المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسألة السابعة: الآثار الواردة في حكم قتلهم .   80 - حدثنا علي - الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا - جـ ١

[حميد بن أحمد نعيجات]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة معالي مدير الجامعة الإسلاميَّة

- ‌شكر وتقدير

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌أهمية الموضوع

- ‌منهج البحث

- ‌خطة البحث

- ‌تمهيد: في ترجمة موجزة لابن أبي الدنيا

- ‌الفصل الأول: دراسة جوانبه الشخصية

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه

- ‌المبحث الثاني: مولده ونشأته

- ‌المبحث الثالث: وفاته

- ‌الفصل الثاني: دراسة جوانبه العلمية

- ‌المبحث الأول: طلبه للعلم ورحلاته

- ‌المبحث الثاني: شيوخه وتلاميذه

- ‌أولا: شيوخه

- ‌ثانيا: تلاميذه

- ‌المبحث الثالث: عقيدته ومذهبه في الفروع

- ‌أولا: عقيدته

- ‌أولا: مسألة حياة الخضر

- ‌ثانيا: بعض المسائل في توحيد العبادة

- ‌ثالثا: الرواية عن أهل الكتاب عموما، وسؤال الرهبان ونحوهم خصوصا

- ‌رابعا: الكلام في الأنبياء

- ‌ثانيا: مذهبه في الفروع

- ‌المبحث الرابع: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المبحث الخامس: آثاره العلمية

- ‌الباب الأول: الآثار الواردة في الاتباع والابتداع

- ‌الفصل الأول: الآثار الواردة في الاتباع

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في تعظيم السلف للكتاب والسنة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في ترك ما ليس للعبد فيه سلف

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثالث: الآثار الواردة في النهي عن الكلام في العلماء

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الرابع: الآثار الواردة في الهدي العام للسلف في السلوك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌الفصل الثاني: الآثار الواردة في الابتداع

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في خطورة البدع

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في نهي السلف عن الأهواء وتعوذهم منها

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في تمني الموت قبل وقوع البدع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثالث: الآثار الواردة في سرعة وقوع البدع في الناس

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الرابع: الآثار الواردة في أن البدع سبب هلاك مَن هلك مِن هذه الأمة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الخامس: الآثار الواردة في تألم السلف من ظهور البدع وترك السنن

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في سد الذرائع إلى البدع

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في التحذير من أهل البدع والرأي والقياس الفاسد

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في النهي عن الخصومات في الدين

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثالث: الآثار الواردة في النهي عن الاستماع لأهل البدع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الرابع: الآثار الواردة في منع الحكام أهل البدع من الكلام فيها

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الخامس: الآثار الواردة في عدم الاعتداد بصلاح أهل البدع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب السادس: الآثار الواردة في عدم ذكر محاسن الفاسق المبتدع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب السابع: الآثار الواردة في الحذر من الكلام الذي يكون للمبتدع فيه حجة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثامن: الآثار الواردة في تورع السلف عن أفعالٍ خشية أن تكون بدعة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثالث: الآثار الوادة في أحكام المبتدعة في الدنيا والآخرة

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في أحكام المبتدعة في الدنيا

- ‌المسألة الأولى: الآثار الواردة في حكم غيبتهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثانية: الآثار الواردة في حكم لعنهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثالثة: الآثار الواردة في حكم تزويجهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الرابعة: الآثار الواردة في حكم من خالطهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الخامسة: الآثار الواردة في حكم مجالستهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة السادسة: الآثار الواردة في حكم مغفرة ذنوبهم في شعبان

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة السابعة: الآثار الواردة في حكم قتلهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في أحكام المبتدعة في الآخرة

- ‌المسألة الأولى: الآثار الواردة في تسليط بعض الحيات عليهم بعد موتهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثانية: الآثار الواردة في عذاب أهل البدع في قبورهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثالثة: الآثار الواردة في تحويل وجوههم عن القبلة في قبورهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌الباب الثاني: الآثار الواردة في التوحيد

- ‌الفصل الأول: الآثار الواردة في توحيد الربوبية

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في فضل معرفة اللَّه

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في استلزام التفكر والمعرفة للعبادة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌الفصل الثاني: الآثار الواردة في توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في أنواع العبادة

