الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على هذا الولي متى أغناه الله أخذه منه، وفي قوله:«وهو له على من غره» إيماء إلى أن الولي إذا لم يكن غاراً، بل هو جاهل بالعيب فإنه يرجع على المرأة؛ لأنها حينئذ هي التي غرت.
969 -
وروى سعيد رضي الله عنه أيضاً: عن علي نحوه، وزاد:«وبها قرن، فزوجها بالخيار، فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها» . «القرن» هو عبارة عن ورم يكون في فرج المرأة فيمنع الوطء، ومعلوم أن ما يمنع الوطء ينافي مقصود النكاح؛ لأن الوطء من أعظم مقاصد النكاح، وهذا الأثر إذا أضيف إلى الذي قبله كم عيباً الآن ذكره المؤلف؟ أربعة وهي: البرصاء، المجنونة، المجذومة، وكذا القرناء، أي: التي بها قرن. هناك عيوب أخرى لم يذكرها المؤلف ألحقها بعض العلماء وجعلوها محصورة في شيء معين، ولكن الصحيح أنها غير محصورة، وأن العيب كل ما ينفر أحد الزوجين عن صاحبه خلقة، وقولنا:«خلقة» احترازاً من الخلق فلو وجدها سريعة الغضب، أو وجدته سريع الغضب، فهذا ليس بعيب، لكن إذا كان خلقة، العمى عيب، الصمم عيب على القول الصحيح، الخرس عيب، العرجاء عيب، ولكن العرج البين، مقطوعة الأصابع والأذن عيب، القدم عيب، ننزل هذا على القاعدة إذا وجد هذا العيب قبل الدخول ففسخ فليس لها شيء إذا وجده بعد الدخول أو الخلوة فلها المهر، ويرجع به على من غره، إذا كانت هي التي وجدت في الزوج هذا إن كان بعد الدخول تفسخ ولها المهر، لكن إذا كان قبل الدخول ففسخت فقال بعض العلماء: ليس لها مهر لا نصف ولا كل، لأن الفرقة جاءت من قبلها، وقال آخرون: بل لها نصف المهر؛ لأن الفراق قبل الدخول إذا كان من قبل الزوج فللزوجة نصف المهر كما قال تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237]. أيهما أرجح؟ هل نقول: إن هذا الفسخ من قبلها لها مهر أو من قبله فلها المهر، قال بعض العلماء: إنه من قبلها؛ لأنها لو شاءت لصبرت عليه، وقال آخرون: بل من قبله؛ لأنه غرها، وهذا القول هو الصحيح، فهي فسخت بسبب، ولا تطيق البقاء مع هذا الرجل المعيب.
حكم العنين:
970 -
ومن طريق سعيد بن المسيب رضي الله عنه أيضا قال: «قضى به عمر رضي الله عنه في العنين، أن يؤجل سنة» . ورجاله ثقات.
«العنين» هو الذي لا يقوى على الجماع، لأنه لا ينتشر معه مثل هدبة الثوب، العنين يؤجل سنة هلالية كاملة من أجل أن تمر به الفصول الأربعة، لأن الرجل قد يضعف عن الجماع في
فصل دون فصل، فإذا مرت به الفصول الأربعة ولم يقو على الجماع دل ذلك على أن فيه آفة وعيباً فلهذا أجله عمر سنة هلالية وليست شمسية، لأن المعتبر في الشرع الأهلة، قال الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِ} [البقرة: 189]. وقال بعض الفقهاء: يؤجل سنة شمسية؛ لأنه لا تكمل الفصول إلا باعتبار السنة الشمسية، الفصول الأربعة تدور على الشمس وليس على القمر، فإذا كان العلة أن تمر به الفصول فقال: لابد أن تكون السنة الشمسية فإذا كانت هلالية نقص الفصل الرابع عشرة أيام، على كل حال: الخلف سهل، ولكن العنة تحدث أو متى ثبت وطؤه مرة واحدة فلا عنة؟ قال بعض العلماء: متى ثبت أنه وطأ هذه المرأة مرة واحدة فلا عنة، لكن القول هذا ضعيف، والصواب أن العنة ربما تحدث ولكن إذا حدثت فإما أن نعلم عدم رجوع القدرة على الوطء، وإما أن نؤمل الرجوع، مثال ذلك: رجل أصيب بحادث وكان قادراً على الجماع قبل الحادث، ولما أصيب بالحادث صار لا يستطيع الجماع، هنا حدثت العنة، فنقول: على القول الراجح لها أن تفسخ، فإن قال الأطباء: إن العجز عن الوطء الآن يمكن أن يزول ويقدر فيما بعد سنة مثلاً، فإن هذه العنة لا توجب الفسخ لأنه ينتظر زوالها. مسألة: هل العقم عيب أو ليس بعيب؟ هذا أيضا مما اختلف فيه العلماء؛ فقال بعض العلماء: إن العقم عيب، يعني: إذا كان الزوج لا يولد له أو كانت الزوجة لا تلد، فإن هذا عيب يوجب الفسخ، وقال بعضهم: العقم ليس بعيب، ولكن إن اشترط الولادة صار العقم فوات صفة مشروطة، والأخير هو المذهب والأول هو الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل لهذا القول بأن من أعظم مقاصد النكاح الولادة؛ ولهذا تجد الزوج أو الزوجة يذهبان كل مذهب من أجل الدواء لحصول الولد؛ ولأن العلماء رحمهم الله قالوا: إنه يحرم العزل عن المرأة بدون إذنها؛ لماذا؟ لأن لها حقاً في الولادة، والعزل في الغالب يمنع الولادة، فالصواب أن العقم عيب، ولكن لو أراد الإنسان أن يخرج من الخلاف فماذا يصنع؟ يشترط يقول: إن بان أنها عقيمة، أو تقول هي: إن بان أنه عقيم فلي الفسخ، فحينئذ يثبت الفسخ قولاً واحداً، ووجه ذلك: ثبوت الاشتراط أولاً.