الذي رفع عملك، عند انقضاء أجلك، لقد عشت حميدًا مودودًا، ولقد مت فقيدًا سعيدًا، وإن كنت لعظيم السلم، فاضل الحلم، صحيح الأديم2، منيع الحريم، واري الزناد، رفيع العماد، وإن كنت في المحافل لشريفًا، وعلى الأرامل لعطوفًا، وفي العشيرة مسودًا، وإلى الخلفاء موفدًا، ولقد كانوا لقولك مستمعين، ولرأيك متبعين".
ثم انصرفت.
"ذيل الأمالي ص28، وبلاغات النساء ص55، والبيان والتبيين 2: 160"
1 في الأمالي: "ومن الضمان"؛ وفي بلاغات النساء: "ومن الضمار" وأرى أن صوابه "ومن المضمار" لقوله بعد: "إلى غاية".
2 الأديم: الجلد؛ والمراد صحيح العرض.