الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع الإسرار فقد اختلف العلماء في صحته فمنهم من يرى أنه صحيح ومنهم من يتوقف؛ لأن الإشهاد مع الإسرار لا يُستفاد به فائدة كبيرة.
الثالث: أن يكون الإعلان بدون إشهاد يعني: يتزوج إنسان لحضور الولي بدون إشهاد، مثل أن يقول: زوّجتك بنتي، فيقول: قبلت، ثم بعد ذلك يُعلن فقد اختلف العلماء في صحته، والراجح أنه صحيح كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لأن الإعلان أبلغ من الإشهاد المجرد، ثم إن الإعلان تحصل به الشهادة، لأن هذا مما يُعلم بالاستفاضة، بقي أن يخلو من الإعلان والإشهاد فالنكاح لا يصح؛ لأنه فقد به الإشهاد الذي به يثبت النكاح والإعلان الذي به يظهر النكاح، فهذه أربعة أقسام في مسألة الإعلان والإشهاد.
اشتراط الولي:
937 -
وعن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» . رواه أحمد والأربعة، صححه ابن المديني، والترمذي، وابن حِبان، وأعله بالإرسال.
قوله: «لا نكاح إلا بولي» ، النفي هنا ليس نفيًا لوجود النكاح، لماذا؟ لأنه قد يوجد النكاح بلا
ولي، قد تُزّوج المرأة نفسها، فإذا تعذر أن يكون النفي نفيا للوجود يُحمل على نفي الصحة؛ لأن انتفاء الصحة عدم شرعي، وقولنا: في الأول: نفي الوجود، يعني: الوجود الحسي، فالأصل في النفي نفي الوجود الحسي، فإن لم يمكن انتقلنا إلى نفي الوجود الشرعي الذي يعبر عنه العلماء بنفي الصحة، فإن لم يمكن، يعنى: بأن دل الدليل على صحة هذا المنفي صار النفي نفيا للكمال، «لا نكاح إلا بولي» نقول: النفي للوجود؟ لا، لماذا؟ لأنه قد يوجد، قد تُزوج المرأة نفسها بلا ولي، نفي الصحة؟ نعم، نفي الكمال؟ لا، لأنه متى أمكن حمل النفي على نفي الصحة كان ذلك هو الواجب؛ لأنه الأصل في النفي، إذن لا نكاح يصح إلا بولي، أي:
بولي يتولى عقده، والولي هو القريب، ويُشترط أن يكون عاصبًا، يعني: القريب من العصبة، أما ذو الأرحام والإخوة من الأم فليسوا من الأولياء، المراد بالولي العاصب. وقوله:«لا نكاح إلا بولي» ، نقول: إن الحكمة من ذلك بأنه لا نكاح إلا بولي هو أن الولي عنده من المعرفة في الأمور ومن بعد النظر ما ليس عند المرأة.
ثانيا: عنده من التأني وعدم الاندفاع ما ليس عند المرأة، أما المرأة فهي قاصرة النظر قريبة النظر كل إنسان يخدعها إما بمظهره أو بلين كلامه أو ما أشبه ذلك، فتنخدع وتقع في الهلكة وهي لا تشعر، فلهذا كان من رحمة الله عز وجل بالمرأة ألا تزوج نفسها، وألا يزوجها إلا الولي.
من فوائد الحديث: عدم صحة النكاح بغير ولي، فالولي إذن شرط في صحة النكاح، ويدل لاشتراطه قول الله تبارك وتعالى:{وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221].
{تُنكِحُوا} فأتى بالفعل الرباعي، ولم يقل ولا تنكحن المشركين، وانظر أول الآية ماذا قال:{وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، لأن الرجل ينكح المرأة بنفسه، أما المرأة فلا تنكح نفسها، ولهذا قال:{ولا تنكحوا} يعني: لا تُنكحوا المؤمنات المشركين حتى يؤمنوا، فأضاف الإنكاح إلى غير المنكوح، ومما يدل على ذلك أيضا قوله تعالى:{وأنكِحُوا الْأَيَامَى} [النور: 32] يعني: اللاتي ليس لهن أزواج، و {الصالحين من عبادكم} يعني: الأرقاء، فإن الرقيق يزوجه سيده، فهنا أضاف الإنكاح إلى غير المنكوحة، فدل هذا على أنه لابد من الولي.
ثالثًا: قوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]. ووجه الدلالة: أنه لو لم يكن الولي شرطا لم يكن لعضله أثر، يعني إذا منع زوجت نفسها ولا تبالي، فلولا أن الولي شرط ما كان لعضله أثر حَتَّى ينهى عنه، فهذه ثلاث آيات من القرآن بالإضافة إلى هذا الحديث، والحكمة من ذلك ما أشرنا إليه، وهو أن المرأة قاصرة، فلا يمكن أن تتولى هذا العقد الخطير الذي يكون معها طيلة حياتها إلا بولي.
ويستفاد من قوله: «إلا بولي» : أنه لابد أن يكون الولي ذا رشد، وجه الدلالة من الحديث: أنه لا يمكن تحقق المصلحة للمرأة إلا إذا كان الولي رشيدا وإلا فما الفائدة؟ ! الذي ليس برشيد وجوده كالعدم. ويُستفاد أيضا: اشتراط أن يكون من ذوي الولاية على المرأة، وعلى هذا فلا يزوج الكافر المسلمة، لماذا؟ لأنه لا ولاية لكافر على مُستلم حتى لو كان أباها فإنه لا يزوجها، وبناء على ذلك لو كان أبوها لا يصلي ولها عم يصلي فالولي العم، أما الأب فلا ولاية له، لأنه كافر، . .والكافر ليس له ولاية على المسلم.
ويُستفاد من الحديث: أنه إذا اجتمع وليان فأكثر قدم الأولى منهما وهو الأقرب، نحن قلنا: