المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المبحث الثالث: عقيدته ومذهبه في الفروع . ‌ ‌أولا: عقيدته . لم أجد أثناء بحثى - الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة من خلال كتب ابن أبي الدنيا - جـ ١

[حميد بن أحمد نعيجات]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة معالي مدير الجامعة الإسلاميَّة

- ‌شكر وتقدير

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌أهمية الموضوع

- ‌منهج البحث

- ‌خطة البحث

- ‌تمهيد: في ترجمة موجزة لابن أبي الدنيا

- ‌الفصل الأول: دراسة جوانبه الشخصية

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه

- ‌المبحث الثاني: مولده ونشأته

- ‌المبحث الثالث: وفاته

- ‌الفصل الثاني: دراسة جوانبه العلمية

- ‌المبحث الأول: طلبه للعلم ورحلاته

- ‌المبحث الثاني: شيوخه وتلاميذه

- ‌أولا: شيوخه

- ‌ثانيا: تلاميذه

- ‌المبحث الثالث: عقيدته ومذهبه في الفروع

- ‌أولا: عقيدته

- ‌أولا: مسألة حياة الخضر

- ‌ثانيا: بعض المسائل في توحيد العبادة

- ‌ثالثا: الرواية عن أهل الكتاب عموما، وسؤال الرهبان ونحوهم خصوصا

- ‌رابعا: الكلام في الأنبياء

- ‌ثانيا: مذهبه في الفروع

- ‌المبحث الرابع: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المبحث الخامس: آثاره العلمية

- ‌الباب الأول: الآثار الواردة في الاتباع والابتداع

- ‌الفصل الأول: الآثار الواردة في الاتباع

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في تعظيم السلف للكتاب والسنة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في ترك ما ليس للعبد فيه سلف

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثالث: الآثار الواردة في النهي عن الكلام في العلماء

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الرابع: الآثار الواردة في الهدي العام للسلف في السلوك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌الفصل الثاني: الآثار الواردة في الابتداع

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في خطورة البدع

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في نهي السلف عن الأهواء وتعوذهم منها

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في تمني الموت قبل وقوع البدع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثالث: الآثار الواردة في سرعة وقوع البدع في الناس

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الرابع: الآثار الواردة في أن البدع سبب هلاك مَن هلك مِن هذه الأمة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الخامس: الآثار الواردة في تألم السلف من ظهور البدع وترك السنن

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في سد الذرائع إلى البدع

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في التحذير من أهل البدع والرأي والقياس الفاسد

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في النهي عن الخصومات في الدين

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثالث: الآثار الواردة في النهي عن الاستماع لأهل البدع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الرابع: الآثار الواردة في منع الحكام أهل البدع من الكلام فيها

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الخامس: الآثار الواردة في عدم الاعتداد بصلاح أهل البدع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب السادس: الآثار الواردة في عدم ذكر محاسن الفاسق المبتدع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب السابع: الآثار الواردة في الحذر من الكلام الذي يكون للمبتدع فيه حجة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثامن: الآثار الواردة في تورع السلف عن أفعالٍ خشية أن تكون بدعة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثالث: الآثار الوادة في أحكام المبتدعة في الدنيا والآخرة

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في أحكام المبتدعة في الدنيا

- ‌المسألة الأولى: الآثار الواردة في حكم غيبتهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثانية: الآثار الواردة في حكم لعنهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثالثة: الآثار الواردة في حكم تزويجهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الرابعة: الآثار الواردة في حكم من خالطهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الخامسة: الآثار الواردة في حكم مجالستهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة السادسة: الآثار الواردة في حكم مغفرة ذنوبهم في شعبان

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة السابعة: الآثار الواردة في حكم قتلهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في أحكام المبتدعة في الآخرة

- ‌المسألة الأولى: الآثار الواردة في تسليط بعض الحيات عليهم بعد موتهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثانية: الآثار الواردة في عذاب أهل البدع في قبورهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثالثة: الآثار الواردة في تحويل وجوههم عن القبلة في قبورهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌الباب الثاني: الآثار الواردة في التوحيد

- ‌الفصل الأول: الآثار الواردة في توحيد الربوبية

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في فضل معرفة اللَّه

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في استلزام التفكر والمعرفة للعبادة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌الفصل الثاني: الآثار الواردة في توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في أنواع العبادة

