الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع عشر: الآثار الواردة في الغيرة
.
433 -
حدثني محمد بن ناصح قال: حدثنا بقيّة بن الوليد، عن يزيد ابن عبد اللَّه الجهني قال: حدثني أبو العلاء، عن أنس بن مالك:"أنّه دخل على عائشة رضي الله عنها ورجل معه، فقال لها الرجل: يا أم المؤمنين، حدثينا عن الزلزلة، فقال: إذا استباحوا الزنا، وشربوا الخمر، وضربوا بالمغاني، وغار اللَّه عز وجل في سمائه، فقال للأرض: تزلزلي بهم، فإن تابوا ونزعوا، وإلا هدمها عليهم، قال: قلت: يا أم المؤمنين، أعذاب لهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة وبركة للمؤمنين، ونكال وعذاب وسخط على الكافرين، قال أنس: ما سمعت حديثا بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنا أشد فرحا مني بهذا الحديث"
(1)
.
التحليل والتعليق
تضمن أثر عائشة رضي الله عنها إثبات صفة الغيرة للَّه تعالى، وأنه عز وجل
(1)
إسناده ضعيف، فيه تدليس بقية بن الوليد وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء التقريب (741)، ويزيد الجهني يروي حديث شراء الثوب بعشرة دراهم من جرام، قال عنه ابن حجر في لسان الميزان (6/ 290):"لا يصح خبره"، العقوبات (29) رقم (17)، ونعيم في الفتن (2/ 620)، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (4/ 516) وقال:"حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل أحسبه موضوعا على أنس ونعيم منكر الحديث إلى الغاية مع أن البخاري روى عنه"، وذكره ابن القيم عن المصنف في إغاثة اللهفان (1/ 264)، والجواب الكافي (29).
يغير في سمائه، وأن غيرته بسبب ما يحدثه عباده من الفواحش من استباحة الزنا، وشرب الخمور، وضرب المغاني، وحينئذ ينزل عذابه وعقابه بالزلزلة تذكيرا لعباده ونكالا على أعدائه، وأصلها كراهة القبائح وبغضها
(1)
، قال شيخ الإسلام: "ثبت في الأحاديث الصحيحة
(2)
أن اللَّه يوصف بالغيرة وهي مشتقة من التغير"
(3)
وقال ابن القيم: "المغيرة من صفات الرب جل جلاله"
(4)
وقال: "اللَّه سبحانه وتعالى يغار على قلب عبده، أن يكون معطلا من حبة، وخوفه ورجائه، وأن يكون فيه غيره، فاللَّه سبحانه وتعالى خلقه لنفسه، واختاره من بين خلقه. . . ويغار على لسانه أن يتعطل من ذكره، ويشتغل بذكر غيره، ويغار على جوارحه أن تتعطل من طاعته، وتشتغل بمعصيته. . . وإذا أراد اللَّه بعبده خيرا سلط على قلبه إذا أعرض عنه، واشتغل بحب غيره أنواع العذاب، حتى يرجع قلبه إليه، وإذا اشتغلت جوارحه بغير طاعته ابتلاها بأنواع البلاء، وهذا من غيرته سبحانه وتعالى على عبده. . . ومن غيرته سبحانه وتعالى، غيرته على توحيده، ودينه وكلامه، أن يحظى به من ليس من أهله، بل حال بينهم وبينه غيرة عليه"
(5)
.
(1)
انظر الجواب الكافي (44).
(2)
انظر مثلا صحيح البخاري رقم (997)، ومسلم رقم (1499).
(3)
مجموع الفتاوى (6/ 253).
(4)
روضة المحبين (295).
(5)
روضة المحبين (305).