الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحزن؟ فقال: إلى الكمد. . . "
(1)
.
ولا شك أن فتح باب النقل عن الرهبان وسؤالهم والأخذ عنهم كان من أسباب هلاك كثير من العُبَّاد والصوفية، فليسوا أهلا لأن يأخذ عنهم المسلم أمور الدين، وما كان عندهم من حق ففي ديننا ما يغني عنه، وكذا الأمر بالنسبة للرواية من كتبهم
(2)
، ولعل أحسن ما يعتذر به للمصنف في هذا المقام ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية لما اعترض عليه البكري استدلالة بحديث مضعف فأجابه بقوله:"هذا الخبر لم يذكر للاعتماد عليه، بل ذكر في ضمن غيره، ليتبين أن معناه موافق للمعاني المعلومة بالكتاب والسنة، كما أنه إذا ذكر حكم بدليل معلوم ذكر ما يوافقه من الآثار، والمراسيل، وأقوال العلماء، وغير ذلك؛ لما في ذلك من الاعتضاد والمعاونة، لا لأن الواحد من ذلك يعتمد عليه في حكم شرعي، ولهذا كان العلماء متفقين على جواز الاعتضاد والترجيح بما لا يصلح أن يكون هو العمدة، من الأخبار التى تكلم في بعض رواتها، لسوء حفظ أو نحو ذلك، وبآثار الصحابة والتابعين، بل بأقوال المشايخ، والإسرائيليات، والمنامات، مما يصلح للاعتضاد، فما يصلح للاعتضاد نوع، وما يصلح للاعتماد نوع"
(3)
.
رابعا: الكلام في الأنبياء
.
12 -
فمن ذلك ما ورد من قول مالك بن عوف رضي الله عنه في النبي صلى الله عليه وسلم لما أعطاه كما أعطى المؤلفة في غزوة الطائف،
(1)
الهم والحزن رقم (69).
(2)
انظر كتاب أضواء على التصوف (85 - 100).
(3)
الرد على البكري (1/ 308).
وردَّ عليه أهله وماله، فأثنى عليه بأبيات:
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدي
…
ومتى تشأ يخبرك عما في غد
(1)
13 -
عن سعيد بن جبير قال: "كانت فتنة داود عليه السلام في النظر"
(2)
.
فهذان الأثران تضمنا أمرين عظيمين نسبا إلى نبيّين كريمين من أنبياء اللَّه تعالى، الأولى: دعوى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعلم ما في غد، والثاني: نسبة الخيانة إلى نبي اللَّه داود عليه السلام، فأما دعوى علم ما في الغد لنبينا فقد ثبت أنه لا يعلم ما في غد من وجوه كثيرة لعل من أبرزها إنكاره صلى الله عليه وسلم على من نسب ذلك إليه وردّه بأنه لا يعلم الغيب إلا اللَّه
(3)
، وأما قصة نبي اللَّه داود فقد أنكرها جمع من العلماء، وذكروا براءة نبي اللَّه داود عليه السلام مما يشير إليه هذا الأثر، وأن تفاصيل هذه القصة مأخوذة عن أهل الكتاب، ولهذا قال ابن كثير رحمه الله:"وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف هاهنا قصصا وأخبارا أكثرها إسرائيليات، ومنها ما هو مكذوب لا محالة، تركنا إيرادها في كتابنا قصدا، اكتفاء واقتصارا على مجرد تلاوة القصة من القرآن العظيم، واللَّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم"
(4)
.
(1)
مكارم الأخلاق رقم (409).
(2)
الورع رقم (63).
(3)
انظر فتح الباري (8/ 514)، (9/ 203)، (13/ 363).
(4)
قصص الأنبياء (2/ 272)، وانظر لمناقشة المسألة كتاب عصمة الأنبياء والرد على الشبه الموجهة إليهم للدكتور محمد الحديدي (352 فما بعدها).