الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد ماتت أحقادهم، لا يخشى فجعهم، ولا يرجى دفعهم، وكما قال الله تعالى:{فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} ، استبدلوا بظهر الأرض بطنًا، وبالسعة ضيقًا، وبالأهل غربة، وبالنور ظلمة، ففارقوها كما دخلوها، حفاة عراة فرادى؛ غير أن ظعنوا بأعمالهم إلى الحياة الدائمة، وإلى خلود الأبد، يقول الله تعالى:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} فاحذروا ما حذركم الله، وانتفعوا بمواعظه، واعتصموا بحبله، عصمنا الله وإياكم بطاعته ورزقنا وإياكم أداء حقه".
"البيان والتبيين 1: 63. وصبح الأعشى 1: 223. والعقد الفريد 2: 160. وعيون الأخبار م2: ص250. ونهاية الأرب 7: 250. ونهج البلاغة 1: 122. دستور معالم الحكم ص51"
436-
خطبة عبد ربه الصغير:
ولما دبت عقارب الخلاف بين الأزارقة، ولعبت بهم يد الشقاق، خلعوا قطري بن الفجاءة، وولوا عبد ربه الصغير، فانفصل إلى عبد ربه أكثر من1 الشطر، ونشبت الحرب بينه وبين المهلب؛ فأجلت الوقعة عنه قتيلًا، وقد جمع أصحابه في الليلة التي قتل في صبيحتها، فقال:
"يا معشر المهاجرين: إن قطريًا وعبيدة2 هربًا طلب البقاء، ولا سبيل إليه؛ فالقوا عدوكم، فإن غلبوكم على الحياة، فلا يغلبنكم على الموت، فتلقوا الرماح بنحوركم والسيوف بوجوهكم، وهبوا أنفسكم لله في الدنيا، يهبها لكم في الآخرة".
"الكامل للمبرد 2: 231، وشرح ابن أبي الحديد م1: ص405"
1 أما قطري فقد ارتحل ومن معه إلى طبرستان فوجه الحجاج إليه جيشًا عليه سفيان بن الأبرد فقاتلوه، وتفرق عنه أصحابه وقتل سنة 78هـ وبقتله انتهت حروب الأزارقة.
2 هو عبيدة بن هلال اليشكري من كبراء الأزارقة.