الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الحادي عشر: الآثار الواردة في التوسل
.
أولا: الآثار الواردة في التوسل بالطاعات
.
336 -
زعم محمد بن الحسين، حدثني سعيد بن مسلم الحنفي، حدثني أبي مسلم بن سعيد
(1)
قال: "كنا جلوسا في مجلس من مجالس بني حنيفة، فمرّ بنا أعرابي كهيئة المهموم، فسلّم وانطلق، ثم أقبل علينا فقال: معشر العرب، قد سئمت لتكرار الليالي والأيام ودورها عليّ، فهل من شيء يدفع عني سآمة ذلك أو يسلّي عني بعض ما أجد من ذلك؟ ثم ولّى غير بعيد، ثم أقبل علينا فقال: واهًا لقلوب نقيّة من الآثام، واهًا لجوارح مسارعة إلى طاعة الرحمن، أولئك الذين لم يملّوا الدنيا لتوسّلهم منها بالطاعة إلى ربهم، ولما يكرهوا الموت إذا نزل بهم لما يرجون من البركة في لقاء سيدهم، وكلا الحالتين لهم حال حسنة: إن قدموا على الآخرة قدموا على ما قدَّموا من القربة، فإن تطاولت بهم المدَّة قدَّموا الزاد ليوم الرجعة، قال: فما سمعت موعظة أشدّ استكنانا في القلوب منها، فما ذكرتها إلا هانت عليّ الدنيا وما فيها"
(2)
.
(1)
هو مسلم بن سعيد العبدي أبو سعيد سمع من ابن مسعود، انظر التخريج الآتي.
(2)
فيه سعيد بن مسلم لم أقف له على ترجمة؛ أما أبوه مسلم بن سعيد فذكره ابن حبان في الثقات (5/ 394)، وانظر تعجيل المنفعة (402)، الليالي والأيام (41) رقم (66)، الرقة والبكاء لابن قدامة (391).
337 -
حدثني غير محمد بن المغيرة
(1)
: "أن عمر بن عبد العزيز قال له -أي لسليمان بن عبد الملك-: يا أمير المؤمنين بل الصبر؛ -وهذا جوابا عن قوله لما مات ابنه-:
فإن صبرتُ فلم ألفظك من شبع
…
وإن جزعتُ فعِلْقٌ
(2)
منفس ذهبا
فإنه أقرب إلى اللَّه وسيلةً، وليس الجزع بمحيي من مات، ولا برادّ ما فات، فقال سليمان: صدقت، وباللَّه العصمة والتوفيق"
(3)
.
338 -
حدثني محمد بن المثني النخعي قال: حدثنا عبد السلام بن حرب
(4)
: "أن خصيفا قال عند الموت: لِيَمُرَّ ملك الموت إذا أتانا، اللهم على ما فيَّ إنك لتعلم أني أحبّك وأحبّ رسولك"
(5)
.
339 -
حدثني القاسم بن هاشم، حدثنا أبو اليمان، حدثنا صفوان
(1)
هو الشيخ الذي روى الأثر بلفظ آخر قبل هذا، قال المحقق: لم أعرفه.
(2)
العِلْقُ: النفيس من كل شيء وجمعه أعْلاقُ، مختار الصحاح (467).
(3)
إسناده لين؛ لإبهام شيخ المصنف، الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان (42) رقم (18)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 108) (57/ 311) وقال:"وهذه القصة محفوظة لسليمان بن عبد الملك لما مات ابنه أيوب"، وذكره ابن خلكان في وفيات الأعيان (2/ 303).
(4)
هو عبد السلام بن حرب بن سلم النهدي المُلَائي، أبو بكر الكوفي، أصله بصري، ثقة حافظ له مناكير، مات سنة (187 هـ)، وله ست وتسعون سنة، التقريب (4067).
(5)
إسناده صحيح، عبد السلام بن حرب ثقة حافظ له مناكير، التقريب (4095)، المحتضرين (129) رقم (163)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 394).
ابن عمرو، عن أبي خير إسحاق العراوي قال: "زحف إلينا إزدمهر
(1)
عند مدينة الكيرج
(2)
في ثمانين فيلا، فكادت تنقض الخيول والصفوف، فكرب لذلك محمد بن القاسم
(3)
، فنادى عمر: إن النعمان أمير حمص وأم الأجناد، فنهضوا بما استطاعوا، فلما أعيته الأمور نادى مرارا: لا حول ولا قوة إلا باللَّه، فكفّ اللَّه الفيلة بذلك، سلّط اللَّه عليها الحرّ، فأنضجها ففزعت إلى الماء، فما استطاع سوّاسها ولا أصحابها حبسها، وحملت الجند عند ذلك، فكان الفتح بإذن اللَّه"
(4)
.
340 -
حدثني القاسم بن هاشم، ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان بن عمرو، عن الأشياخ: "أن حبيب بن مسلمة كان يستحب إذا لقى عدوا
(1)
كذا في المخطوط والمطبوع، وأغلب ظني أنها مصحفة، فإنني لم أجد لها ذكرا في الكتب، والظاهر أن المراد به داهر ملك السند الذي قاتل المسلمين في هذه الحادثة فقتلوه وفتحوا بلاده، والغريب أن المحقق ابن عالية ذكر أن معنى الكلمة أنه قائد الفرس، ولم يذكر توثيقا لكلامه، ولم تظهر مناسبة ذلك في هذه القصة واللَّه أعلم.
(2)
وردت في طبعة ابن عالية "الكرخ" وفسرها بأنها بلدة بالبصرة، ولا مناسبة لها هنا، وإنما الصحيح أنها الكيرج كما في المخطوط (ق/ 86/ ب)، وهي من مدن السند إلى فتحها محمد بن القاسم، تاريخ خليفة بن خياط (82)، وانظر تاريخ الطبري (4/ 26)، تاريخ الإسلام (1/ 729)، تاريخ ابن خلدون (3/ 83).
(3)
هو محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي، ابن عم الحجاج، كان عاملا له على السند وفتحها، معجم الشعراء (343)، تاريخ ابن خلدون (3/ 76).
(4)
فيه من لم أقف على ترجمته، وانظر كلام السواس على الإسناد واحتمال السقط فيه، الفرج بعد الشدة (59) رقم (17).