الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرات، فأخبره فركب أبو جعفر في الليل حتى رآه، فأمر به فدفن بالليل لأن لا يفتتن الناس"
(1)
.
التحليل والتعليق
تضمن الأثران السابقان مشروعية سد الذرائع إلى الشرك، وقطع كل الوسائل الموصلة إليه، وحرص حكام المسلمين في ذلك العصر على ما يعكر عقائد الناس، أو يشوش على فطرتهم، فكلا الأميرين رحمهما اللَّه قطعا مادة الشرك التي قد يفتن بها الناس وأزالاها، ولهما في ذلك أسوة بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي حمي:"جانب التوحيد أعظم حماية، حتى نهى عن صلاة التطوع للَّه سبحانه عند طلوع الشمس وعند غروبها، لئلا يكون ذريعة إلى التشبه بعُبَّاد الشمس، الذين يسجدون لها في هاتين الحالتين، وسد الذريعة بأن منع الصلاة بعد العصر والصبح لاتصال هذين الوقتين بالوقتين اللذين يسجد المشركون فيهما للشمس"
(2)
، وعلى ذلك سار الصحابة من بعده رضوان اللَّه عليهم قال شيخ الإسلام: "ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان في سفر فرأى قوما ينتابون مكانا للصلاة
(1)
إسناده حسن، شيخ المصنف صدوق كما في الجرح والتعديل (7/ 245)، وإسحاق ابن أبي نباتة هو إسحاق بن شرقي وقد نبه الحافظ إلى الاختلاف في ضبط أبيه وكذلك في تسميته مما يصعب الوقوف على ترجمته، وهو ثقة كما في لسان الميزان (1/ 364)، الأولياء (29) رقم (66).
(2)
الجواب الكافي (93).
فقال: ما هذا؟ ! فقالوا: هذا مكان صلى فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنما هلك من كان قبلكم بهذا، أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم مساجد؛ من أدركته الصلاة فليصل، وإلا فليمض، وبلغه أن قوما يذهبون إلى الشجرة التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه تحتها، فأمر بقطعها، وأرسل إليه أبو موسى يذكر له أنه ظهر بتستر قبر دانيال، وعنده مصحف فيه أخبار ما سيكون، قد ذكر فيه أخبار المسلمين، وأنهم إذا أجدبوا كشفوا عن القبر فمطروا، فأرسل إليه عمر يأمره أن يحفر بالنهار ثلاثة عشر قبرا، ويدفنه بالليل، في واحد منها، لئلا يعرفه الناس، لئلا يفتنوا به"
(1)
، وقال ابن القيم:"فإذا كان هذا فعل عمر رضي الله عنه بالشجرة التي ذكرها اللَّه تعالى في القرآن، وبايع تحتها الصحابة رسول اللَّه، فماذا حكمه فيما عداها من هذه الأنصاب والأوثان التي قد عظمت الفتنة بها واشتدت البلية بها"
(2)
، "فهذا وأمثاله مما كانوا يحققون به التوحيد الذي أرسل اللَّه به الرسول إليهم ويتبعون في ذلك سنته صلى الله عليه وسلم"
(3)
، ولذلك عقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بابا في كتاب التوحيد بعنوان:"ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسد ذرائعه" قال شارحه عبد الرحمن بن حسن: "اعلم أن في الأبواب المتقدمة شيئا من حمايته صلى الله عليه وسلم لجناب التوحيد، ولكن أراد المصنف هنا بيان حمايته الخاصة، ولقد
(1)
مجموع الفتاوى (17/ 463).
(2)
إغاثة اللهفان (1/ 209).
(3)
منهاج السنة (1/ 480).
بالغ صلى الله عليه وسلم، وحذَّر وأنذر، وأبدأ وأعاد، وخصّ وعم في حماية الحنيفية السمحة التي بعثه اللَّه بها، فهي حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، كما قال بعض العلماء: هي أشد الشرائع في التوحيد والإبعاد عن الشرك، وأسمح الشرائع في العمل"
(1)
.
(1)
تيسير العزيز الحميد (347 - 348)، وانظر تجريد التوحيد للمقريزي (54).