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في فضل التوحيد

- ‌أولا: الآثار الواردة في أنه سبب تفاضل الأعمال

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في أنه أفضل نعمة على العبد

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في أن اللَّه وصفه بالإحسان

- ‌رابعا: الآثار الواردة في أنه مكفر للذنوب

- ‌خامسا: الآثار الواردة في أنه مطهر من الشرك والذنوب

- ‌سادسا: الآثار الواردة في أنه عُدَّة أصحاب الكبائر

- ‌سابعا: الآثار الواردة في أنه أعظم ما حورب به إبليس

- ‌ثامنا: الآثار الواردة في الجزاء العظيم الذي أُعَدَّ لصاحبه

- ‌تاسعا: الآثار الواردة في أنه جالب لمحبة الناس للعبد، ودافع لبغضهم

- ‌عاشرا: الآثار الواردة في أنه سبب إجابة الدعاء

- ‌حادي عشر: الآثار الواردة في مشروعية تلقين الميت كلمة التوحيد

- ‌ثاني عشر: الآثار الواردة في أنها شعار الناس إذا خرجوا من قبورهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في الإخلاص وصلاح العمل

- ‌أولا: الآثار الواردة في الإخلاص وأهميته

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في صلاح العمل

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثالث: الآثار الواردة في الدعاء

- ‌أولا: الآثار الواردة في أسباب الإجابة

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في إنزال كل الحوائج باللَّه عز وجل وحده

- ‌ثالثًا: الآثار الواردة في الدعاء وكرامات الصالحين

- ‌رابعا: الآثار الواردة في دعاء اللَّه في السراء والضراء

- ‌خامسا: الآثار الواردة في بعض آداب الدعاء

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الرابع: الآثار الواردة في التوكل

- ‌أولا: الآثار الواردة في فضله

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في تعريفه

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في التوكل واتخاذ الأسباب

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الخامس: الآثار الواردة في اليقين

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب السادس: الآثار الواردة في حسن الظن باللَّه

- ‌أولا: الآثار الواردة في فضل حسن الظن باللَّه ومعناه

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في حسن الظن والعمل

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في إحسان الظن باللَّه عند الموت

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب السابع: الآثار الواردة في الرجاء

- ‌أولا: الآثار الواردة في رجاء ثواب الطاعة

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في رجاء مغفرة الذنب

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في رجاء لقاء اللَّه

- ‌رابعا: الآثار الواردة في رجاء دفع الضر وجلب النفع

- ‌خامسا: الآثار الواردة في الرجاء والعمل

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثامن: الآثار الواردة في الخوف

- ‌أولا: الآثار الواردة في تعريفه

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في الخوف والعمل

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في الخوف عند الموت

- ‌رابعا: الآثار الواردة في الخوف وتمني الموت

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب التاسع: الآثار الواردة في الجمع بين الخوف والرجاء

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب العاشر: الآثار الواردة في الشكر

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الحادي عشر: الآثار الواردة في التوسل

- ‌أولا: الآثار الواردة في التوسل بالطاعات

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في التوسل بأسماء اللَّه وصفاته

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في التوسل بدعاء الصالحين

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني عشر: الآثار الواردة في حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثالث عشر: الآثار الواردة في التبرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في نواقض وقوادح التوحيد

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في نواقض التوحيد

- ‌المسألة الأولى: الآثار الواردة في النهي عن الشرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثانية: الآثار الواردة في ذم الشرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثالثة: الآثار الواردة في التحذير من الشرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الرابعة: الآثار الواردة في السحر

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الخامسة: الآثار الواردة في سد ذرائع الشرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في قوادح التوحيد

- ‌المسألة الأولى: الآثار الواردة في الرياء

- ‌أولا: الآثار الواردة في تعريفه

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في خطورته

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في خوف السلف وتحذيرهم منه

- ‌رابعا: الآثار الواردة في الفرق بينه وبين حب الذكر الحسن

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثانية: الآثار الواردة في الحلف بغير اللَّه

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثالثة: الآثار الواردة في قول الرجل: لولا اللَّه وأنت

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الرابعة: الآثار الواردة في التمائم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الخامسة: الآثار الواردة في الطيرة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة السادسة: الآثار الواردة في النهي عن بناء القبور بالآجر

- ‌التحليل والتعليق

- ‌الفصل الثالث: الآثار الواردة في توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في أن أسماء اللَّه حسنى

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في فهم معاني الصفات

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثالث: الآثار الواردة في قطع الطمع عن إدراك الكيفية

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الرابع: الآثار الواردة في العلو والفوقية

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الخامس: الآثار الواردة في المجيء والنزول

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث السادس: الآثار الواردة في اليد

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث السابع: الآثار الواردة في الساق

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثامن: الآثار الواردة في النظر إلى اللَّه ورؤيته