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في فضل التوحيد

- ‌أولا: الآثار الواردة في أنه سبب تفاضل الأعمال

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في أنه أفضل نعمة على العبد

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في أن اللَّه وصفه بالإحسان

- ‌رابعا: الآثار الواردة في أنه مكفر للذنوب

- ‌خامسا: الآثار الواردة في أنه مطهر من الشرك والذنوب

- ‌سادسا: الآثار الواردة في أنه عُدَّة أصحاب الكبائر

- ‌سابعا: الآثار الواردة في أنه أعظم ما حورب به إبليس

- ‌ثامنا: الآثار الواردة في الجزاء العظيم الذي أُعَدَّ لصاحبه

- ‌تاسعا: الآثار الواردة في أنه جالب لمحبة الناس للعبد، ودافع لبغضهم

- ‌عاشرا: الآثار الواردة في أنه سبب إجابة الدعاء

- ‌حادي عشر: الآثار الواردة في مشروعية تلقين الميت كلمة التوحيد

- ‌ثاني عشر: الآثار الواردة في أنها شعار الناس إذا خرجوا من قبورهم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في الإخلاص وصلاح العمل

- ‌أولا: الآثار الواردة في الإخلاص وأهميته

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في صلاح العمل

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثالث: الآثار الواردة في الدعاء

- ‌أولا: الآثار الواردة في أسباب الإجابة

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في إنزال كل الحوائج باللَّه عز وجل وحده

- ‌ثالثًا: الآثار الواردة في الدعاء وكرامات الصالحين

- ‌رابعا: الآثار الواردة في دعاء اللَّه في السراء والضراء

- ‌خامسا: الآثار الواردة في بعض آداب الدعاء

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الرابع: الآثار الواردة في التوكل

- ‌أولا: الآثار الواردة في فضله

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في تعريفه

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في التوكل واتخاذ الأسباب

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الخامس: الآثار الواردة في اليقين

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب السادس: الآثار الواردة في حسن الظن باللَّه

- ‌أولا: الآثار الواردة في فضل حسن الظن باللَّه ومعناه

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في حسن الظن والعمل

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في إحسان الظن باللَّه عند الموت

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب السابع: الآثار الواردة في الرجاء

- ‌أولا: الآثار الواردة في رجاء ثواب الطاعة

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في رجاء مغفرة الذنب

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في رجاء لقاء اللَّه

- ‌رابعا: الآثار الواردة في رجاء دفع الضر وجلب النفع

- ‌خامسا: الآثار الواردة في الرجاء والعمل

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثامن: الآثار الواردة في الخوف

- ‌أولا: الآثار الواردة في تعريفه

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في الخوف والعمل

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في الخوف عند الموت

- ‌رابعا: الآثار الواردة في الخوف وتمني الموت

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب التاسع: الآثار الواردة في الجمع بين الخوف والرجاء

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب العاشر: الآثار الواردة في الشكر

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الحادي عشر: الآثار الواردة في التوسل

- ‌أولا: الآثار الواردة في التوسل بالطاعات

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في التوسل بأسماء اللَّه وصفاته

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في التوسل بدعاء الصالحين

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني عشر: الآثار الواردة في حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثالث عشر: الآثار الواردة في التبرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في نواقض وقوادح التوحيد

- ‌المطلب الأول: الآثار الواردة في نواقض التوحيد

- ‌المسألة الأولى: الآثار الواردة في النهي عن الشرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثانية: الآثار الواردة في ذم الشرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثالثة: الآثار الواردة في التحذير من الشرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الرابعة: الآثار الواردة في السحر

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الخامسة: الآثار الواردة في سد ذرائع الشرك

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المطلب الثاني: الآثار الواردة في قوادح التوحيد

- ‌المسألة الأولى: الآثار الواردة في الرياء

- ‌أولا: الآثار الواردة في تعريفه

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في خطورته

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في خوف السلف وتحذيرهم منه

- ‌رابعا: الآثار الواردة في الفرق بينه وبين حب الذكر الحسن

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثانية: الآثار الواردة في الحلف بغير اللَّه

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الثالثة: الآثار الواردة في قول الرجل: لولا اللَّه وأنت

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الرابعة: الآثار الواردة في التمائم

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة الخامسة: الآثار الواردة في الطيرة

