الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما برحت هنات1 أبيك تحطب في حبل القطيعة؛ حتى انتكث2 المُبرَم، وانحل عقد الوداد، فيا لها توبةً تُؤتَنَف3 من حوبة أورثت ندمًا، أسمع بها الهاتف، وشاعت للشامت؛ فليهنأ4 الواشم ما به احتقر، وأراك تحمد من أبيك جِدًّا وجسورًا5 هما أوفيا به على شرف التقحم6، وغبط النعمة، فدعهما فقد أذكرتنا منه ما زهدنا فيك من بعده، وبها مشيت الضراء، واشتففت النضار، فاذهب، إليكَ، فأنت نجلُ الدَّغَل7، ونثر النَّغَل8، والأجر شرٌّ".
1 أعماله وسيئاته جمع هنة.
2 انحل وانتفض.
3 تؤتنف: تستأنف، والحوبة: الإثم والذنب.
4 من هنأه الطعام: أي ساغ ولذ، والواشم فاعل من الوشم، وشم يَدَه: إذا غرزها بإبرة ثم ذر عليها النيلج، والمراد به هنا المعادي -والوشيمة: العداوة- أي فهنيئا لأعدائه الذين حقروه ونالوا من عرضه؛ فهو أهل لما قيل فيه: "يرد معاوية بذلك على قول عبيد الله قبل "ولا تندلق عليه ألسنٌ كلمته حيًّا، ونبشته ميتًا".
5 الجسور: الجسارة.
6 تقحمت به دابته: ندت به وربما طوحت به في وهدة أو وقصت به، والقحمة كغرقة: الورطة والمهلكة، والمراد التعرض للهلاك.
7 الدخل والفساد.
8 نغل الأديم نغلًا: فسد في الدباغ، والجرح فسد.
272-
مقال يزيد بن معاوية:
فقال يزيد: "يا أمير المؤمنين إن للشاهد غيرَ حكم الغائب، وقد حضرك زيادٌ، وله مواطنُ معدودة بخير، لا يفسدها التظني1، ولا تغيرها التهم، وأهلوه أهلوك التحقوا بك، وتوسطوا شأنك؛ فسافرت به الركبان، وسمعت به أهل البلدان، حتى اعتقده الجاهل، وشك فيه العالم، فلا تتحجر2 يا أمير المؤمنين ما قد اتسع، وكثرت فيه الشهادات، وأعانك عليه قوم آخرون".
فانحرف معاوية إلى من معه، فقال: هذا وقذ3 نفسه ببيعته، وطعن في إمرته، يعلم ذلك كما أعلمه، يا للرجال من آل أبي سفيان! لقد حكموا وبذهم4 يزيد وحده،
1 التظني: إعمال الظن، وأصله التظنن.
2 أي فلا تضيق. تحجر عليه: ضيق، وتحجر ما وسعه الله: حرمه وضيقه، وفي الحديث:"لقد تحجرت واسعًا" أي ضيقت ما وسعه الله، وفي الأصل: فلا يتحجر" وهو تصحيف.
3 في الأصل "وفد" ولعله وقذ، يقال وقذه: أي غلبه وسكنه.
4 فاقهم.