الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: شيوخه وتلاميذه
أولا: شيوخه
.
لقد تتلمذ ابن أبي الدنيا وسمع من شيوخ كثيرين يعدون بالمئات، عدّ منهم المزي -على عادته في تتبع شيوخ المترجم لهم في تهذيب الكمال- أكثر من مائة وعشرين شيخا
(1)
، وقد استفتح الذهبي سرد أسمائهم بقوله:"وهم خلق كثير" ثم سرد (52) شيخا لم يذكرهم المزي
(2)
، وختم ذلك بقوله: ويروي عن خلق كثير لا يعرفون"
(3)
.
وقد ذكروا من مشاهير شيوخه: أبا عبيد القاسم بن سلام (ت: 224 هـ)، وخلف بن هشام القارئ المشهور الذي تنسب رواية خلف في القراءة إليه (ت: 229 هـ)، وابن سعد صاحب الطبقات (ت: 235 هـ)، وعلي بن الجعد صاحب المسند (ت: 235 هـ)، وأبا خيثمة زهير بن حرب (ت: 234 هـ)، ومحمد بن الحسين البرجلاني صاحب التآليف في الزهد والرقائق (ت: 238 هـ)، والإمام أحمد بن حنبل الشيباني (ت: 241 هـ)، وعمرو بن علي الفلاس
(1)
وقد وقع تفاوت في العد بين الدكتور مصلح الحارثي والدكتور نجم خلف؛ فعدهم الدكتور مصلح الحارثي 120 شيخا، وعدهم الدكتور نجم خلف 129 شيخا، مع اعتمادهما على نفس المصدر، وإن كانت الطبعة مختلفة، ولما أجريت العد وجدته (124) شيخا.
(2)
السير (13/ 397).
(3)
السير (13/ 399).
(ت: 249 هـ)
(1)
، والإمام البخاري صاحب الصحيح (ت: 256 هـ)، وقاضي بغداد إسماعيل بن إسحاق المالكي (ت: 282 هـ).
وكثيرا ما يُعْزى عدم الوقوف على ترجمة لبعض شيوخه إلى ما سبق من كونه روى عن أناس لا يُعرفون، وهذا وإن كان له نسبة من الصحة
(2)
، فله كذلك أسباب أخرى توصلت إليها خلال بحثي في تخريج الآثار الواردة في هذه الرسالة، أبرز منها في هذه المقدمة سببين هما:
السبب الأول: وهو أنه رحمه الله ينسب كثيرا من شيوخه إلى نسب غير مشهورة عنهم، وهذا ما حدا بالخطيب البغدادي إلى ذكره في كتابه المختص بهذا الفن من فنون علوم الحديث وهو موضح أوهام الجمع والتفريق، حيث ذكر في حرف الياء يحيى بن أبي طالب، وذكر أن ابن أبي الدنيا سماه: أبا بكر بن جعفر، وأن اسمه الكامل هو أبو بكر يحيى بن أبي طالب واسم أبي طالب: جعفر بن عبد اللَّه بن الزبرقان مولى بني هاشم
(3)
، ولهذا لم يتعرف عليه محقق كتاب المرض والكفارات الباحث عبد الوكيل الندوي فقال:"إسناده: فيه شيخ المؤلف لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"
(4)
،
(1)
انظر الفلاس منهجه وأقواله في الرواة (283).
(2)
حددها الدكتور نجم خلف في تحقيقه لكتاب العيال (1/ 109) بأنها لا تتجاوز 5 %.
(3)
موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 466 - 467)، وتاريخ بغداد (14/ 220).
(4)
انظر المرض والكفارات حكمه على الأثر رقم (45)، وليس هذا أمرا خاصا بشيوخه بل تجده في غيرهم كأبي المنذر الكوفي وهو الكلبي المتروك يروي عنه والد ابن أبي الدنيا ولا يسميه باسمه المعروف.
وذكر أيضًا في الكفاية
(1)
إبراهيم بن سعيد الجوهري وأنه يروي عنه ابن أبي الدنيا فيسميه إبراهيم بن أبي عثمان، وأحيانا أبا إسحاق الجزري.
ولهذا الكلام أمثلة عندي كذلك، منها أنه سمى شيخه الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبا مسلم الحراني، فلم يهتد إليه المحقق الدكتور نجم خلف فعرَّفه بأنه المغيرة بن عبد الرحمن الأسدي
(2)
، وكذلك سمى شيخه عمرو بن علي الفلاس أبا حفص الصيرفي، وشيخه أبو عبد اللَّه المروزي يشتبه فيه أحمد بن نصر الخزاعي المروزي بمحمد بن نصر المروزي، وهذا ما أوقع ارتباكا لدى محققي كتبه تجده مفصلا في تعليقاتي في أثناء هذه الرسالة، ومحمد بن عبد الملك القرشي، سماه في عدة مواطن من كتبه هكذا، وهو معروف بمحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي، والقاضي إسماعيل ابن إسحاق المالكي سماه أبا إسحاق الأزدي.
السبب الثاني: كثرة التصحيف في كتبه المطبوعة، بل لم تسلم المخطوطة أيضًا من هذه الآفة؛ ولذلك يتعب الباحث كثيرا في تحقيق أسماء الرواة في الأسانيد لا سيما في بعض الطبعات السقيمة، وتجد تفاصيل هذا في بحث فضيلة الدكتور عبد اللَّه دمفو فقد تناول كتبه المطبوعة وقارن بين
(1)
حيث ذكر في باب الكلام في التدليس (370) عنوانا في ذكر شيء من أخبار بعض المدلسين أورد فيه ما ذكرته في المتن.
(2)
انظر كتاب الصمت رقم (366)، وانظر تحقيق ذلك فيما سيأتي من هذه الرسالة الأثر رقم (1125).