الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
358 -
حدثنا يوسف بن موسى، نا أبو أسامة، عن النضر بن عربي، عن عكرمة {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ}
(1)
قال: الغيث يسقي هذه، وتُمنع هذه، {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50)} يقولون: مطرنا بالأنواء
(2)
"
(3)
.
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار التحذير من الشرك، وكيفية ذلك، مع ذكر بعض أنواع
= (1545)، كما ذكره البخاري في التاريخ الكبير (4/ 217) رقم (2556) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
كتاب الصمت وآداب اللسان (197) رقم (357)، وعزاه الزبيدي في الإتحاف (7/ 575) للمصنف، كما عزاه للمصنف شارح كتاب التوحيد وظاهر صنيعه أنه لا يوجد عند غيره.
(1)
سورة الفرقان، آية (50).
(2)
النوء هو سُقوط نجم من المنازل في المَغْرِب مع الفجر، وطُلُوع رقيبه من المَشْرِق، يُقابِلُه من ساعته في كل ثلاثة عشر يوما، ما خلا الجَبهة فإن لها أربعة عشر يوما، وكانت العرب تُضيف الأمطار والرياح والحَرَّ والبرد إلى الساقط منها، وقيل إلى الطالع منها؛ لأنه في سُلطانِه، مختار الصحاح (688).
(3)
إسناده حسن، النضر بن عربي لا بأس به، التقريب (7195)، أما ما يخشى من تدليس حماد فلا يؤثر لأن عكرمة أحد رواة الحديث المرفوع في الأنواء، كتاب المطر (100 - 101) رقم (74)، وابن أبي حاتم في تفسيره (8/ 2707)، وذكره السيوطي في الدر (5/ 135) ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وانظر تفسير ابن كثير (3/ 322) فقد أيد قول عكرمة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام للشافعي نقله البيهقي في الكبرى (3/ 358).
الشرك التي قد تخفى على كثير من الناس، فيأتونها وهم لا يشعرون، وقد وقع التحذير من الشرك من جية خطورته والجزاء المترتب عليه حيث إن صاحبه يُتْرَك وشِرْكَه، ومن جهة خفائه وكثرة وقوعه كمن يشرك في كلبه وبسبب الأنواء، فينسب السلامة وحصول الخير لهما، ولهذا قال المقريزي:"وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر الذي لا ساحل له، وقلّ من ينجو منه"
(1)
، وقد عقد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بابا في الخوف من الشرك قال شارحه الشيخ عبد الرحمن:"نبه المصنف بهذه الترجمة على أنه ينبغي للمؤمن من أن يخاف منه ويحذره، ويعرف أسبابه ومبادئه وأنواعه لئلا يقع فيه. . . "، فإخلاص العمل للَّه شرط في قبول العمل والإثابة عليه، كما سبق في مبحث الإخلاص وصلاح العمل، ولذلك كان هو الحذر كما في أثر السليمي، وهو وصية الصحابة لمن بعدهم من التابعين كما في أثر أبي العالية، ولذلك يقع فيه من قلَّ حذره منه وذلك بنسبة السلامة من السراق في البيت إلى الكلب، ونسبة نزول المطر إلى الأنواء في الشرك والكفر، والمراد بهذا الكفر والشرك هنا الأصغر بنسبة ذلك إلى غير اللَّه وكفران نعمته، وهو من باب الشرك الخفي في الألفاظ، وسمر ذلك أن العبد يتعلق قلبه بمن يظن حصول الخير له من جهته وإن كان صنع له في ذلك، وذلك نوع شرك خفي فمنع من
(1)
تجريد التوحيد (58).
ذلك
(1)
، وهذا يتضمن:"قطع إضافة النعمة إلى من لولاه لم تكن، وإضافتها إلى من لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا، وغايته أن تكون جزء من أجزاء السبب، أجرى اللَّه تعالى نعمته على يده، والسبب لا يستقل بالإيجاد، وجعله سببا هو من نعم اللَّه عليه، وهو المنعم بتلك النعمة، وهو المنعم بما جعله من أسبابها، فالسبب والمسبب من أنعامه، وهو سبحانه قد ينعم بذلك السبب، وقد ينعم بدونه فلا يكون له أثر، وقد يسلبه تسبيبته، وقد يجعل لها معارضا يقاومها، وقد يرتب على السبب ضد مقتضاه"
(2)
.
(1)
انظر تيسير العزيز الحميد (460 - 464).
(2)
إغاثة اللهفان (68).