- ‌أولا: الآثار الواردة في تفسير الزيادة بالنظر إلى اللَّه عز وجل

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في أن رؤية اللَّه أعظم نعيم في الجنة

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في زيارة المؤمنين ربهم يوم الجمعة

- ‌رابعا: الآثار الواردة في تجلي اللَّه عز وجل لعباده

- ‌خامسا: الآثار الواردة في بروز اللَّه عز وجل لعباده

- ‌سادسا: الآثار الواردة في الفرق بين نظر المؤمنين لربهم ونضارة وجوههم

- ‌سابعا: الآثار الواردة في كون رؤية اللَّه جزاءا لأعمال معينة

- ‌ثامنا: الآثار الواردة في يقين السلف بهذه العقيدة

- ‌تاسعا: الآثار الواردة في الحجب، واحتجابه تعالى عن الكفار

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث التاسع: الآثار الواردة في المكر

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث العاشر: الآثار الواردة في الاستهزاء

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الحادي عشر: الآثار الواردة في الخداع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني عشر: الآثار الواردة في الغضب والأسف

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثالث عشر: الآثار الواردة في السخط

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الرابع عشر: الآثار الواردة في الغيرة

- ‌التحليل والتعليق

الفصل: ‌ ‌المسألة السابعة: الآثار الواردة في حكم قتلهم .   80 - حدثنا علي

‌المسألة السابعة: الآثار الواردة في حكم قتلهم

.

80 -

حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا قيس بن الربيع قال: أخبرنا أبو حصين، عن قبيصة قال: "أتي عليّ بزنادقة فقتلهم، ثم حفر لهم حفرتين فأحرقهم فيها، فقال قبيصة شعرا:

لِتَرمِ بي الحوادث حيث شاءت

إذا لم ترم بي في الحفرتين

إذا ما حُشَّتَا حطبا ونارا

فذاك الغيّ نقدا غير دين"

(1)

.

‌التحليل والتعليق

تضمن أثر قبيصة جواز قتل أصحاب البدع لبدعتهم، وتعزير المبتدع بالقتل أمر مشهور وسنة متبعة من أئمة الإسلام، فكم إمام عزّر مبتدعا زنديقا وعُدّ ذلك من حسناته، قال شيخ الإسلام عن خالد بن عبد اللَّه القسري وهو قاتل الجعد بن درهم يوم الأضحى:"على رؤوس من حضره من المسلمين، لم يعبه به عائب، ولم يطعن عليه طاعن، بل استحسنوا ذلك من فعلم وصوبوه"

(2)

، "الداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين، وعقوبته تكون تارة بالقتل، وتارة بما دونه، كما

(1)

إسناده ضعيف، فيه قيس بن الربيع وسيأتي (713)، الإشراف (229) رقم (270)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (49/ 248)، وأورد الحافظ في الفتح (6/ 151) عدة طرق للأثر، وأصل قصة تحريق علي رضي الله عنه ثابت في الصحيح، وقد اعتني الحافظ بتخريج طرقها وتوجيهها انظر الفتح الموضع السابق و (12/ 270 - 272).

(2)

درء التعارض (5/ 304).

ص: 217

قتل السلف جهم بن صفوان، والجعد بن درهم، وغيلان القدري وغيرهم"

(1)

.

ومسألة قتل المبتدع فيها تفصيل طويل في كتب الفقه، وذلك أنها من باب التعزير ولهذا ينظر إلى حال البدعة وحال المبتدع، هل هي مكفرة أو مفسقة؟ ، وهل يستتاب صاحبها أم لا، وهل يقتل حدا أم كفرا، قال شيخ الإسلام:"قتل هؤلاء له مأخذان؛ أحدهما: كون ذلك كفرا، كقتل المرتد، أو جحودا أو تغليظا، وهذا المعنى يعم الداعي إليها وغير الداعي، وإذا كفروا فيكون قتلهم من باب قتل المرتد، والمأخذ الثاني: لما في الدعاء إلى البدعة من إفساد دين الناس، ولهذا كان أصل الإمام أحمد وغيره من فقهاء الحديث وعلمائهم، يفرقون بين الداعي إلى البدعة وغير الداعي، في رد الشهادة، وترك الرواية عنه، والصلاة خلفه، في الكتب الستة ومسند أحمد الرواية عن مثل عمرو بن عبيد ونحوه، ولم يترك عن القدرية الذين ليسوا بدعاة، وعلى هذا المأخذ فقتلهم من باب قتل المفسدين المحاربين؛ لأن المحاربة باللسان كالمحاربة باليد وهجره ولهذا ترك"

(2)

.

