الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُورًا}
(1)
، وهي خدعة اللَّه التي خدع بها المنافقين، قال اللَّه:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}
(2)
، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئًا، فينصرفون إليهم، وقد {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ}
(3)
(4)
، يقول سليم: فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم الفور، ويميّز اللَّه بين المؤمن والمنافق"
(5)
.
التحليل والتعليق
تضمن أثر أبي أمامة إثبات صفة الخداع للَّه عز وجل، وتفسيرها بالنور
(1)
سورة الحديد، من الآية (13).
(2)
سورة النساء، من الآية (142).
(3)
سورة الحديد، من الآية (14).
(4)
سورة الحديد، الآيتان (14 - 15).
(5)
إسناده صحيح، الأهوال (127 - 128) رقم (99)، وابن المبارك في الزهد (108) رقم (368)، وابن أبي حاتم كما نقله ابن كثير في التفسير (4/ 309)، والحاكم في المستدرك (2/ 400) وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 241 - 243)، ونسبه السيوطي في الدر (8/ 53) إلى جميعهم ما عدا المصنف.
الذي يعطاه المؤمن يوم القيامة وطمع المنافق فيه، فيضرب بينهما بباب فينقطع النور عن المنافق ويبقى في الظلمة، جزاء وفاقا، قال ابن القيم:"في هذا المثل إيذانا وتنبيها على حالهم في الآخرة، وأنهم يعطون نارا ظاهرا، كما كان نورهم في الدنيا ظاهرا، ثم يطفأ ذلك النور أحوج ما يكونون إليه؛ إذ لم تكن له مادة باقية تحمله، ويبقون في الظلمة على الجسر، لا يستطيعون العبور؛ فإنه لا يمكن أحدا عبوره إلا بنور ثابت، يصحبه حتى يقطع الجسر، فإن لم يكن لذلك النور مادة من العلم النافع والعمل الصالح، وإلا ذهب اللَّه تعالى به أحوج ما كان إليه صاحبه، فطابق مثلهم في الدنيا بحالتهم التي هم عليها في هذه الدار، وبحالتهم يوم القيامة عندما يقسم"
(1)
.
وليس في إثبات هذه الصفة والتي قبلها على الوجه اللائق باللَّه أي محذور كما يتوهمه المعطلة، بسبب غلبة استعمالهما في المعاني المذمومة قال ابن القيم: "لما كان غالب استعمال هذه الألفاظ في المعاني المذمومة ظن المعطلون أن ذلك هو حقيقتها، فإذا أطلقت لغير الذم كان مجازا، والحق خلاف هذا الظن، وأنها منقسمة إلى محمود ومذموم، فما كان منها متضمنا للكذب والظلم فهو مذموم، وما كان منها بحق وعدل ومجازاة على القبيح فهو حسن محمود، فإن المخادع إذا خادع بباطل وظلم، حسن من المجازي له أن يخدعه بحق وعدل، وكذلك إذا مكر واستهزأ
(1)
اجتماع الجيوش الإسلامية (33).
ظالما متعديا كان المكر به والاستهزاء عدلا حسنا. . . والمكر والكيد والخداع لا يذم من جهة العلم ولا من جهة القدرة؛ فإن العلم والقدرة من صفات الكمال، وإنما يذم من جهة سوء القصد وفساد الإرادة، وهو أن الماكر المخادع يجور ويظلم بفعل ما ليس له فعله أو ترك ما يجب عليه فعله.
إذا عرف ذلك فنقول: إن اللَّه تعالى لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع والاستهزاء مطلقا، ولا ذلك داخل في أسمائه الحسن. . . فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقا بل تمدح في موضع وتذم في موضع، فلا يجوز إطلاق أفعالها على اللَّه مطلقا، فلا يقال: إنه تعالى يمكر ويخادع ويستهزئ ويكيد. . .
والمقصود أن اللَّه لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق"
(1)
.
(1)
مختصر الصواعق المرسلة (249 - 250)، وانظر مجموع الفتاوى (7/ 111 - 112)(20/ 469 - 471)، شرح العقيدة الواسطية للشيخ الفوزان (65 - 66).