الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحليل والتعليق
تضمن الأثران السابقان في السلف عن مجالسة أهل البدع، وتحذيرهم من ذلك، حتى إن الإمام مالكا رحمه الله نهي أن يتخذ القدري سترة في الصلاة، وهذا أمر مشهور عن السلف، كما قال ابن القيم رحمه الله في بيان موقف السلف من البدع التي ظهرت في زمانهم:"فصاح بهم من أدركهم من الصحابة، وكبار التابعين من كل قطر، ورموهم بالعظائم، وتبرأوا منهم، وحذروا من سبيلهم أشد التحذير، ولا يرون السلام عليهم ولا مجالستهم، وكلامهم فيهم معروف في كتب السنة وهو أكثر من أن يذكر هاهنا"
(1)
.
ونقل ابن العربي عن ابن خويز منداد المالكي: "من خاض في آيات اللَّه تركت مجالسته، وهجر مؤمنا كان أم كافرا، قال: وكذلك منع أصحابنا. . . مجالسة الكفار وأهل البدع، وألا تعتقد مودتهم ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم"، وقد ذكر البربهاري رحمه الله بعض ما يصيب المسلم من مجالسة المبتدع فقال:"أدنى ما كان يصيب الرجل من مجالستهم: أن يشك في دينه، أو يتابعهم، أو يرى رأيهم على الحق، ولا يدري أنهم على حق أو على باطل، فصار شاكا فهلك"
(2)
.
كما أن من مقاصد النهي عن مجالستهم ولو كان العبد قادرا على
(1)
الصواعق المرسلة (3/ 1070).
(2)
شرح السنة (44).
مناقشتهم ورد باطلهم، محاصرة بدعتهم وعدم نشرها، قال شيخ الإسلام:"يوجد في كلام كثير منهم -أي السلف- من النهي عن مجالسة أهل البدع، ومناظرتهم ومخاطبتهم، والأمر بهجرانهم، وهذا لأن ذلك قد يكون أنفع للمسلمين من مخاطبتهم؛ فإن الحق إذا كان ظاهرا قد عرفه المسلمون، وأراد بعض المبتدعة أن يدعو إلى بدعته، فإنه يجب منعه من ذلك فإذا هُجر وعُزِّر. . . أو قُتِل، كان ذلك هو المصلحة"
(1)
.
(1)
درء التعارض (7/ 172 - 173) بتصرف.