الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة بيان أهمية أمرين اثنين هما شرطا قبول العمل، وهما تحقيق شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، فإن الآثار السابقة تفيد أهمية الإخلاص في العبادة وهو الشطر الأول من الشهادة، وأهمية الاتباع في صلاح العمل وهو الشطر الثاني منها، وحرص السلف على ذلك، وعلى هذا مدار الإسلام كما قال شيخ الإسلام:"الإسلام مبني على أصلين: أن لا تعبد إلا اللَّه، وأن نعبده بما شرع، لا نعبده بالبدع؛ فالنصارى خرجوا عن الأصلين، وكذلك المبتدعون من هذه الأمة من الرافضة وغيرهم"
(1)
، وقال: "وهو حقيقة قول: لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه؛ فإن الإله هو الذي تألهه القلوب عبادة واستعانة، ومحبة وتعظيما، وخوفا ورجاء، وإجلالا وإكراما، وهو سبحانه له حق لا يشركه فيه غيره، فلا يعبد إلا اللَّه، ولا يدعى إلا اللَّه، ولا يخاف إلا اللَّه، ولا يطاع إلا اللَّه، والرسول هو المبلغ عن اللَّه طاعته، وأمره ونهيه، وتحليله وتحريمه، فهو واسطة بين اللَّه وبين
= "كوفي ثقة"، أما أبو الدهقان فقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 368)، وكذلك البخاري في التاريخ جزء الكنى (8/ 28) رقم (244) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وإنما ذكرا أنه يروي عنه أبو الزنباع.
(1)
منهاج السنة (1/ 481).
خلقه في تبليغ أمره وفيه ووعده ووعيده"
(1)
.
ولذلك حرص السلف كما ورد في الآثار السابقة على جعل الأعمال كلها خالصة للَّه مرادا بها وجهه، ولا يقدمون على عمل حتى يستحضروا النية فيه، ومن هنا كان همهم شديدا لقبول أعمالهم، ولما كان ظهور العمل مظنة الرياء حرصوا على إخفائه، وفضلوا عمل السر على عمل العلانية، واهتموا بإصلاح البواطن والسرائر؛ لأن ذلك يثمر صلاح الظاهر والعلنية، ويرجح الميزان يوم القيامة، قال شيخ الإسلام:"من صلح قلبه صلح جسده قطعا بخلاف العكس"
(2)
، حتى إن بعض الأعمال التي يتركونها أنفة وحياء يخافون من عدم قبولها؛ لكان الإخلاص وأهميته، ويتركون أعمالا أخرى حتى يستحضروا النية فيها، ولا يفعلونها لمجرد جريان العادة، قال شيخ الإسلام:"العمل المجرد عن النية لا يثاب عليه؛ فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة واتفاق الأئمة أن من عمل الأعمال الصالحة بغير إخلاص للَّه لم يقبل منه"
(3)
.
ثم الآثار التي وردت في أهمية التابعة مع الإخلاص فيها بيان واضح أن هذين الأمرين لا بد من اجتماعهما ولا يستغنى بأحدهما عن الآخر، فإن أثر الفضيل المشهور في بيان اشتراط الاتباع والإخلاص في العمل،
(1)
الرد على البكري (1/ 141)، وانظر المجموع (1/ 80).
(2)
المجموع (7/ 9).
(3)
المجموع (22/ 243).
وأثر النباحي في بيان ما يرتفع به العمل إلى اللَّه، وأنه إذا اختل شرط الإخلاص أو المتابعة، لم يرتفع العمل، وقد بيّن ابن القيم رحمه الله التلازم الوارد بين كلمة التوحيد والأعمال الصالحة وارتفاعها إلى اللَّه ومن ثَمَّ قبولها فقال: "الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح، والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع، وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون: الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا اللَّه، فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة، فكل عمل صالح مرضي للَّه عز وجل ثمرة هذا الكلمة. . . وهذه الكلمة الطيبة تثمر كثيرا طيبا كلما يقارنه عمل صالح فيرفع العمل الصالح الكلم الطيب كما قال تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}
(1)
، فأخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب، وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها كل وقت عملا صالحا"
(2)
.
(1)
سورة فاطر، من الآية (10).
(2)
الأمثال في القرآن الكريم (36).