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المسألة السادسة: الآثار الواردة في النهي عن بناء القبور بالآجر

- ‌التحليل والتعليق

- ‌الفصل الثالث: الآثار الواردة في توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة في أن أسماء اللَّه حسنى

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني: الآثار الواردة في فهم معاني الصفات

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثالث: الآثار الواردة في قطع الطمع عن إدراك الكيفية

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الرابع: الآثار الواردة في العلو والفوقية

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الخامس: الآثار الواردة في المجيء والنزول

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث السادس: الآثار الواردة في اليد

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث السابع: الآثار الواردة في الساق

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثامن: الآثار الواردة في النظر إلى اللَّه ورؤيته

- ‌أولا: الآثار الواردة في تفسير الزيادة بالنظر إلى اللَّه عز وجل

- ‌ثانيا: الآثار الواردة في أن رؤية اللَّه أعظم نعيم في الجنة

- ‌ثالثا: الآثار الواردة في زيارة المؤمنين ربهم يوم الجمعة

- ‌رابعا: الآثار الواردة في تجلي اللَّه عز وجل لعباده

- ‌خامسا: الآثار الواردة في بروز اللَّه عز وجل لعباده

- ‌سادسا: الآثار الواردة في الفرق بين نظر المؤمنين لربهم ونضارة وجوههم

- ‌سابعا: الآثار الواردة في كون رؤية اللَّه جزاءا لأعمال معينة

- ‌ثامنا: الآثار الواردة في يقين السلف بهذه العقيدة

- ‌تاسعا: الآثار الواردة في الحجب، واحتجابه تعالى عن الكفار

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث التاسع: الآثار الواردة في المكر

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث العاشر: الآثار الواردة في الاستهزاء

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الحادي عشر: الآثار الواردة في الخداع

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثاني عشر: الآثار الواردة في الغضب والأسف

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الثالث عشر: الآثار الواردة في السخط

- ‌التحليل والتعليق

- ‌المبحث الرابع عشر: الآثار الواردة في الغيرة

- ‌التحليل والتعليق

الفصل: ‌ ‌المبحث الثالث: عقيدته ومذهبه في الفروع . ‌ ‌أولا: عقيدته . لم أجد أثناء بحثى

‌المبحث الثالث: عقيدته ومذهبه في الفروع

.

‌أولا: عقيدته

.

لم أجد أثناء بحثى من نص على عقيدة ابن أبي الدنيا رحمه الله، إلا أنه من الواضح جدا أنه كان سلفي المعتقد، على طريقة الصحابة والتابعين، متبعا لهم، معظما لآثارهم، جامعا لأقوالهم، وناصرا لمذهبهم، وهذا يدرك بالنظر أولا إلى شيوخه الذين تتلمذ عليهم، فهم ليسوا فقط على مذهبهم، بل أئمة فيه، أصحاب القدم الراسخة والقدح المعلَّى، ولو لم يكن إلا إمامهم الإمام أحمد الذي يلقب بإمام أهل السنة والجماعة، والبخاري صاحب الصحيح، إضافة إلى العدد الكبير الذي ألفه من الكتب سواء المطبوع والمخطوط منها أو المفقود، أما المطبوع والمخطوط فيوجد فيها مخبآت وأقوال فريدة وفوائد عديدة في عقيدة السلف، وأما المفقود فيلحظ من عناوينها اهتمام هذا الإمام بعقيدة السلف وحرصه على تدوينها ونشرها.

فالإخلاص، وأعلام النبوة، وآخر الزمان، وأخبار معاوية، وحلم معاوية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنزال الحاجة باللَّه، والأنواء، والأهوال، والأولياء، والبعث والنشور، والتقوى، والتوبة، والتوكل، وحسن الظن باللَّه، والخائفين، والدعاء، ودلائل النبوة، وذكر الموت، وذم الرياء، والرضا عن اللَّه، والرقى، وسدرة المنتهى، والسنة، وشجرة طوبى، والشكر، والصبر، وصفة الجنة، وصفة الصراط، وصفة الميزان، وصفة النار، وفضائل علي، وفضائل لا إله إلا اللَّه، والقبور، وكرامات الأولياء،

ص: 52

والمجوس، والمحتضرين، ومقتل عثمان، ومقتل علي، ومقتل الزبير، ومقتل الحسين، ومن عاش بعد الموت، والموقف.

