الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة بيان أنواع التوسل إلى اللَّه عز وجل وأنه: يكون بطاعته، أو بأسمائه وصفاته، أو بطلب الدعاء من الصالحين الأحياء ورجاء الاستجابة.
فأما التوسل بالطاعات: فقد تنوعت الآثار في الدلالة على هذا النوع فهي إما عامة في اتخاذ الطاعات وسيلة إلى اللَّه كقول الأعرابي، وإما آثار وردت في توسل بعض السلف ببعض أنواع العبادة كالتوسل بحب اللَّه ورسوله، والتوسل ببعض الأذكار كقول لا حول ولا قوة إلا باللَّه.
وأما التوسل بالأسماء والصفات: فقد وردت فيه آثار متنوعة أيضًا، اشتملت على سؤال اللَّه تعالى ببعض أسمائه وصفاته، قضاء بعض الحاجات، سواء الأخروية كطلب الرحمة، أو الدنيوية كالفكاك من الأسر أو جور السلطان، وليست هذه التوسلات من أولئك السلف أمرا عفويا حصل اتفاقا، بل كان هذا منهجا عاما لهم كما في قول حميد بن هلال: قال رجل: "رحم اللَّه رجلا أتى على هذه الآية: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ
= عساكر في تاريخ دمشق (26/ 357)، وانظر عمدة القاري (7/ 32)، وذكر ابن عبد البر أن ألفاظ هذا الأثر لم ترد في سياق واحد انظر الاستيعاب (2/ 814) ثم قال:"هذا واللَّه الوسيلة إلى اللَّه عز وجل والمكان منه"، وانظر التلخيص الحبير (2/ 107).
وَالْإِكْرَامِ (27)}
(1)
، فسأل اللَّه بذاك الوجه الباقي الكريم"، فعلم أن هذا مبني على استدلال وعقيدة في هذه الأسماء والصفات واللَّه أعلم.
وأما التوسل بدعاء بعض الصالحين: ففيه الأثر المشهور في استسقاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعم النبي صلى الله عليه وسلم العباس رضي الله عنه، وهو النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع، بطلب الدعاء ممن يتوسم فيه الصلاح والخير، ورجاء استجابة الدعوة، ولا شك أن الذي يقف على التوسل الذي كان شائعا بين هذه القرون المفضلة لا يجد توسلا بذوات الصالحين، والإقسام على اللَّه بهم، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، وإنما هذا التوسل المعروف عنهم بأقسامه الثلاثة، وقد استقرأ ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال:"التوسل به بمعنى الإقسام على اللَّه بذاته، والسؤال بذاته، فهذا هو الذي لم تكن الصحابة يفعلونه، في الاستسقاء ونحوه، ولا في حياته، ولا بعد مماته، ولا عند قبره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة، أو عن من ليس قوله حجة"
(2)
.
(1)
سورة الرحمن، آية:27.
(2)
مجموع الفتاوى (1/ 202)، وانظر: التوصل إلى حقيقة التوسل (23 - 177)، والتوسل أنواعه وأحكامه (31 - 54).