وقد لخّص الإمام الشاطبي رحمه الله أحكام المبتدعة تلخيصا دقيقا حمع فيه كل أنواع العقوبات التي تنزل بهم، مع بيان حال البدعة والمبتدع المستحق لذلك على وجه الإجمال فقال: "إن القيام عليهم

(1)

الفتاوى الكبرى (2/ 29).

(2)

الفتاوى الكبرى (4/ 602 - 603).

ص: 218

بالتثريب، أو التنكيل، أو الطرد، أو الإبعاد، أو الإنكار، هو بحسب حال البدعة في نفسها: من كونها عظيمة المفسدة في الدين، أم لا، وكون صاحبها مشتهرًا بها أو لا، وداعيًا إليها أو لا، ومستطيرًا بالأتباع وخارجًا عن الناس أو لا، وكونه عاملًا بها على جهة الجهل أو لا.

وكل من هذه الأقسام له حكم اجتهادي يخصه؛ إذ لم يات في الشرع في البدعة حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه، كما جاء في كثير من المعاصي، كالسرقة، والحرابة، والقتل، والقذف، والجراح، والخمر وغير ذلك. لا جرم أن المجتهدين من الأمة نظروا فيها بحسب النوازل، وحكموا باجتهاد الرأي، تفريعًا على ما تقدم لهم في بعضها من النص، كما جاء في الخوارج من الأثر بقتلهم، إما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صبيغ العراقي.

فخرج من مجموع ما تكلم فيه العلماء أنواع.

إحداهما: الإرشاد والتعليم وإقامة الحجة، كمسألة ابن عباس رضي الله عنه حين ذهب إلى الخوارج فكلمهم حتى رجع منهم ألفان أو ثلاثة آلاف.

والثاني: الهجران، وترك لكلام والسلام، حسبما تقدم عن جملة من السلف في هجرانهم لمن تلبس ببدعة، وما جاء عن عمر رضي الله عنه من قصة صبيغ العراقي.

والثالث: كما غرب عمر صبيغًا، ويجري مجراه السجن وهو:

الرابع: كما سجنوا الحلاج قبل قتله سنين عديدة.

ص: 219

والخامس: ذكرهم بما هم عليه، وإشاعة بدعتهم كي يحذروا، ولئلا يغتر بكلامهم، كما جاء عن كثير من السلف في ذلك.

السادس: القتل إذا ناصبوا المسلمين، وخرجوا عليهم، كما قاتل علي رضي الله عنه الخوارج، وغيره من خلفاء السنة.

والسابع: القتل إن لم يرجعوا من الاستتابة، وهو قد أظهر بدعته، وأما من أسرها وكانت كفرًا، أو ما يرجع إليه فالقتل بلا استتابة وهو:

الثامن: لأنه من باب النفاق كالزنادقة.

والتاسع: تكفير من دل الدليل على كفره، كما إذا كانت البدعة صريحة في الكفر كالإباحية، والقائلين بالحلول كالباطنية، أو كانت المسألة في باب التكفير بالمال، فذهب المجتهد إلى تكفيره كابن الطيب في تكفيره جملةً من الفرق، وينبني على ذلك:

والعاشر: وذلك أنه لا يرثهم ورثتهم من المسلمين ولا يرثون أحدًا منهم، ولا يغسلون إذا ماتوا، ولا يصلون عليهم، ولا يدفنون في مقابر المسلمين، ما لم يكن المستتر، فإن المستتر يحكم له بحكم الظاهر، وورثته أعرف بالنسبة إلى الميراث.

والحادي عشر: الأمر بأن لا يناكحوا، وهو من ناحية الهجران، وعدم المواصلة.

والثاني عشر: تجريحهم على الجملة، فلا تقبل شهادتهم ولا روايتهم، ولا يكونون ولاةً ولا قضاةً، ولا ينصبون في مناصب العدالة من إمامة أو

ص: 220

خطابة، إلا أنه قد ثبت عن جملة من السلف رواية جماعة منهم، واختلفوا في الصلاة خلفهم من باب الأدب ليرجعوا عما هم عليه.

والثالث عشر: ترك عيادة مرضاهم، وهو من باب الزجر والعقوبة.

والرابع عشر: ترك شهود جنائزهم كذلك.

والخامس عشر: الضرب كما ضرب عمر رضي الله عنه صبيغًا"

(1)

.

(1)

الاعتصام (90 - 91).

ص: 221