كل هذه الكتب الموجود منها والمفقود تسفر عن توجه عقدي سليم، ونصرة لمذهب السلف وبيان له في مثل هذه القضايا العقدية الخطيرة، فلا تكاد تجد مفردا من مفردات مقرر العقيدة إلا وله تأليف مستقل فيه، وعنوان بارز عليه، وإذا عرفت أن تآليفه رحمه الله كلها نقولات عن السلف وذكر لتقريراتهم وأقوالهم في الباب المفرد، ناهيك عن جمعه لما ورد في كل باب من الآيات والأحاديث المسندة، ظهر ما ذكرته.

أضف إلى ذلك ما نالته كتبه من الثناء العطر من علماء السلف، والاعتماد عليها في مسائل هامة من مسائل الاعتقاد.

قال عنه ابن كثير: "المصنف في كل فن، المشهور بالتصانيف الكثيرة النافعة الشائعة الذائعة في الرقاق وغيرها"

(1)

، وخصَّ رحمه الله كتاب مكائد الشيطان

(2)

بأن فيه فوائد جمة

(3)

، وقال الذهبي:"تصانيفه كثيرة جدا، فيها مخبآت وعجائب"

(4)

، وقال ابن تغري بردي:"الناس بعده عيال عليه في الفنون التي جمعها"

(5)

.

(1)

البداية والنهاية (11/ 71).

(2)

وهو من كتب المصنف التي لم يعثر عليها، وقد جمع مجدي السيد ما وقف عليه من مروياته.

(3)

البداية والنهاية (1/ 64).

(4)

السير (13/ 399).

(5)

النجوم الزاهرة (3/ 86).

ص: 53

بل إن من النصوص العزيزة التي وقفت عليها أثناء البحث أن قوام السنة جعل ابن أبي الدنيا هو العمدة في بعض المسائل العقدية الخطيرة المتعلقة بالصحابة والفتن التي جرت لهم كقتل الحسين ونحوه، وموقف يزيد بن معاوية -وأهل بيت معاوية رضي الله عنه المنكر لفعل ابن زياد وشهادة علي بن الحسين وبنته فاطمة بذلك فقال:"هذا ما نقله الثقات من أهل الحديث، فأما ما رواه أبو مخنف وغيره من الروافض فلا اعتماد بروايتهم، وإنما الاعتماد على نقل ابن أبي الدنيا وغيره ممن نقل هذه القصة على الصحة"

(1)

.

وفي نفس السياق وافقه شيخ الإسلام على هذا التحقيق، بل زاده شرحا وتعليلا فقال:"والمصنفون من أهل الحديث في ذلك كالبغوي وابن أبي الدنيا ونحوهما، كالمصنفين من أهل الحديث في سائر المنقولات، هم بذلك أعلم وأصدق بلا نزاع بين أهل العلم؛ لأنهم يسندون ما ينقلونه عن الثقات، أو يرسلونه عمن يكون مرسله يقارب الصحة، بخلاف الأخباريين"

(2)

، وهذه شهادة وتزكية وأي شهادة وتزكية، من هذين الإمامين الكبيرين في السنة.

وقد اشتهر عن ابن أبي الدنيا رحمه الله أن كتبه وعظية زهدية، يغلب عليها طابع التصوف

(3)

، وربما تراه باديا لدى كثير من طلبة العلم.

(1)

الحجة في بيان المحجة (1/ 526)، وهو توثيق عزيز لم يذكره أحد ممن سبقني إلى دراسة ابن أبي الدنيا.

(2)

مجموع الفتاوى (27/ 479)، وانظر منهاج السنة (4/ 556).

