الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: وفاته
.
توفي رحمه الله يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة (281 هـ)
(1)
-ويقال: في جمادى الأولى
(2)
-، هذا على أولى الأقوال بالصواب، وهناك قول وهّمه الخطيب يجعلها قبل ذلك بسنة
(3)
، وقول مرّضه الصفدي
(4)
يجعلها بعد ذلك بسنة يعني (282 هـ).
وهناك قول آخر يبتعد بها إلى سنة (290 هـ)، فقد ذكر الذهبي
(5)
، والديار بكري
(6)
أن عُمْره حين وفاته كان نيفا وثمانين سنة، وهذا يفيد أنه عاش إلى حدود سنة (290 هـ)، وقد ذكر محقق كتاب مقتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ما يؤيد هذا الاحتمال
(7)
وهو قصة إرسال ابن أبي الدنيا للمكتفي لما تولى الخلافة ببيتين من الشعر يذكره فيهما بحق التأديب وأنه كحق الأبوه الذي يتعنِ مراعاته من أهل الفضل، فبعث إليه
(1)
الفهرست لابن النديم (262)، وقد وَهَّم الخطيب من قال إنه توفي سنة ثمانين، انظر تاريخ بغداد (10/ 89).
(2)
تاريخ بغداد (10/ 89).
(3)
تاريخ بغداد (10/ 89).
(4)
فوات الوفيات (1/ 494)، وانظر الوافي بالوفيات (1/ 2428).
(5)
العبر (1/ 404)، دول الإسلام (1/ 252).
(6)
تاريخ الخميس (1/ 344).
(7)
(11 - 12).
بعشرة آلاف درهم
(1)
، ولذلك قال السيوطي:"هذا يدل على تأخر ابن أبي الدنيا إلى أيام المكتفي"
(2)
، ويجاب عن هذا بما يلى:
الأول: أن القصة مروية من طريق أبي سليمان الخطابي، وسُمِّي فيها شيخه والراوي عنه؛ ولم أقف لهما على ترجمة، إضافة لروايتها بطريق الإجازة وهى مضعّفة عند التعارض.
الثاني: أنه قد ورد أثر بسند حسن رواه ابن المرزبان عن ابن أبي الدنيا فقال: "أنشدني ابن أبي الدنيا، وكتب به إلى المعتضد أمير المؤمنين
(3)
، وكان يؤدب ابن أمير المؤمنين علي المكتفي"
(4)
، فهذه الرواية تفيد أن البيتين مرسلان لوالد المكتفي وهو المعتضد، وأنه لما أرسل له البيتين كان يؤدب ابنه المكتفي، وأما سياق القصة القائل بالإرسال للمكتفي فلم يضبط فيه المرسل إليه فجُعِل المكتفي، ولو صح القول الذي ذكره الصفدي وابن شاكر أنه أرسله إلى كليهما، فإرساله إلى المكتفي في
(1)
المنتخب من السياق (67).
(2)
تاريخ الخلفاء (326).
(3)
هو الخليفة العباسى المعتضد باللَّه أبو العباس أحمد بن الموفق طلحة بن المتوكل بن المعتصم، كان ملكا شجاعا، مهيبا، ظاهر الجبروت، وافر العقل، شديد الوطأة، من أفراد خلفاء بني العباس، جدَّدَ ملك بني العباس بعد أن خَلِقَ، فكان يدعى السفاح الثاني، مات سنة (89 هـ)، تاريخ الخلفاء (320).
(4)
وهذا سند حسن؛ فإن المرزبان وصفه الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 237)، بقوله:"كان إخباريا مصنفا حسن التصنيف"، ونقل الذهبي في الميزان (3/ 537) عن الدارقطني تليينه وقال ابن الجوزي في المنتظم (6/ 165):"وكان صدوقا ثبتا"، وكذا الذهبي في تاريخ الإسلام (1/ 2345)، ذم الثقلاء (13).
عهد ولاية أبيه لا في عهده هو واللَّه أعلم.
الثالث: أنه يستبعد جدا أن يكون قد بقي إلى حدود سنة (290 هـ)؛ لأن القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي الذي حضر وفاته، وتأسف على العلم الذي مات معه
(1)
، لم يعمِّر إلى هذه السنة، بل توفي فجاة سنة (282 هـ)
(2)
.
الرابع: أما ما سبق ذكره عن السيوطي فقد ذكر هو نفسه ما هو بخلافه، حيث جزم في نهاية ترجمة المعتضد
(3)
، بأن ابن أبي الدنيا ممن مات في عهده من الأعلام.
هذا وقد تأثر لوفاته رحمه الله العلماء، وتأسفوا على موته، كما روى الخطيب البغدادي -بسند حسن-
(4)
في تاريخه عن القاضي أبي الحسن قال: بكّرت إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي يوم مات ابن أبي الدنيا، فقلت له: أعزّ اللَّه القاضي مات ابن أبي الدنيا، فقال: رحم اللَّه أبا بكر مات معه علم كثير، يا غلام امض إلى يوسف حتى يصلي عليه، فحضر يوسف بن يعقوب فصلى عليه في الشونيزية
(5)
، ودفن بها"
(6)
.
(1)
كما سيأتي نقله قريبا في قصة وفاته والصلاة عليه.
(2)
تاريخ بغداد (6/ 289).
(3)
تاريخ الخلفاء (320).
(4)
فإن القاضي أبا الحسن وهو أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن هارون بن الصلت، كان صدوقا صالحًا، وفيه كلام لا ينزل الأثر عن درجة الحسن، انظر تاريخ بغداد (5/ 94)، ولسان الميزان (1/ 255).
(5)
هي مقبرة في الجانب الغربى من بغداد، دفن فيها جماعة كثيرة من الصالحين، ولهذا يطلق عليها مقبرة الصالحين، انظر القاموس المحيط (1/ 661)، معجم البلدان (3/ 374).
(6)
تاريخ بغداد (10/ 89).