(3)

سمعت هذا من كثير من طلبة العلم أثناء تحضير خطة البحث، بل إني كنت عرضت هذا الموضوع أثناء مرحلة الماجستر على عدة طلاب فكنت أرى علامة الاستغراب =

ص: 54

لكن الذي وجدته أثناء البحث والدراسة لشيوخه، والآثار التي رواها عنهم، أنه على صورة مغايرة تماما -في غالبها- لهذا، فابن أبي الدنيا كان في بغداد في القرن الثالث، وهي الفترة التي برز فيها عدد من أئمة أهل السنة واحتوت على كثير من أعلامها، ومع كل هذا بل ومع حرص ابن أبي الدنيا على التأليف وجمع المادة العلمية التي يثري بها مؤلفاته، لا سيما في مثل هذه المواضيع التي لها صلة بالزهد والرقائق، وتربية النفس، فإننا نجده لا يتوجه إلى هذه الطائفة التي عرفت بتوسعها في هذا المجال، بل على العكس تماما فرغم وجود كثير من المشايخ في بلده بغداد، ومعاصرته لهم، فقد عزف عنهم ولم يرو لهم في كتبه شيئا، وهذا يفيد فائدة علمية مهمة، وهى أن ابن أبي الدنيا ليس مجرد جَمَّاعَة، وإنما هو مؤلف ينتقي مادته العلمية ويقصد إلى بيان منهج السلف في مثل هذه المسائل التي تناولها هؤلاء، فكأن لسان حاله يقول: هذا الزهد الصحيح، وهذا هو المنهج القويم فيه، وعلى هذا كان السلف، حاله في هذا حال من سبقه من مشايخه ومن سبقهم كالإمام أحمد والبرجلاني وابن المبارك وغيرهم، ولهذا تجد كثيرا من مادته العلمية تدور على هؤلاء كما سيتبين أثناء تخريج الآثار في هذه الرسالة، إضافة إلى أن أصحاب الآثار الذين روى أقوالهم هم أئمة السلف الكبار كالحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وأيوب السختياني ونحوهم، فضلا عمن سبقهم من الصحابة.

ويؤكد هذا الكلام أنك لو ألقيت نظرة عابرة على كتاب طبقات الصوفية للسلمي، لا تكاد تجد ذكرا لأصحاب الطبقتين الأولى والثانية،

= والتعجب من كثيرهم، وكانت تعليقاتهم تدور حول جدواه، بل شك كثير منهم في وجود مادة علمية تغطي بحثا أكاديميا متخصصا في العقيدة.

ص: 55

وهم من يمكن روايته عنهم أو عمن فوقهم في كتبه، إلا الفضيل بن عياض رحمه الله، وتلميذه إبراهيم بن أدهم، وصاحبه أبا عبد اللَّه النباجي، ثم الداراني شيئا يسيرا، من طريق أحمد بن أبي الحواري، ومنصور بن عمار، وعبد اللَّه بن خبيق الأنطاكى، ورويم بن أحمد البغدادي (ت: 303 هـ)، فهؤلاء إما أن تجد مروياتهم قليلة جدا بالنسبة لحجم الآثار الواردة في كتبه، أو أن أقوالهم فيها رد صريح على ما اشتهر من مذهب التصوف في تلك العصور، أو لغرض آخر كأن يكون أحدهم أخباريا ونحو ذلك.

ولا تجد ذكرا لبشر الحافي رغم أنه سكن بغداد ومات بها، ولا للسري السقطي وهو إمام البغداديين وشيخهم في وقته وهو متأخر توفي سنة (251 هـ)، ولا الحارث المحاسبي (ت: 243 هـ) وهو أستاذ أكثر البغداديين، وقرينه أحمد بن عاصم الأنطاكي، ولا معروف الكرخي (ت: 200 هـ) وهو بغدادي، ولا الجنيد وهو عراقي مولدا ومنشأً وتأخرت وفاته إلى سنة (297 هـ)، وسمنون بن عمر المحب وهو من كبار مشايخ بغداد مات بعد الجنيد، وكذا أبو الحسين النوري وهو بغدادي المنشأ والمولد، وكان من أجلِّ القوم وعلمائهم، لم يكن في وقته أحسن طريقة منه، ولا ألطف كلاما، وتأخرت وفاته إلى سنة (295 هـ)، وأبو العباس بن مسروق سكن بغداد ومات بها سنة (299 هـ)، وغير هؤلاء كثير يمكن تتبعهم في طبقات الصوفية للسلمي أو غيره من الكتب التي اهتمت بتراجم الصوفية، مع أن هؤلاء كان لهم شأن كبير وسمعة أكبر، وأكثر من ذلك كانوا بلديّيه -ولم أتعرض لذكر غير بلدييه وهم كذلك كُثُر-، ورغم كثرة مشايخه، بل وروايته عمن لا يُعرف كما ذكر عنه فتركه لأمثال من سبق دليل واضح أنه كان صاحب

ص: 56